تتجه الأزمة الأوكرانية-الروسية نحو مزيد من التصعيد إثر اعتراف موسكو, ليلة الاثنين باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين عن أوكرانيا, فيما ندد غالبية أعضاء مجلس الأمن الدولي عقب اجتماع طارئ, بالقرار, و دعوا إلى تشديد العقوبات ضد روسيا. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين, قد أعلن مساء الاثنين اعتراف بلاده باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين عن أوكرانيا, ووقع على مرسومين بهذا الشأن. وفي خطاب ألقاه بهذه المناسبة, قال بوتين: "إن الوضع في دونباس بات يتسم بطابع حاد وخطير من جديد", معتبرا أن شعب المنطقة يتعرض ل"إبادة جماعية" من قبل "النظام القومي في كييف الذي استولى على السلطة جراء انقلاب 2014". ووجه الرئيس الروسي, القوات المسلحة في بلاده بضمان السلام في جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين حيث يقضي المرسومان اللذان وقعهما بوتين للاعتراف بالجمهوريتين ب"تنفيذ القوات المسلحة الروسية مهمات ضمان السلام" في أراضي كل من دونيتسك ولوغانسك استجابة لطلبات في هذا الشأن من قبل رئيسيهما, دينيس بوشيلين ودينيس باسيتشنيك, وبموجب اتفاقي الصداقة والتعاون والمساعدة المتبادلة المبرمين معهما. وذكرت تقارير صحفية أن أرتالا عسكرية روسية عبرت الحدود باتجاه دونيتسك ولوغانسك شرق أوكرانيا, كما نقل عن وسائل إعلام روسية أن قافلتين عسكريتين توجهتا إلى المنطقتين. الدعوة إلى قمة طارئة عقب القرار الروسي وعقب الإعلان عن قرار الرئيس الروسي, توالت ردود فعل العواصم الغربية المنددة والمطالبة بتشديد العقوبات على روسيا. وفي السياق, ندد غالبية أعضاء مجلس الأمن الدولي خلال جلسة طارئة في وقت متأخر أمس الاثنين, بقرار اعتراف روسيا باستقلال دونيتسك ولوغانسك. الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي اتهم روسيا ب"تدمير" محادثات السلام, وقال في خطاب إلى شعبه في الساعات الأولى من صباح اليوم : "إن أوكرانيا ملتزمة بالسلام والدبلوماسية بعدما اعترفت روسيا رسميا باستقلال منطقتين انفصاليتين". و أضاف أنه ينتظر خطوات "واضحة وفعالة" من الحلفاء للتحرك ضد روسيا, ودعا إلى قمة طارئة لزعماء أوكرانياوروسيا وألمانيا وفرنسا وهو ما يسمى ب(صيغة نورماندي) والتي تم إنشاؤها عام 2014 لحل النزاع في أوكرانيا. من جانبه, قال البيت الأبيض إنه توقع خطوة كهذه من روسيا, وإنه مستعد للرد عليها فورا, وإنه سيواصل التشاور عن كثب مع الحلفاء والشركاء - ومن بينهم أوكرانيا - بشأن الخطوات التالية وبخصوص التصعيد الروسي المستمر على حدود اوكرانيا. وكشف البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي جو بايدن, وقع أمرا تنفيذيا يحظر على الأمريكيين القيام بأنشطة اقتصادية في دونيتسك ولوغانسك. من جهته, ندد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون, بالقرار الروسي معتبرا ذلك "انتهاكا صارخا لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها". وبدوره أدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قرار بوتين الاعتراف بالمناطق الانفصالية شرقي أوكرانيا. وبهذا الخصوص قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين, ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل - في بيان مشترك - إن "اعتراف روسيا بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا ككيانين مستقلين, سوف يؤدي إلى فرض عقوبات من الاتحاد الأوروبي". و أضافا أن "هذه الخطوة تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي وكذلك لاتفاقيات مينسك, وسيرد الاتحاد بفرض عقوبات على المتورطين في هذا العمل غير القانوني". كما أدان الأمين العام لحلف الشمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ, الاعتراف الروسي حيث جاء في بيان له: "أدين قرار روسيا الاعتراف بجمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوغانسك الشعبية المعلنتين من جانب واحد", و أضاف أن "ذلك يقوض بشكل إضافي سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها, ويضعف الجهود الرامية لحل النزاع, وينتهك اتفاقيات مينسك التي تعد روسيا طرفا فيها". بدورها قالت وزارة الخارجية التركية في بيان إنه "لا يمكن قبول القرار الروسي الأخير إذ يتعارض مع اتفاقيات مينسك, ويشكل انتهاكا للسيادة والوحدة السياسية والجغرافية لأوكرانيا". ودعت كافة الأطراف المعنية ل"ضبط النفس والالتزام بالقانون الدولي". كما ألغى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس, الاثنين في اللحظات الأخيرة, زيارة كان مقررا أن يقوم بها إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية وقرر العودة سريعا إلى نيويورك بسبب تأزم الوضع في أوكرانيا, وفق ما أعلن المتحدث باسمه.