فتح رئيس هيئة حماية المال العام في المغرب، محمد الغلوسي، اليوم الاثنين، الباب على عدد من قضايا الفساد التي أقبرت في غياهب رفوف المحاكم، لحماية أزلام المخزن، مؤكدا أن استمرار الفساد والريع والإفلات من العقاب والتمييز في تطبيق القانون ولد الاحتقان الاجتماعي. وقال الغلوسي أن المغاربة اليوم في حاجة للشعور بالأمن الاجتماعي والقانوني الذي لن يتحقق إلا بتكريس العدالة والمساواة بين المواطنين أمام القانون، معتبرا أن "العدالة لازالت تعاني من أعطاب كثيرة، إذ أن يدها لم تمتد بعد إلى الجميع، خصوصا أولئك الذين يحجزون مقاعدهم باستمرار ضمن خانة ال"في اي بي" "شخص جد مهم"، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك". وكشف الغلوسي أنه من بين القضايا المنفلتة من عقال العدالة و تكرس تمييزا واضحا في تطبيق القانون، "قضية عامل عمالة تمارة الذي تم توقيفه عن مهامه نتيجة شبهة اختلالات في التعمير شابت بنايات شيدها أحد المنعشين العقاريين، وقيل بأن بحثا فتحته الفرقة الوطنية للشرطة القضائية حول القضية لكن دون أن تظهر نتائجه لحد الآن". ولإنعاش ذاكرة المغاربة ذكر رئيس الهيئة حماية المال العام أيضا "بقضية الوالي السابق لجهة مراكشآسفي عبد الفتاح البجيوي، والذي فوتت في عهده عقارات عمومية بشكل ملتبس ومشوب بالانحراف في ممارسة السلطة لذوي النفوذ وبعض رجال الأعمال والسياسة تحت ذريعة الاستثمار وانهت بخصوصه الفرقة الوطنية للشرطة القضائية البحث التمهيدي وأحالته على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش دون أن يتخذ هذا الأخير أي قرار بخصوصه لحد الآن". ولم يفوت الغلوسي الفرصة للتذكير أيضا بقضايا كل من الوزير الأسبق ورئيس بلدية، الفقيه بنصالح محمد مبديع والذي لازال ملفه لدى الفرقة الوطنية للشرطة القضائية منذ مدة طويلة، مشددا على أن هذا الملف "تحول مع مرور الأيام إلى لغز حقيقي يحتاج الى مفتاح سحري لفهم خباياه". كما ذكر الغلوسي بملف رئيس مجلس بوزنيفة امحمد كريمين، الذي "أدين من أجل تبديد واختلاس أموال عمومية من طرف غرفة الجنايات الإستئنافية بالدار البيضاء، بأربع سنوات حبسا موقوفة التنفيذ، وتم الطعن ضده بالنقض وأعيد لذات المحكمة للمناقشة من جديد ولكن ورغم مرور أكثر من جلسة فإن المعني بالأمر لا يتوصل بالاستدعاء كأنه يوجد -كما قال- في جزر القمر". وهو الحكم الذي أكد الغلوسي أنه "لازال يثير تساؤلات مشروعة حول ما إذا كانت العقوبة فعلا تتناسب وخطورة الأفعال كما يسائل دور السلطة القضائية في مكافحة الفساد ونهب المال العام". واعتبر أن هذه "أمثلة تعكس الإزدواجية في تطبيق القانون، والذي من المفترض أن الناس جميعا سواسية أمامه"، مؤكدا أن "المغاربة يحتاجون الى إجراءات وتدابير حازمة تعيد لهم الثقة في المؤسسات، وتجعلهم يلمسون العدالة وسيادة القانون على أرض الواقع، ذلك أن استمرار الفساد والريع والإفلات من العقاب والتمييز في إعمال القانون يولد كل مشاعر القلق والغضب".