فشلت قوات القمع المخزنية في تفريق المحتجين التابعين للجبهة الاجتماعية المغربية الذين اكتسحت بهم شوارع الدار البيضاء مساء أمس الاحد للتعبير عن غضبهم ورفضهم لثالوث القمع والتطبيع وغلاء الأسعار. وبثت العديد من مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات للاحتجاجات التي تخللها إلقاء كلمات من طرف نشطاء في الجبهة، استنكروا تواصل القمع بالموازاة مع غلاء الأسعار، دون وجود مخططات واضحة من طرف الحكومة بالرغم من حصولها مؤخرا على قرض يقدر ب350 مليون دولار من البنك العالمي لمساندة ودعم الاقتصاد الأزرق، فيما تتسع رقعة الفقر بين المواطنين المغاربة نتيجة الأزمة الإقتصادية الخانقة. وعلى الرغم من ضرب القوات المغربية حصارا أمنيا مشددا أمام مقر نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل والشوارع المحاذية له، إلا أن هذا التدخل الأمني القوي لم يمنع المحتجين من التعبير عن غضبهم من غلاء المعيشة وتقييد الحريات والتطبيع مع الكيان الصهيوني. وعبر المشاركون في الوقفة الاحتجاجية عن رفضهم لغلاء المعيشة، وهو ما يتجلى من خلال مستوى التضخم الذي ينتظر أن يصل في العام الحالي إلى أكثر من 4 في المائة. وردد المتظاهرون عدة شعارات تعبر عن رفض الوضع المتردي والتطبيع، ومن بينها "عاش الشعب عاش عاش.. هذا الشعب ماشي أوباش"، "الدولة حقارة .. هكذا حال الفقراء" ، "رافضون رافضون لقضاء التعليمات"، "الدولة ميسورة.. جماهير مقهورة" و "التطبيع خيانة.. فلسطين أمانة". وانتقد المشاركون سعي الأجهزة الأمنية قمع هذه التظاهرات، حيث تدخلت بقوة لتفريقهم إلا أن إصرار المتظاهرين الذين تجمعوا بأعداد كبيرة أفشل التدخل الأمني، لترتفع الحناجر بترديد شعارات "هذي الدولة قمعية، نكارة للحرية والشعب الضحية"، "واهيا واهيا اللي حاكمينا مافيا" و "باي باي زمان الطاعة، هذا زمان المواجهة". وفي كلمة له خلال الوقفة، أكد المنسق الوطني للجبهة الاجتماعية أن "منع المسيرة لن يحول دون مناهضة ارتفاع الأسعار والتطبيع". هذا وكانت قضية مناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني حاضرة بقوة في الوقفة، حيث رفعت الأعلام الفلسطينية وصور الصحافية شيرين أبو عاقلة التي اغتالتها قوات الاحتلال، بينما عمد مشاركون إلى إحراق العلم الصهيوني. كما طالب من جهته اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بمراجعة اختيارات الحكومة القائمة وتصورها الذي يتبنى التقشف، ووضع حد لموجة الغلاء و ارتفاع أسعار المواد الأساسية والمحروقات، والتوجه نحو ضمان الأمن الغذائي والطاقة. == القمع و التضييق على الحقوق و الحريات، اختيار ممنهج يستهدف كل من أختار النضال == وإثر قرار السلطات المغربية منع المسيرات الاحتجاجية، أصدرت الجبهة الإجتماعية المغربية بيانا قبل احتجاجات أمس، نددت فيه بقرار المنع التعسفي الذي صدر يوم الخميس الفارط، "بمبرر الحفاظ على الأمن و النظام العامين". وأكدت الجبهة في بيانها أن "هذا المنع التعسفي يؤكد بالملموس إصرار الدولة على مقاربتها الأمنية و يكشف أن القمع و التضييق على الحقوق و الحريات، اختيار ممنهج يستهدف كل الأصوات والتنظيمات التي اختارت النضال لمواجهة التوجهات و القرارات اللاشعبية واللاديمقراطية و اختارت الإنحياز لقضايا الجماهير الشعبية و الدفاع عن الحقوق و المكتسبات". وأعربت الجبهة عن إدانتها و استنكارها "بقوة" قرار المنع التعسفي للمسيرة الاحتجاجية الشعبية و تعتبره "مؤشرا خطيرا" يقتضي تكتل كافة الديمقراطيين لمواجهة تغول السلطوية و الإستبداد، مؤكدة تمسكها بتنظيم مسيرة وطنية احتجاجية سيعلن عن تاريخها لاحقا و داعية "كافة التنظيمات و القوى الديمقراطية إلى الاستمرار في التعبئة و الوحدة النضالية للدفاع عن الحق في التعبير و الاحتجاج و مواجهة المنحى الخطير لضرب الحقوق و الحريات و المكتسبات الاجتماعية و التصدي لموجة التطبيع مع الكيان الصهيوني". للإشارة، فإن الجبهة الإجتماعية تضم نقابات معروفة مثل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وقطاعات نقابية تابعة للاتحاد المغربي للشغل وأحزابا يسارية من بينها فيدرالية اليسار الديمقراطي والنهج الديمقراطي، إضافة إلى الجمعية المغربية لحماية المال العام وجمعية "أطاك" المغرب وعدة هيئات أخرى.