لازالت حالة الاحتقان تطبع المشهد في قطاع التعليم بالمغرب, في ظل استخفاف وتماطل السلطات في حل المشاكل العالقة التي تلازم هذا القطاع الهام, منذ عدة أشهر, وإقدامها مرة أخرى على اصدار أحكام قضائية بحق أساتذة فرض عليهم التعاقد, لأنهم طالبوا بحقهم في التوظيف الكامل والإدماج المباشر في سلك الوظيف العمومي فضلا عن مطالب أخرى تحفظ كرامة الأستاذ. وفي تصعيد للاحتجاجات, ورفضا للانتهاكات المتواصلة بحق كرامة أستاذات واساتذة التعليم, أعلنت "الجامعة الوطنية للتعليم" (التوجه الديمقراطي) الدخول في "أسبوع غضب احتجاجي" اعتبارا من يوم غد الاثنين وإلى غاية ال19 مارس الجاري, منددة ب "التماطل في حل المشاكل والقمع غير المبرر المسلط على الاحتجاجات" التي ينظمها مهنيو القطاع منذ مدة دون ايجاد آذان صاغية لمطالبهم المشروعة, و للمطالبة بإسقاط الأحكام ورفع كل المتابعات ضدهم. وقالت الجامعة, في بيان أصدره المجلس الوطني الاستثنائي في ختام اجتماع عقده مساء أول أمس الجمعة : "إن الأحكام الجائرة الصادرة بحق 45 من أساتذة التعاقد وما سبقها من حملة اعتقالات والتضييق عقب الإنزال الوطني الذي نظموه بداية شهر مارس الجاري, تندرج ضمن +الحملة المسعورة+ على كرامة رجال ونساء التعليم والعدوان على الحريات النقابية والحقوق الديمقراطية التي زاد انتهاكها منذ خفوت حركة 20 فبراير". واعتبرت الجامعة, أن الأحكام الصادرة والاعتقالات والمتابعات في صفوف أساتذة "التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد", "ما هي إلا محاولات تحجيم احتجاجات المتعاقدين وإخراس الأصوات المطالبة بالحق في الشغل والسكن والتعليم والكرامة". واستنكرت في هذا الإطار, "حملات الاعتداء والتنكيل والاعتقالات والمحاكمات غير المسبوقة", التي طالت نساء ورجال القطاع, و"الأحكام الجائرة والقاسية" الصادرة ضدهم, مطالبة بإسقاط الأحكام ورفع كل المتابعات ضدهم. وأكدت أن - ما وصفته ب "العدوان" على رجال ونساء التعليم - "استخفاف بكرامتهم ومس خطير بصورة الوطن وتبخيس مقصود للتعليم العمومي والخدمة العمومية ...". وفضلا عن "أسبوع الغضب الاحتجاجي" الذي يتضمن أشكالا احتجاجية متنوعة, قررت "الجامعة الوطنية للتعليم" تنظيم إضرابا وطنيا عاما يومي 17 و18 مارس الجاري, مصحوبا بوقفات أمام المديريات الإقليمية والأكاديميات في ثاني أيام الإضراب, احتجاجا على "التماطل" في حل المشاكل و"القمع المسلط" على الاحتجاجات وللمطالبة بوقف المتابعات القضائية بحق مهنيي القطاع. من جهتها أعلنت " التنسيقية الوطنية لأساتذة الزنزانة 10", عودتها للاحتجاج بإعلان إضراب وطني أيام 16, 17, 18 مارس الجاري, مصحوبا بوقفة أمام مقر وزارة التربية الوطنية في اليوم الثاني من الإضراب, ومسيرة احتجاجية, رفضا لما سموه ب " تماطل الوزارة الوصية وعدم جديتها في انصاف مطلب فئات واسعة من موظفي القطاع". وعادت "التنسيقية الوطنية لأساتذة الزنزانة 10" لإعلان إضراب وطني لمدة 72 ساعة , بعد نجاح الإضراب والوقفة الاحتجاجية التي نظمتها رفقة التنسيقية الوطنية للمقصيات والمقصيين من خارج السلم واللجنة الوطنية لضحايا النظامين 1985 و2003, نهاية شهر فبراير المنصرم. أحكام جائرة بحق أساتذة التعاقد وتضامن واسع مع مطالبهم ويأتي هذا التصعيد في قطاع التعليم في المغرب عقب إصدار المحكمة الابتدائية بالرباط يوم الخميس الماضي, أحكاما بحق 45 من الأساتذة المتعاقدين, تتراوح بين ثلاثة أشهر حبسا نافذا وشهرين حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 1000 درهم ( 103 دولار أمريكي) وذلك على خلفية تنظيمهم وقفات احتجاجية دعوا فيها إلى إلغاء التعاقد معهم ومساواتهم في التوظيف مع غيرهم من كوادر التعليم في البلاد. وتتعلق التهم الموجهة للمدرسين ب"التجمهر بغير رخصة, وخرق حالة الطوارئ الصحية, وإيذاء رجال القوة العمومية أثناء قيامهم بوظائفهم وإهانة القوة العمومية بأقوال بقصد المس بشرفهم ...". واعتبرت الاستاذة نزهة ماجدي, المدرسة المحكوم عليها بالسجن النافذ أن الحكم "جائر وخرق سافر لحقوق الانسان", وأنه "وسام شرف على صدور الأساتذة ممن يناضلون لإسقاط مخطط التعاقد" مضيفة: "إذا كنا سندفع ثمن ممارستنا حقوقنا الدستورية فنحن مستعدون لذلك". ويطالب "أساتذة التعاقد" في المغرب بالدمج في نظام الوظيفة العمومية والتمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها الأساتذة المدمجون في هذا القطاع . ويعتبرون أنهم ضحية لانعدام مبدأ المساواة بينهم وبين زملائهم "النظاميين" فيما يتعلق بالترقية بالشهادات, حيث لا يسمح للأساتذة المتعاقدين باجتياز المسابقات كتلك المتعلقة بالمناصب التحويلية في الجامعات, بينما يسمح لزملائهم الآخرين باجتيازها. وتطالب التنسيقية بترقية أعضائها المستوفين لشرط 14 سنة من الأقدمية العامة إلى الدرجة الأولى, مع جبر الضرر الإداري والمادي والمعنوي مماثلة بخريجي السلم العاشر. وقد لقيت الأحكام الصادرة بحق أساتذة التعاقد, استنكارا وإدانة وتضامن لدى مختلف شرائح المجتمع المغربي الذي وصف تلك المحاكمات بأنها "صورية وجائرة" .