تشهد الأسواق المغربية ارتفاعا حادا في أسعار المواد الغذائية الأساسية، بشكل يفاقم من معاناة الأسر ذات الدخل المحدود التي باتت عاجزة عن اقتناء الأساسيات، أمام صمت الحكومة المخزنية وغياب تواصلها مع المواطنين. و تكفي إطلالة على مواقع التواصل الاجتماعي والأسواق في أحياء مختلف المدن المغربية, لتبين حجم السخط الذي تخلفه موجة الغلاء, في ظل الإنهاك الكبير لجيوب الأسر, حيث وصلت أسعار الخضر واللحوم وغيرها من المواد الأساسية إلى مستويات فوق القدرة الشرائية. هذا الواقع, ما انفكت تنبه إليه العديد من الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية, التي تسجل تدهور الأوضاع المعيشية في ظل غياب التدخل الحكومي وغياب إجراءات حقيقية يمكن أن تخفف من وطأة الغلاء. و في هذا السياق, سجل رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك, بوعزة الخراطي,ارتفاع أسعار الخضرواللحوم, مبرزا أن الغلاء لا يمكن أن يعزى فقط للعوامل الخارجية بل تساهم فيه العديد من العوامل الداخلية التي يمكن تدبيرها والتحكم فيها. و أبرز الخراطي أن السوق المغربي غير متحكم فيه وتغيب فيه مؤسسة تهتم بالاستهلاك وحماية المستهلك وفي ظل غياب هذه المؤسسة ستبقى الفوضى متحكمة في السوق,إضافة إلى كثرة الوسطاء. و نبه المتحدث إلى السلبيات العديدة للسياسة الفلاحية بالمغرب, والتي أدت إلى الوضع الحالي, حيث تغيب السيادة الغذائية, وبات الفلاحون يتجهون صوب المنتوجات التصديرية على حساب المنتجات المستهلكة محليا. و أوضح الخراطي أن المغرب في ظل السياسة الفلاحية الحالية لا ينتج شيئا, مشيرا إلى أن بذور الخضروات يتم استيرادها والمغرب يوفر الماء واليد العاملة ثم يكون مفروضا عليه تصدير هذه المنتجات,و حتى هذا الامر يستحال تحقيقه الان بسبب موجة الجفاف الذي تعيشه المملكة. و لا يمكن, حسب الخراطي, الامتناع عن تصدير هذه المنتوجات رغم أنها نمت في تربة مغربية, لأن ذلك سيؤدي إلى وقف الإمداد بالبذور, وبالتالي توقف إنتاج هذه الخضروات. و هذا الوضع يجعل المغرب غير متوفر على سيادته الغذائية, وهذه هي الكارثة في السياسة الفلاحية, حيث لم تحافظ البلاد على الثروة النباتية المحلية. و عبر مستخدمو المواقع الاجتماعية عن استيائهم من استمرار ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية وغلاء المعيشة أمام صمت حكومة المخزن وغياب تواصلها مع المواطنين. و تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع رسالة تدعو إلى تدخل الحكومة للحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية التي لا يستطيع المواطن محدود الدخل تحملها. و تفاعل مع هذه الحملة الرقمية الرافضة لغلاء الأسعار بالمغرب, مجموعة من الفنانين والرياضيين والإعلاميين إلى جانب نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي, الذين انتقدوا عدم تدخل الحكومة في الوقت الذي تشهد فيه الأسعار ارتفاعا "مهولا", كما انتقدوا توجه الحكومة إلى رفع الدعم تدريجيا على عدد من المواد الاستهلاكية. يشار الى أن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب, جهة فاسمكناس, قد دعا إلى تنظيم وقفة احتجاجية بعد غد الأحد , بفاس, تنديدا باستمرار موجة الغلاء و ما نتج عنها من أوضاع اجتماعية صعبة تمس خاصة الفئات الهشة من المجتمع.