اتهم المؤرخ والناشط الحقوقي المغربي، المعطي المنجب، عقب قرار المحكمة الابتدائية بالرباط الإفراج المؤقت عنه الثلاثاء الماضي، البوليس السياسي المغربي (الامن السياسي) بفبركة التهم الكيدية التي نسبت إليه في قضية غسل الأموال. وأكد الناشط المعروف بانتقاداته المباشرة للسلطات المغربية لدى خروجه من السجن على "براءته من التهم الكيدية التي فبركها البوليس السياسي" مرجعا "سبب اعتقاله المباشر، كتابته لمقال أسماه "بنية سرية تهدد سلامة المغاربة" ". وفي تصريح لوكالة "فرانس برس" قال المؤرخ الذي بدا أكثر نحافة من آثار سجنه وإضرابه عن الطعام إن "هذا البوليس السياسي يجب أن ينتهي عمليا من المغرب، نحن نحتاج للأمن وليس للأمن السياسي". وترى العديد من الاطراف المغربية أن الانتهاكات الجسيمة التي تعرض لها الأستاذ منجب، المعروف بكتاباته ومواقفه المنتقدة للسلطة الحاكمة والبوليس السياسي، ليست وليدة اللحظة، بل منذ عام 2015 وهو مستهدف إعلاميا عن طريق "صحافة" التشهير الموالية لأجهزة الأمن، وقضائيا حيث تمت محاكمته بتهمة "المس بسلامة أمن الدولة" رفقة ستة نشطاء آخرين. وهو الأمر الذي أكد عليه منجب في العديد من تصريحاته مبرزا أن الجديد الذي تغير، في إشارة الى سبب الهجوم الأمني الإعلامي العارم عليه وعلى أسرته، هو " تناوله مسألة مديرية مراقبة التراب الوطني المغربي (لا ديستي)" الذي يعتبر فرعا من المخابرات المغربية. وكان منجب قد تطرق الى دورها السياسي المتزايد في البلاد بعد تحول المديرية إلى "بوليس سياسي أكثر وأكثر"، مثيرا في السياق قضية "التجسس عبر برمجية التجسس (بيغاسوس) الذي طورته شركة اسرائيلية، طبقا لمنظمة العفو الدولية، واستخدامها على هاتفه مع تسليط الضوء على دورها في اعتقال الصحفيين، منهم عمر الراضي والتجسس على هاتفه والصحفي سليمان الريسوني الذي أعتقل من قبل 15 عنصرا أمني والتعامل معه على أساس أنه إرهابي. ويأتي إطلاق سراح منجب (60 عاما) بعد ثلاثة أشهر من الحبس التعسفي، تدهورت خلاله حالته الصحية، كادت ان تؤدي به للهلاك والتي تأزمت بعد دخوله في إضراب عن الطعام منذ الرابع مارس الجاري في ظل معاناته من أمراض صحية متعددة (تذبذب القلب، السكري، إلتهاب المفاصل). كما أن قرار الإفراج المؤقت عن منجب ، جاء بعد الحملة الاعلامية لمنظمات حقوقية مغربية ودولية التي مارست ضغوطا على السلطات المغربية لإطلاق سراحه، منتقدة اعتقاله الذي جاء في سياق الهجمة الشرسة التي شنتها السلطة المغربية ضد حقوق الإنسان والحريات. وشجبت العديد من هذه المنظمات طيلة فترة اعتقاله "الانتهاكات القانونية التي طالت هذا الملف، والأسباب السياسية الحقيقية التي قادت إلى اعتقاله بشكل غير قانوني، ومحاكمته بتهم ملفقة لا أساس لها من الصحة، والحكم الانتقامي عليه بسنة حبسا نافذا في المرحلة الابتدائية بخصوص قضية "المس بسلامة أمن الدولة". وقالت الناشطة الحقوقية خديجة الرياضي من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان المستقلة والعضو في "اللجنة الوطنية للتضامن مع معتقل الرأي المؤرخ معطي منجب" لرويترز إن إطلاق سراحه "انتصار له على صموده وإضرابه عن الطعام". واعتبرت أن هذا "انتصار جزئي لأن المطلوب ليس السراح المؤقت وإنما إنهاء متابعته والمضايقات والتحرشات سواء في مجال عمله في الجامعة أو في حياته اليومية، بسبب مواقفه ودفاعه عن حقوق الإنسان". == البوليس السياسي المغربي يتحكم في قرارات وزارة الداخلية== أثارت تصريحات المعطي منجب، غداة خروجه من السجن، حفيظة السلطات المغربية التي وصفت على لسان وزارة الداخلية تصريحاته "بغير المسؤولة" والتي "تسعى لتضليل الرأي العام المغربي والدولي والمس بالصورة الحقوقية للمملكة". غير أن هذه التصريحات أثارت من جهة أخرى العديد من الانتقادات في الأوساط المغربية التي سلطت الضوء من جهتها على الأطراف التي تقف وراء خطوط المؤامرة التي كانت وراء ردة فعل الوزارة. وعليه كان رد الصحفي المغربي علي لمرابط ، حازما حيث ذهب لفضح الأطراف التي دفعت بالوزارة لمثل هذا التصريح قائلا في تغريدة له عبر حسابه الشخصي على "تويتر"، أن وزارة الداخلية تهاجم "المسمى" المعطي منجب وتتهمه ب"اللامسوؤلية وتشويه صورة المغرب" ومع ذلك اذا كان هناك من ذهبت إلى وصفه ب"المسمى" فإن هذا الأمر ينطبق كلية على "الوزارة" التي قال أنها "تخضع لسيطرة البوليس السياسي المغربي". وهنا سلط لمرابط الضوء على السبب الذي دفع بالوزارة للرد على تصريحات منجب، والتي قال انها أثارت غضب "البوليس السياسي المغربي" الذي ذهب لحد "التحكم عن بعد" والدفع بوزارة الداخلية للرد. وعلى ضوء ما تقدم يرى لمرابط في تغريدته أن "منجب تحدث عن هيكل سري(البوليس السياسي) الذي يضم في تشكيلته رجالا من الشرطة والقضاة الى جانب صحفيين يثيرون العديد من المسائل والقضايا من اجل اضطهاد المعارضة في المغرب".