* email * facebook * twitter * linkedin أكد كل من رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية، إلياس مرابط، والناشط النقابي بقطاع التربية مسعود عمراوي، ل "المساء"، أمس، أن الضامن الأساسي لتجسيد حق الممارسة النقابية الكاملة في الميدان، مثلما يكفلها الدستور الحالي وتكفلها المسودة المطروحة للنقاش العام، هو الإرادة السياسية التي لابد، حسبهما، أن تفتح صفحة جديدة مع الشركاء الاجتماعيين، تكون بدايتها بعقد جلسات استماع وحوار مع الحكومة، مع رفع جميع العراقيل التي تحول دون ممارسة هذا الحق.. وفي حديثه عن الإشكالية المطروحة في الممارسة الميدانية للحريات النقابية في الجزائر وآمال تحسينها مستقبلا في ظل التعديل الدستوري المرتقب، يقول الياس مرابط، رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية، التابعة لكنفيدرالية النقابات الجزائرية المستقلة، إن "الفرق الذي يمكن أن تحدثه مسودة الدستور في هذا الشأن، يكمن في التأكيد على الإرادة السياسية، التي لابد أن تكون، حسبه، متوفرة من القمة إلى القاعدة، مشيرا في هذا الخصوص إلى أن تعهدات رئيس الجمهورية بكفل الحريات النقابية، "لن تطبق بالضرورة، مالم يتم التجسيد الفعلي لهذا الحق على مستويات متتالية في سلم المسؤوليات"، وذلك بالنظر إلى أن الكثير من الوسطاء يعتبرون المعرقلين الحقيقيين لعمل النقابات الحرة، على حد تعبيره. ويرى مرابط، أن أهم مؤشرات الإعلان عن النية الحسنة لتطبيق الحقوق النقابية الواردة في مسودة الدستور، هي النوايا الحسنة التي تلمس مثلا من خلال فتح الوزارات لأبوابها أمام الشركاء الاجتماعيين، من أجل دراسة المشاكل القطاعية والبحث عن الحلول بصفة مشتركة لتسويتها، خدمة للقطاع، "كون العمال هم الركيزة الأولى في الدفع باي قطاع إلى الأمام". كما يتوجب، حسب ممثل نقابة ممارسي الصحة العمومية، أن "يتخلى المسؤولون عن الممارسات السابقة وأن يكون هناك توجه عام يكرس المبادئ الأساسية للحقوق النقابية ويعيد للشركاء الاجتماعيين دورهم الكامل بعيدا عن سياسة التهميش والإقصاء ولي الأذرع، سواء بالتهديد أو القمع أو باستعمال العدالة"، مقدرا بأن تحقيق هذه العوامل سيحدث انسجاما مع التغيير المنشود لبناء جزائر جديدة. ويستشهد المتحدث بالدور الكبير الذي لعبه ولايزال يؤديه مهنيو قطاع الصحة، في ظل استمرار الأزمة الصحية التي سببها تفشي وباء كورونا، "حيث ضحوا بحياتهم وبأسرهم من أجل الصالح العام، ما دفع بالسلطات العليا في البلاد إلى إعادة الاعتبار لهم وتلبية جزء من انشغالاتهم"، مضيفا في هذا الصدد بأن تلبية الوصاية لجزء من الانشغالات السابقة لمهني الصحة، يعكس صدق الانشغالات التي رفعها مستخدمو هذا السلك قبل الأزمة الوبائية وكذا جديتها وأهميتها في تطوير القطاع، قبل أن يخلص إلى أن هذه الانشغالات التي تم التكفل بها تعتبر عينة عن المطالب النقابية التي ترفع هنا وهناك كونها تعبر في مجملها عن احتياج حقيقي يتعين على الجهات الوصية التكفل به في الوقت المناسب وليس نكرانه.. من جهته، ينطلق الناشط النقابي بقطاع التربية الوطنية مسعود عمراوي، من نفس زاوية تحليل زميله في كنفيدرالية النقابات المستقلة في موضوع الحريات النقابية في مسودة الدستور والآمال التي يعلقها النقابيون على هذا التعديل المرتقب، حيث أكد في تصريح ل"المساء"، أن الضامن الأساسي للحريات النقابية هي الإرادة السياسية التي يتعين أن ترافق المبادئ، مستشهدا بالممارسات السابقة التي عانى منها عمال القطاع عامة والنقابيون على وجه خاص، ومنها التضييق الذي يتناقض وفحوى الحقوق التي تكفلها التشريعات من مواد دستورية وقوانين عضوية. وذكر المتحدث، بأن الحريات النقابية مكفولة دستوريا في المحور المتعلق بالحقوق والحريات. وأشار إلى أن الفصل الرابع من مسودة الدستور المتعلق بالحقوق والحريات يضمن مثلا، الحقوق والحريات الفردية والجماعية التي يتوق إليها المواطن الجزائري والمعروفة في دساتير الدول المتقدمة، مع إضافة تتعلق بآليات حماية الحريات والحقوق المكرسة في الدستور، وضمانات تطبيقها ميدانيا. وقدر محدثنا في نفس السياق، بأن مسودة الدستور اعترفت بحق ممارسة العمل النقابي سواء في قطاع الوظيفة العمومية أو في القطاع الاقتصادي، حيث استشهد بمضمون المادة 72 التي تنص على أن "الحق النقابي معترف به لجميع العمال.. يضمن القانون ممارسة هذا الحق.. يمكن لمتعاملي القطاع الاقتصادي أن ينتظموا ضمن منظمات أرباب العمل في إطار احترام القانون". وأضاف أن المادة 73 تعترف هي الأخرى بحق الإضراب وتنص على أن "الحق في الإضراب معترف به، ويمارس في إطار القانون.. يمكن أن يمنع القانون ممارسة هذا الحق، أو يجعل حدودا لممارسته في ميدان الدفاع الوطني والأمن أو في جميع الخدمات أو الأعمال العمومية ذات المنفعة الحيوية للأمة".وتأسف النائب مسعود عمراوي الذي ينشط في إحدى أهم الفروع النقابية لقطاع التربية الوطنية "إمباف"، لكون الفقرة الثانية من المادة 73 يمكن أن تمنع حق الإضراب، "وهذا هو الجديد في الدستور بالنسبة للحق في الإضراب"، إذا يمكن، حسبه، منع هذا الحق تحت أية ذريعة من الذرائع، بالرغم من أن الدستور اعتبر الإضراب حقا مشروعا. كما أشار المتحدث إلى أنه بالعودة إلى القانون 90/02 المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية وحق الإضراب، نلاحظ بأنه يستحيل على أي تنظيم نقابي في قطاع الوظيف العمومي ممارسة الحق الدستوري في الإضراب، مما يستوجب، برأيه، إجراء تعديلات على هذا القانون وكذا على المرسوم التنفيذي 17/301 المحدد لكيفيات عزل الموظف بسبب إهمال المنصب، الذي اعتبره "مصدر تخويف". وخلص عمراوي في الأخير إلى التأكيد على أن الأساس في ممارسة الحريات النقابية، يكمن في الضمانات المقدمة لتحقيق مواد الدستور وتطبيق القوانين، ويتعلق الأمر حسبه، بالإرادة السياسية "التي يجب أن تنسجم ومطالب التغيير الذي تنشده النقابات".