دعا مجلس السيادة في السودان إلى معالجة الأزمة الراهنة ب"الحوار والتوافق" لتحقيق مهام الفترة الانتقالية, تفاديا للانزلاق نحو مزيد من التصعيد, وسط دعوات لمظاهرات شعبية بهدف إنهاء الوضع الحالي. فبعد يوم واحد من استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك, الذي قال إنه اتخذ قراره بعد فشل مساعيه الأخيرة ولقاءاته مع الشرائح والمكونات السياسية المختلفة للتوصل إلى توافق سياسي يجنب البلاد الانزلاق نحو ما وصفها ب"الفوضى وعدم الاستقرار", أكد القائد العام للقوات المسلحة رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان, على ضرورة تشكيل "حكومة مستقلة ذات مهام محددة يتوافق عليها جميع السودانيين في هذا الظرف التاريخي" الذي تمر به البلاد. ودعا البرهان - في تصريح أمس نقلته وكالة الأنباء السودانية - إلى "ضرورة العمل على تحقيق مهام الفترة الانتقالية التي تتمثل في تحقيق السلام وبسط الأمن, ومعالجة قضايا معاش المواطنين, واجراء الانتخابات", مشددا على أن تحقيق هذه الأهداف "يحتاج إلى تلاحم الشعب السوداني, إعلاء لمصالح الوطن العليا والابتعاد عن المصالح الحزبية الضيقة". وحسم حمدوك, أمر استقالته من رئاسة مجلس الوزراء بعد أكثر من شهرين من توقيعه اتفاقا سياسيا مع رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان في 21 نوفمبر الماضي, بعدما كان الأخير قد أطاح بحكومته وجمد بعض بنود الوثيقة الدستورية في 25 أكتوبر المنصرم. وقال حمدوك, الذي لم ينجح في تشكيل حكومة مع استمرار الاحتجاجات: إن "هناك حاجة إلى حوار حول مائدة مستديرة للتوصل إلى اتفاق جديد للانتقال السياسي إلى الديمقراطية في السودان". و في وقت سابق, دعا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس, أطراف الأزمة السياسية في السودان إلى معالجة انعدام الثقة وإيجاد أرضية مشتركة لمسار متفق عليه بشكل متبادل للخروج من الأزمة الحالية. وقال بيرتس, في رسالة تهنئة للسودانيين بمناسبة الذكرى 66 لاستقلال السودان: "يجب معالجة انعدام الثقة بين جميع الأطراف بشكل عاجل بهدف إيجاد أرضية مشتركة لمسار متفق عليه بشكل متبادل للخروج من الأزمة الحالية". مظاهرات مرتقبة وبالموازاة مع دعوة مجلس السيادة إلى معالجة الأزمة في البلاد ة ب"الحوار والتوافق", يرتقب أن تشهد الخرطوم العاصمة السودانية اليوم أيضا, مظاهرات دعت إليها لجان مقاومة "أمبدة" في أم درمان وانضم إليها "تجمع المهنيين السودانيين" ببيان دعا فيه بقية لجان المقاومة للخروج والاتجاه نحو القصر الرئاسي وتبني شعار "المدنية". وتعد هذه المظاهرة الأولى بعد استقالة حمدوك. ويأتي ذلك بينما أعلنت اللجنة الفنية لمجلس الأمن والدفاع أمس إغلاق كل الجسور الرابطة بين ثلاثة مدن عدا جسري الحلفايا وسوبا اللذان يبعدان عن وسط الخرطوم. وكانت الشرطة السودانية أعلنت الجمعة, عن مقتل 4 متظاهرين وإصابة 297 متظاهرا و49 شرطيا في تظاهرات شهدتها الخرطوم ومدن أخرى الخميس. وبالموازاة مع الاحتجاجات التي تشهدها شوارع السودان يتواصل التفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي, وكان السؤال الأبرز على هذه المنصات عقب إعلان استقالة حمدوك "ماذا بعد؟", للتعبير على مخاوف من سيناريوهات الفترة المقبلة. وأشار سياسيون ومحللون سودانيون إلى جملة التراكمات والتحديات التي تواجه السودان, والتي أقرها حمدوك في خطاب الاستقالة, وأبرزها صعوبة التوصل إلى توافق المكونات السياسية. وقال القيادي السابق الشفيع خضر, في تصريح إن "الخلاف القائم لن تحله استقالة حمدوك, وأن الموقف الآن يتطلب تداعي الجميع للوصول إلى حل يوفر مخرجا آمنا" داعيا "للبحث عن سيناريو يعالج صيغة الشراكة التي فشلت خلال الفترة الماضية". كما ذكر حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي - في منشور على فيسبوك - إن "استقالة حمدوك واحدة من تجليات الأزمة السياسية والاجتماعية المتراكمة التي لم تفهمها القوى السياسية, وأضاف مناوي "ما زال المشوار طويلا. لا بديل للحوار والاعتراف بالبعض". أما المحلل السياسي عثمان فضل الله, فقال إن "سيناريو الانتخابات يبدو واردا, ولكنه سيكون بدون إجماع وطني مما سيفاقم من الأزمة السياسية القائمة وسيطيل من أمدها". ويشهد السودان أزمة سياسية عاصفة منذ أن أعلن البرهان إجراءات في 25 أكتوبر الماضي تضمنت إعلان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء. ولم يفلح الاتفاق السياسي الموقع في 21 نوفمبر الماضي بين البرهان ورئيس الوزراء عبدالله حمدوك في تهدئة الشارع.