شهدت مدن المغرب امس الاحد موجة احتجاجات جديدة وحالة من الاحتقان والغضب لآلاف المواطنين، خرجوا للتعبير عن رفضهم لإلزامية جواز التلقيح ضد فيروس كورونا كشرط للتنقل بين المدن ودخول المؤسسات العامة وغيرها، فيما ندد ائتلاف حكومي بأساليب الترهيب والاكراه والملاحقات اليومية المستخدمة لفرضه. ففي ظل إجراءات أمنية مكثفة، تظاهر آلاف المغاربة، بدعوة من نشطاء بمنصات التواصل الاجتماعي، مطالبين الحكومة بالتراجع عن هذا القرار. وعاشت العاصمة الرباط على وقع اصوات المنددين بفرض "جواز التلقيح". وعلى الرغم من محاولات القوات الأمنية تفريقهم خاصة عند "باب الحد"، تمكن المشاركون من تنظيم مسيرات متفرقة قرب المكان. وتناقل رواد المنصات الاجتماعية، مقاطع مصورة، تبين منع قوات الأمن، وقفة بمدينة طنجة، ردد فيها المتظاهرون شعارات تطالب بالحق في الاحتجاج وحرية التنقل. كما تظاهر في ظل إجراءات أمنية مكثفة، المئات بكل من الدار البيضاء و أغادير و فاس، حيث تم تفريقهم بعد لحظات من انطلاق الوقفات. و ردد المحتجون هتافات منها: "حرية الاحتجاج حق مشروع" و "حرية، كرامة، عدالة اجتماعية". ورغم عدم معارضة أغلبية مواطني المغرب للتطعيم ضد كورونا، أثار الطابع الإلزامي لجواز التلقيح لولوج المرافق والفضاءات العامة احتجاجات في مواقع التواصل الاجتماعي خصوصا، ودعوات للتراجع عنه. ووقع أكثر من 30 ألف من الحقوقيين والسياسيين عريضة إلكترونية تطالب بإلغاء القرار. وفي 21 أكتوبر المنصرم، بدأ سريان القرار الحكومي يقضي بإبراز "جواز التلقيح" شرطا للتنقل بين المدن ودخول المؤسسات العامة والخاصة والفنادق والمقاهي، وغيرها. وحتى مساء الأحد، بلغت إصابات كورونا في المغرب، 947 ألف و396، منها 14 ألف و713 وفاة. ==ادانة لأساليب الترهيب والاكراه== ندد "الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان" بقرار فرض جواز التلقيح وطالب السلطات المغربية بإلغائه، كما دعا وزير الصحة إلى تقديم اعتذار رسمي أمام البرلمان عن حديثه عن "أقلية و أغلبية" داخل الشعب المغربي. وجاء في بيان صادر عن "الائتلاف"، أمس الأحد، أن قرار فرض جواز التلقيح "تم بشكل قسري و تعسفي على المواطنات والمواطنين، و بأساليب الترهيب والاكراه والملاحقات اليومية التي زعزعت راحة وطمأنينة العديد منهم". ووصف البيان هذا الإجراء الحكومي بأنه "لا دستوري"، مؤكدا على "حق المواطنين والمواطنات في الصحة وفي الولوج لمراكز للاستشفاء والعلاج بالمجان (...) وعلى السلطات العمومية توفير كل الضمانات لهم على قدم المساواة للوصول إليها، و ليس موضوعا للمزايدات السياسوية او لاحتكار وسائل الاعلام". وأدان البيان بشدة تصريحات وزير الصحة أمام البرلمان، عندما تحدث عن "أقلية و أغلبية"، واصفا إياها بأنها "دعوة سياسية لا دستورية تهدف زعزعة و تكسير اللحمة بين المواطنين وزرع الفتنة و تأجيج صراع الطوائف بينهم.. وهو ما يدل على ضعف حسه السياسي و الانساني وضعف وعيه بدوره في تعاطيه مع المؤسسة التشريعية، و مع الاحترام الواجب عليه تجاه المواطنين، وهذا ما يفرض عليه تقديم الاعتذار العلني بالبرلمان للمواطنين". الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان اعتبر ايضا أن مقاربة تدبير ملف الجائحة تتسم بالارتجال وبالفشل، و ب"الخرق السافر للمواثيق الدولية والقانون الداخلي، في جوانبه الحقوقية ذات الصلة بالملاحقات و أحيانا بالاعتقالات وبالمحاكمات، من دون تقدير حقيقي لعواقبه الاجتماعية والقانونية المسيئة و المقيدة لحرية تنقلهم (أي المواطنين)، و على صحتهم وتعليم أبنائهم، وشغل وظائفهم وتنقلهم بكامل الحرية في بلدهم". ودعا البيان كافة مكونات الشعب المغربي المدافعة عن حقوق الإنسان، من هيئات حقوقية و سياسية ونقابية وجمعوية الى "عمل مشترك يروم النضال من أجل التصدي للتراجعات الخطيرة التي تمس الحقوق والحريات، والتي تمثلت أخيرا في فرض جواز التلقيح و حرمان ومعاقبة معارضيه بمنعهم من ممارسة حقوقهم المدنية والاقتصادية اليومية، وتضرب في الصميم المكتسبات التي حققها الشعب المغربي بتضحيات جسيمة".