لم تجد وزارة التربية المغربية من مفر لتعليل الواقع المر للقطاع بالقرى, سوى تعليقه على شماعة اضرابات الاساتذة الذين تواصل إدارة ظهرها لمطالبهم المشروعة, مما قد يصعد من الأوضاع. ففي ردها على التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات, الذي كشف عن ضعف مستوى التمدرس لدى تلاميذ العالم القروي, أرجعت الوزارة هذا الواقع إلى "الغيابات المتكررة لأساتذة أطر الأكاديميات الذين يخوضون إضرابات منذ سنة 2018", بدل الحديث عن حل لملفهم و استجابة لمطالبهم ووقف لعمليات القمع الذي يتعرضون له, تمكنهم من العودة إلى التدريس. كما ردت الوزارة على الملاحظات التي أوردها المجلس بشأن "خروقات" عملية توزيع مليون محفظة, مشيرة أنها (أي العملية) تعرف "بعض الصعوبات" خاصة في العالم القروي, بسبب "البعد والتشتت الذي يطبع المؤسسات التعليمية وخاصة الفرعيات". وتجاهلت الوزارة - و هي تعلل وضع التعليم بالعالم القروي بأسباب مجانبة للصواب - أن تقارير رسمية مماثلة أصدرت قبل تاريخ بدء الاساتذة لإضراباتهم وعلى مدى سنوات سابقة, بينت التدهور الحاصل في هذا القطاع. فقد سبق و أن تحدثت تقارير رسمية عن وضعية المدرسة المغربية والتعليم بالمملكة ومنه التعليم بالعالم القروي, و أكدت أن هذا القطاع في المغرب ظل منذ الاستقلال سنة 1956 "متواضعا إن لم نقل متدنيا من حيث الجودة ولم تفلح الاصلاحات المتعاقبة في حل المشكلة التي ظلت قائمة و استعصى حلها على كل الحكومات التي تعاقبت على تدبير قطاع التعليم في المغرب خلال ستين سنة بعد الاستقلال". وحذرت أوساط مغربية من أن الاستهداف الجديد للوزارة لأساتذة التعاقد وتحميلهم مسؤولية الوضع المتدني للتعليم بالقرى, يهدد بفتح جبهة أخرى وعلى نطاق أوسع في الصراع بين الجانبين. يجري ذلك في وقت لازال الغضب على أشده في أوساط الاساتذة المتعاقدين الذين قرروا تمديد إضرابهم, ورفضوا أي حوار مع الوزارة الوصية لغاية إطلاق زملائهم المعتقلين وإسقاط المتابعات والاحكام الجائرة بحقهم. وفي هذا الصدد, أكد عضو لجنة الاعلام الوطنية بالتنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد, محمد بوسريد, أنه "لا مجال لفتح باب الحوار مع الوزارة, قبل تبيان حسن نواياها تجاهنا بإسقاط المتابعات والأحكام الجائرة في حق جميع الأساتذة". ودفع تغاضي الحكومة عن حل ملف الأساتذة أطر الأكاديميات أو ما يعرف لدى عامة المغاربة ب"أساتذة التعاقد", إلى إعلان التنسيقية عن تمديد جديد للإضراب الوطني, إلى غاية نهاية الأسبوع الجاري, قبل الدخول مجددا في إضراب الأسبوع المقبل في الفترة ما بين 23 و 26 مارس. وبذلك يستكمل أساتذة التعاقد حوالي أربعة أسابيع من الإضراب المتواصل والمصحوب باحتجاجات وطنية وجهوية وإقليمية, جددوا خلالها تأكيدهم على تشبثهم بالإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية. ومنذ 28 فبراير الماضي, يضرب الأساتذة عن العمل للتنديد بتعرض مسيرات نظموها في العاصمة الرباط, للمطالبة بالإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية, إلى "القمع" وتوقيف عدد منهم. ويبلغ عدد الأساتذة المتعاقدين بالمغرب أكثر من 100 ألف, بحسب أرقام وزارة التربية.