شكل وصول "سفير" الكيان الصهيوني ديفيد غوفرين، أمس الثلاثاء، إلى العاصمة المغربية الرباط، لتولي منصب القائم بأعمال ممثلية الكيان الصهيوني في المغرب، تأكيدا على مضي هذا الأخير في عملية التطبيع مع الكيان الصهيوني، والتي يرفضها الشعب المغربي. ويأتي وصول ديفيد غوفرين إلى الرباط، كترسيخ وترسيم لعلاقة التطبيع بين الكيان الصهيوني والنظام المغربي، والذي ستتبعه خطوات مماثلة إلى جانب تبادل السفراء، من قبيل تكثيف الرحلات الجوية المباشرة بين الطرفين، ناهيك عن العلاقات التجارية وغيرها، في سياق السجل التاريخي لعلاقات المخزن بالكيان الصهيوني. وجاءت الخطوة، بعد 20 عاما عن إغلاق سفارة الكيان الصهيوني في المغرب، حيث وصف بيان وزارة خارجية الكيان الصهيوني، الذي نشر على "تويتر" ذلك ب"اللحظة التاريخية". وأضاف البيان أن إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع المغرب، وعودة دبلوماسيو الكيان الصهيوني إلى هذا الأخير، هو "يوم عيد" للكيان. وعلى صعيد متصل، نددت، اليوم الأربعاء، جماعة "العدل والإحسان" المغربية، في بيان لها، بوصول السفير الصهيوني ديفيد غوفرين إلى الرباط، لتولي منصب رئيس بعثة بلاده لدى المغرب. وقال بيان الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة التابعة لجماعة "العدل والإحسان"، في حسابها على الفايسبوك إن تاريخ السفير السابق للكيان المحتل لأرض فلسطين، دافيد غوفرين "لا يوازي الوظيفة المعلنة وهي القيام بأعمال، بل هو يأتي للمغرب من منصب سفير للكيان الصهيوني بمصر دام 2016 إلى 2020". وشجبت الهيئة الحدث الذي احتفى به الصهاينة، قائلة إنه "يوم حزن وغضب بالنسبة للشعب المغربي، الذي فُرض عليه هذا الاختيار كما تفرض عليه باقي الاختيارات الشعبية، والتي تمس كرامته وقوته ومستقبله". ومن جهته ندد المرصد المغربي لمناهضة التطبيع بقدوم "سفير" الكيان الصهيوني إلى الرباط بعد قرار "العار التطبيعي الثلاثي، الصهيوني-الأمريكي- المغربي" الذي "فتح الأبواب لمجرمي الحرب الصهاينة ليفخخوا مفاصل البلاد تنزيلا لأجندات تخريبية". وقال المرصد في بلاغ - تناقلته وسائل الاعلام المحلية - "في يوم شؤم و عار على المغرب حل بالرباط سفير كيان الإرهاب الصهيوني تنفيذا لاتفاق العار التطبيعي الثلاثي الصهيو-أمريكي- المغربي الذي شكل نكبة وطنية كبرى متعددة الأبعاد ومشهد ابتزاز ومقايضة مثير للاشمئزاز والسخط والغضب الكبير" . ولم يمثل التطبيع الرسمي العلاقات بين النظام المغربي والكيان الصهيوني، الذي تم الإعلان عنه من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ضمن عملية مقايضة سياسية، سوى الجانب الظاهر من الجليد، لمسار علاقات وروابط بين الطرفين، بدأت منذ فترة، كونه لا يشكل في المحصلة سوى إخراج ما كان قائما في أطر وقنوات غير رسمية، إلى العلن. ولطالما كان للمخزن علاقات غير معلنة مع الكيان الصهيوني، ولديه مصالح عبر مكاتب تمثيل وعلاقات تجارية وعلاقات على مستويات أمنية، فضلا عن توافد اليهود إلى المملكة المغربية، ومن ثم فان ما تم هو ترسيم العلاقة فحسب، علما أن الرباط سبق وأن فتح مكتب الاتصال مع الكيان الصهيوني عام 1994. وجاء إعلان التطبيع رسميا، في ديسمبر الماضي، ليؤكد التسريبات التي سعى المخزن إلى انكارها في السابق، خاصة وأن الكيان الصهيوني عمد إلى وضع الرباط في موقع حرج، بتسريبات في فبراير2020 وسبتمبر2020. وتضمن إعلان التطبيع جانبين، الأول فضح حيثيات "مقايضة" بين النظام المغربي والكيان الصهيوني والولايات المتحدة، على أن يتم التطبيع مقابل الاعتراف بالسيادة المزعومة للمغرب على الصحراء الغربية، وسعت دوائر المخزن إلى نفي ذلك، معتبرة بأنها في غنى عن مثل هذه الصفقة، وأن ذلك سيتعارض مع موقف المغرب الثابت من القضية الفلسطينية، كون العاهل المغربي هو رئيس لجنة القدس. بينما كشف الجانب الثاني من التطبيع، عن قيام المخزن، بنفي تسريبات صهيونية أيضا، بخصوص إقامة خطوط جوية مباشرة، وقبلها في أوت 2020، كان قد أكد سعد الدين العثماني رئيس الحكومة المغربية، رفض بلاده لكل "عمليات التطبيع مع الكيان الصهيوني"، معتبرا أن ذلك "يقدم دافعا للاحتلال لزيادة انتهاكاته بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه"، لكن سرعان ما افتُضح أمر التطبيع للعلن. كما وجب الإشارة إلى أن الإعلان الرسمي عن التطبيع بين المخزن والكيان الصهيوني، وراءه في الواقع عقود من التعاون السري والوثيق في المجالات الاستخباراتية والعسكرية.