يستمر مسلسل الاحتجاجات والاضرابات بالمملكة المغربية، المطالبة بإيجاد حلول عاجلة للتردي المستمر للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، وبالخصوص الأسر ذات الدخل المحدود، تفاديا لانعكاسات وتداعيات أزمة بدأت بوادرها منذ نحو ثلاث سنوات. ونظمت نقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل امس الثلاثاء إضرابا عاما وطنيا في الوظيفة العمومية و وقفات احتجاجية بمختلف المدن المغربية، ندد فيها المشاركون بارتفاع الأسعار، محملين حكومة عزيز أخنوش مسؤولية تردي الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية للأسر. وردد المحتجون شعارات مناوئة للحكومة ورئيسها أخنوش، ورفعوا لافتات تطالبها بتنفيذ تعهداتها والتزاماتها المتضمنة في اتفاق "30 أبريل" من العام المنصرم. ووفقا للبيان الصادر عن الكونفدرالية، فقد تمثلت مطالب المحتجين بالزيادة في الأجور وتنفيذ الاتفاقات السابقة ومراجعة أشطر الضريبة على الدخل، بالإضافة الى فتح درجة جديدة لجميع الموظفين و كذا الحفاظ على مكتسبات التقاعد. وفي هذا الصدد، اعتبر نائب الكاتب العام للكونفدرالية، خالد العلمي الهوير، أن تنظيم الإضراب والوقفات الاحتجاجية التي شهدتها مختلف المدن يعتبر في حد ذاته "نجاحا ومواجهة للوضع الذي تعيشه البلاد والطبقة العاملة من تداعيات الغلاء وتخلي الحكومة عن التزاماتها". ولفت الهوير في تصريح لوسائل الاعلام المغربية الى أن قرار تنفيذ الإضراب جاء كرد أولي من المنظمة على سياسة اللامبالاة التي تتبعها الحكومة بشأن تحسين الوضع الاجتماعي للطبقة العاملة، من خلال التطبيق الفوري للزيادة في الأجور، وتنزيل مضامين اتفاق 30 أبريل 2022، و أيضا "لمواجهة الوضع الاجتماعي الذي تعيشه البلاد والطبقة العاملة من تداعيات الغلاء والارتفاع المهول للأسعار في المواد الأساسية". وأكد ذات المتحدث ان "الأزمة التي يعيشها المغرب في ظل غياب حلول ملموسة من الحكومة لا يمكن أن تبقى مستمرة والمغاربة يواصلون أداء ثمن اختيارات وسوء تدبير الحكومات المتعاقبة". وقال ايضا أن "الفساد يضيع أكثر من 4 ملايير دولار أمريكي على المغرب"، لافتا إلى أن هذا الرقم من شأنه أن يغطي الزيادات في الأجور وتمويل صناديق التقاعد وأمور أخرى، مبرزا أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الوضع "ليس لها أثر على المعيش اليومي للأسر المغربية". وأشار نائب الكاتب العام للكونفدرالية إلى أن الوضع المتراجع في البلاد بسبب نسب التضخم الاستثنائية "يفرض على الحكومة بشكل أوتوماتيكي الرفع من الأجور بدل دعم مجموعة من رأس المال الذي لا أثر له على التوظيفات"، مؤكدا أنه "باتباعها سياسة الاملاء من المؤسسات المالية الدولية، فإنها تقوم بتدمير الطبقة المتوسطة على اعتبار أن هذه الأخيرة تمثل صمام أمان التوازن الاجتماعي". للإشارة فإن قرار النقابة جاء عقب اجتماع لأعضاء مكتبها التنفيذي الذين ناقشوا "الوضع الاجتماعي المتأزم الذي تعيشه البلاد نتيجة استمرار الارتفاع المهول لأسعار المواد الأساسية، و انهيار القدرة الشرائية للمواطنين، والانحياز لمصالح الرأسمال الريعي الاحتكاري". النقابة ذكرت أنه "أمام التجاهل الحكومي وعدم تجاوب رئيس الحكومة مع رسالة المكتب التنفيذي حول تنفيذ اتفاق 30 أبريل 2022، وتنزيل ميثاق مأسسة الحوار الاجتماعي واحترام الحريات النقابية، تقرر خوض إضراب عام وطني، وكذلك لمواجهة مخطط المساس بمكتسبات التقاعد". للتذكير، فإن ما يقارب 3 ملايين و200 ألف مغربي انضافوا إلى أعداد المحسوبين على الطبقة الفقيرة خلال السنتين الماضيتين، في الوقت الذي بلغ فيه عدد العاطلين عن العمل مليون و150 ألف شخص، وفق احصائيات رسمية. ويقول الخبراء والمطلعون على الشأن المغربي ان غياب حلول حكومية عاجلة وناجعة من شأنه تأجيج الاحتقان الاجتماعي ودفع المواطنين إلى تصعيد حدة الاحتجاج من أجل انتزاع حقوقهم.