أبرز الباحث بمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران" كراسك " ، الدكتور نوار فؤاد، أن تعديل وتتميم بعض أحكام القانون رقم 90-14 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي يسمح بتكييف العمل النقابي مع التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي عرفتها البلاد. وقال الدكتور نوار، في حديث مع (وأج) بمناسبة يوم العمال العالمي، " أعتقد أن إعادة فتح النقاش مؤخرا حول هذا القانون، والذي يدخل ضمن التزامات برنامج رئيس الجمهورية، يأتي لتدارك تأخر ملاءمة قانون ممارسة الحق النقابي مع التغيرات في بنية اليد العاملة في الجزائر اليوم بعد ثلاثين سنة من صياغته وكذا البحث عن ملاءمته مع التوصيات الدولية لمنظمة العمل الدولية و تحقيق الأهداف المرتبطة بالتنمية المستدامة (2015-2030)". وذكر الباحث، الذي يشغل منصب مدير قسم انثروبولوجية التربية وأنظمة التكوين ب"الكراسك" أن قانون ممارسة الحق النقابي في الجزائر يضمن تأسيس المنظمات النقابية لكن هذا الوضع فرض إعادة مناقشة مسألة "تمثيلية القواعد النضالية" في ظل تعقد واقعها، والنأي بالعمل النقابي عن العمل السياسي الحزبي. ممارسات الحق النقابي أضحت ممارسة قطاعية وفئوية لفت الباحث، الذي يهتم بمسائل سوسيولوجية العمل والتشغيل والإدماج المهني، إلى أن بعض الدراسات التي يجريها مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية أظهرت "أن ممارسات الحق النقابي في الجزائر خلال العشر السنوات الأخيرة أضحى ممارسة قطاعية وفئوية في العموم خصوصا ضمن "النقابات المسماة مستقلة". وأضاف أن ذلك يخص بدرجة كبيرة قطاعات النشاط التي تنتمي للوظيفة العمومية أساسا والتي تشهد تناميا في توظيف الموظفين (خصوصا التربية والصحة)، وتنحو ضمنها مسلكا فئويا بحيث تسعى كل فئة مهنية لتمثيل نفسها عن طريق نقابة فئوية (نقابة مدراء التعليم، نقابة الأساتذة...)، في حين يغيب عن مشهد التمثيل النقابي الجديد العامل الصناعي والذي يبقى تمثيله لدى الاتحاد العام للعمال الجزائريين عموما. كما لاحظ الباحث أن مسألة ممارسة الحق النقابي تطرح مفارقات أخرى عندما تتعارض مع حقوق فئوية أخرى متسائلا كيف يمكن ضمان الحق في ممارسة الحق في الإضراب دون المساس بحق التلاميذ في التمدرس (حق يضمنه الدستور وتضمنه التشريعات التي تحمي الطفولة في الجزائر)، وكيف يمكن ضمان الحق في ممارسة الحق في الإضراب في قطاع الصحة في الوقت الذي يكفل القانون الجزائري الحق في الرعاية الصحية؟ وخلص الدكتور نوار إلى أن هذه المفارقات تحتاج إلى "نقاش سياسي واجتماعي عميق حول مسألة تسيير الاحتجاجات وممارسة الحق النقابي المسؤول وعلاقته بتسيير الشأن العام والمصلحة العامة "، مشيرا إلى أن الممارسة النقابية في حاجة إلى تعميق الدراسات السوسيولوجية حولها وحول فاعلها من أجل ضمان تتبع رهاناتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.