يحتفل العالم, غدا الخميس, باليوم الدولي للسلام الذي أقرته الاممالمتحدة بغرض توفير موعد عالمي مشترك للبشرية جمعاء لتعزيز مثل وقيم السلام في أوساط الأمم والشعوب, في وقت لازالت فيه عديد من شعوب المعمورة, على غرار الشعبين الفلسطيني والصحراوي, تتوق لتحقيق هذا الحق من حقوق الانسان, والحلم المنشود في نيل الاستقلال والتحرر من المحتل. ويرجع تاريخ الاحتفال بيوم السلام الدولي إلى عام 1981 عندما أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة الثالث من شهر سبتمبر يوما عالميا للسلام "لتعزيز قيم السلام بين الأمم". وبعد عقدين من تأسيس هذا اليوم, قررت ذات الهيئة في عام 2001, وبالإجماع تغيير التاريخ ليتم الاحتفال به سنويا في 21 سبتمبر و اعتباره "يوما للاعنف ووقف إطلاق النار" للجماعات المشاركة في القتال الفعلي. وقد أكد الأمين العام للأمم المتحدة, انطونيو غوتيريش, أن "هدف اليوم الدولي للسلام هو حث الأطراف المتحاربة في كل مكان على إلقاء أسلحتها والعمل من أجل الوئام", في دعوة باتت أكثر أهمية من أي وقت مضى في ظل استمرار النزاعات القديمة, و اندلاع أصوات البنادق في بقع جديدة من المعمورة على غرار السودان. وبمناسبة المراسم السنوية لقرع الجرس بمقر الأممالمتحدة في نيويورك, ايذانا ببدء الاحتفالات باليوم الدولي للسلام, دعا غوتيريش في كلمة له يوم 13 سبتمبر الى "الدفع من أجل السلام" في وقت يتعرض فيه السلام للهجوم في مختلف المجتمعات والبلدان والمناطق. وقال غوتيريش أن "سم الحرب الذي يصيب عالمنا يضع الملايين على خط النار ويقوض حقوق الإنسان و أمن الناس ورفاههم ويعكس اتجاه مكاسب التنمية التي تحققت بشق الأنفس". اقرأ أيضا : رئيس الجمهورية : الدفع بالمفاوضات الدولية لإصلاح مجلس الأمن وفق منهج متكامل ينبغي أن يشكل أولوية ويأتي الاحتفال باليوم الدولي للسلام هذه السنة في ظل استمرار نزاعات قديمة على غرار النزاع في الصحراء الغربية والصراع الفلسطيني/الصهيوني, بسبب تعنت الطرفين المحتلين (المغرب والكيان الصهيوني) ورفضهما الانصياع لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. وفضلا عن ذلك, لازالت أصوات السلاح والعنف تطغى على المشهد في كل من اليمن والصومال وليبيا وبوركينافاسو و افريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغيرها من النزاعات والازمات القائمة في القارة الافريقية, وآخرها التغيرات غير الدستورية للحكم التي وقعت في كل من النيجر والغابون, و اندلاع نزاع مسلح في السودان, وهي أزمات حالت دون تمكين شعوب هذه الدول من العيش في كنف السلام الذي أقرته مختلف الاديان السماوية والمنظمات الدولية كحق شرعي من حقوق الانسان. الجزائر تساهم دوما وبلا هوادة في تعزيز الجهود الهادفة إلى تحقيق السلام وتؤكد الاممالمتحدة -وفقا لخطة التنمية المستدامة لعام 2030 التي أقرتها في عام 2015- أنه "لا ارساء للسلام دون تنمية مستدامة و لا يمكن أن تكون هناك تنمية مستدامة بدون سلام". وعليه, اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة لليوم الدولي للسلام لعام 2023 شعار "الأعمال من أجل السلام : طموحنا لتحقيق الأهداف العالمية", بهدف اظهار "كيف يمكن لأعمالنا الفردية والجماعية أن تؤثر على السلام العالمي وتعززه". و اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن تحقيق السلام مرهون بتكاتف الجهود لمواجهة التحديات المشتركة المطروحة بما فيها الفقر والجوع والتمييز وعدم المساواة والتغير المناخي والتلوث وفقدان التنوع البيولوجي الفادح. وشدد على أنه "من أجل الناس والكوكب على حد سواء, يمكننا ويجب علينا أن ندفع من أجل السلام عبر التركيز على الوقاية والحوار والوساطة لمعالجة الانقسامات ونزع فتيل الصراعات وضمان أن يكون لكل مجتمع نصيب في مستقبل مشترك", مشيرا الى أن الدفع من أجل السلام "يعني أيضا الالتفاف حول الأدوات التي تدعم الثقة والتضامن العالميين والثقة المتبادلة, بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الأممالمتحدة, كما يعني أيضا التصدي للتمييز والعنصرية وتسريع معركتنا ضد تغير المناخ والاستثمار في الطاقة المتجددة". اقرأ أيضا : رئيس الجمهورية يؤكد موقف الجزائر الثابت في مساندة القضايا العادلة ودعم الشعوب المضطهدة من جهته, أكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة, دينيس فرانسيس في كلمته, أنه اختار "السلام" كإحدى الأولويات الأربع لرئاسته للدورة ال78 للجمعية العامة, ما يعكس أهميته الراسخة لخطة التنمية لعام 2030 وتحقيق أهداف الرخاء والتقدم والاستدامة. وقال أن التنمية المستدامة والسلام المستدام, "وجهان لعملة واحدة ولا يمكن تحقيق أحدهما دون الآخر". من جهتها, تعتبر الجزائر أن السلام "عملية إيجابية وديناميكية وتشاركية تعزز الحوار وحل النزاعات بروح التفاهم والتعاون", ولهذا طرحت أكثر من مرة مبادرات لحل عديد النزاعات السائدة في العالم, كان آخرها مبادرة لحل سياسي لأزمة النيجر تفاديا لإراقة الدماء وللحيلولة دون التدخل العسكري في هذا البلد الافريقي والذي هددت به بعض الدول. وخلال القمة ال36 لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي المنعقدة بأديس أبابا في فبراير الماضي, كان رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, قد عبر عن يقينه بأن حل الأزمات الإفريقية "يجب أن يقوم على الحل السلمي والحوار الشامل والمصالحة الوطنية, دون أي تدخل اجنبي". كما أكد في كلمته - التي قرأها الوزير الأول, أيمن بن عبد الرحمان – أن الجزائر "ستساهم دوما وبلا هوادة في تعزيز الجهود الهادفة إلى تحقيق السلم والامن الدولي وستواصل دعم المبادرات الرامية إلى فك النزاعات والدفاع عن القضايا العادلة للشعوب التي تكافح من أجل استرجاع حقوقها الاساسية وحريتها في تقرير المصير". وبمناسبة اليوم الدولي للسلام, المصادف ل21 سبتمبر من كل عام, طالبت الاممالمتحدة بجعل هذا التاريخ فرصة مشتركة لجميع شعوب العالم لكي ينظموا أحداثا وفعاليات معلوماتية وتوعوية تمجد أهمية السلام في حياة الافراد والشعوب والامم.