يرمز الاحتفال بحلول رأس السنة الأمازيغية الجديدة (يناير 2973) بمنطقة ميزاب بولاية غرداية إلى تلك المناسبة التي تستمد مصادرها من عمق تاريخ الجزائر الممتد لقرون طويلة و تذكر بتلك الطقوس والممارسات المتوارثة في تحضير الأطباق التي تربط بين الإنسان والأرض. ويتيح الاحتفال برأس السنة الأمازيغية "يناير"، الذي يصادف 12 يناير من كل سنة، إبراز ثراء الهوية الوطنية بمكوناتها و التي تشكل رمزا للتنوع الثقافي والتعددية اللغوية كعامل من عوامل الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي، علما أن هذا الاحتفال تتنوع ممارساته وطقوسه من منطقة إلى أخرى. ويقام هذا الاحتفال في منطقة ميزاب مع مطلع شهر يناير من قبل الأطفال والنساء والرجال بإحياء تقاليد الأجداد ليلة 6 إلى 7 يناير، وهو يحمل معانٍ عالية ويجسد تقليدا مرتبطا بالأنشطة الزراعية والتقويم الزراعي (الفلاحة) والموارد الضرورية لحياة الفلاحين، ويمثل أيضا بداية فصل الشتاء والسنة الزراعية في المنطقة التي تتميز بمناخ جاف. وبالنسبة لعديد السكان الناطقين بالأمازيغية، فإن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية يبشر بسنة جديدة مثمرة ويشكل أيضا للمرأة بميزاب فرصة لمناقشة وضعيتها سيما المتزوجات حديثا. وتحضر كل أسرة صحن أكلة ''رفيس'' (طبق محلي) للعروس الجديدة، كما تنصح النساء بعضهن البعض بأسس نجاح حياة الزوجين والأبناء وكذا الاستفسار عن وضعية الأرامل والمطلقات في جو من التضامن والتآخي، كما أوضح الحاج محفوظ تاجر بسوق غرداية. وتتنوع تلك الطقوس التي تستمد جذورها التاريخية من ارتباط سكان ميزاب بثقافة أجدادهم وترسيخ التماسك الاجتماعي والتضامن، بين الرغبة في جلب البركة وضمان سنة جيدة ودرء سوء الحظ. وبعيدا عن كونه من بقايا التاريخ، فإن "يناير" يعد جزءا من إعادة تأهيل الثقافة والتراث والقيم والتقاليد الأمازيغية التي تشكل جزءا لا يتجزأ من الثقافة الوطنية بكل تنوعها وتعدديتها وتظل قوية في وحدتها وخصبة في تنوعها. --برنامج ثري لإحياء رأس السنة الأمازيغية الجديدة بولاية غرداية-- تحتفل الجزائر هذه السنة برأس السنة الأمازيغية الجديدة (2023/2973) بولاية غرداية التي تحتضن الاحتفالات الرسمية ليناير بمشاركة عديد الشخصيات تحت شعار "الجزائر موحدة وغير قابلة للتجزئة". وفي هذا السياق فقد سطر برنامج ثري من قبل المحافظة السامية للأمازيغية بالتعاون مع ولاية غرداية لجعل السنة الأمازيغية الجديدة يناير رمزا لتوحيد وتعزيز تماسك المجتمع الجزائري. وأعد ضمن برنامج هذا الحدث الثقافي الكبير باقة من الأنشطة بمشاركة عديد الفعاليات الثقافية المحلية والفنانين، بالإضافة إلى الغرفة الوطنية للصناعة التقليدية والحرف، وهي فرصة لتسليط الضوء على الإمكانيات الكبيرة التي تزخر بها المنطقة في مجالات فنون الطهي والحرف والأدب الأمازيغي وأيضا ترقية السياحة. ومن ضمن فقرات هذه الاحتفالية الوطنية تنظيم "صالون مصغر" للكتاب الأمازيغي وندوة حول موضوع "التعبير الأمازيغي في المخطوطات"، فضلا عن سلسلة من الورشات والموائد المستديرة بمشاركة ثلة من الأساتذة والمتخصصين في الثقافة الأمازيغية. ويهدف هذا البرنامج الذي أعدته المحافظة لترقية وتثمين التراث الحضاري الوطني إلى المساهمة في ترقية وتشجيع الإبداع الفني والثقافي الأمازيغي و إتاحة الفرصة للشباب لإبراز مواهبهم، مع توجيه مساهمتهم لخدمة جهود التنمية الثقافية. وسيكون تلاميذ مدارس منطقتي بوسمغون (البيض) وتاشتا (عين الدفلى) ضيوفا على منطقة غرداية السياحية لاكتشاف الثروات الثقافية والفريدة من نوعها التي تتميز بها هذه المنطقة. وستتوج هذه الاحتفالات الوطنية الرسمية برأس السنة الأمازيغية الجديدة بتنظيم سهرة يوم غد الخميس حفل تسليم جائزة رئيس الجمهورية للأدب واللغة الأمازيغية في نسختها الثالثة. وتهدف هذه الجائزة التي تأسست سنة 2020 إلى تشجيع البحث والإبداع بهدف تحسين الإنتاج باللغة والثقافة الأمازيغية وتعزيز الإنجازات العلمية والبحثية والأدبية في جميع المتغيرات اللغوية المستخدمة في الجزائر.