أكد أدباء وباحثون أكاديميون، اليوم الجمعة بالجزائر العاصمة، أن "المدينة والريف عناصر أساسية في المنجز الأدبي الإفريقي وبناء السرد الروائي الإفريقي الذي يحكي التاريخ والتراث والواقع". وأوضح المتدخلون، خلال ندوة نظمت في إطار البرنامج الأدبي للطبعة ال 26 لصالون الجزائر الدولي للكتاب بقصر المعارض الصنوبر البحري تحت عنوان "المدينة والريف في ذاكرة المشاهد الإفريقية" أن فضاء المدينة عنصر أساسي وجوهري من العناصر الفنية في بناء السرد الروائي الإفريقي بما تحمله من جماليات المكان وقيم إجتماعية وثقافية ورموز تراثية تساهم في رصد ملامح الشخصيات والأحداث والطموح وتطورها في سياق العملية الإبداعية". وأشارت في هذا الإطار الروائية كاليكست بيالا من الكاميرون خلال هذه الندوة التي شارك فيها أدباء من الجزائروالكاميرونوغينيا ونيجيريا أن "سيميائية المكان في روايتها تتجلى من خلال إستلهامها على إمتداد 20 عملا أدبيا لفضاء مسقط رأسها الحي القصديري نوبلي وحي بلفيل بباريس بفرنسا الذي تعيش فيه حاليا ليكونا فضاء خصبا لنسج نصوصها بتيماته وشخوصه وأحداثه التي تمثل عالما يعج بالتعايش والتنوع العرقي والديني والفكري لكنه متجانس ومتناغم". وأشارت ذات الروائية أن الفضاء الروائي الإفريقي "يعكس دلالات إجتماعية وسياسية وثقافية فالمكان عنصر هام في نسج الرواية ويثير المخيال كونه لا ينفصل عن المبدع بل يشكل وعيه وفهمه لمختلف الظواهر التي تحيط به". بدوره أكد الروائي الجزائري عبد القادر جمعي الذي تطرق لتجربته الذاتية أن "فضاء مدينة وهرانمسقط رأسه يشكل دعامة أساسية لنصوصه الأدبية فهو مسكون بهذه المدينة التي يشبهها بالكائن الحي بكل عنفوانها الذي يتفاعل معه ويروي من خلالها الذاكرة التاريخية والطفولة والتقاليد والتراث وكل ما يدور في مجتمعه من أحداث ما تزال عالقة في ذاكرته وتبرز زخم ثقافاتها وشخوصها بتفاصيل دقيقة حية"، مضيفا أن "هذا المزج الفريد المشبع بالذاكرة والحكايا والتراث الشفوي يزيد من خصوصيتها". وأضاف ذات المتحدث أن فضاء المدينة "في الأدب العالمي وليس في الأدب الإفريقي فقط شكل محورا جوهريا لأنه يحكي ذاكرة المكان والزمان ومعاناة الإنسان وأجواء الفرح كما تعبر عن شجون وطموح الانسان ما يمنح للمكان جمالية وقيمة للتعايش تشكل الهوية الانسان الافريقي في بعده الكوني والمحلي وتعبر عن الذات". من جهته، اعتبر الباحث جان سيليستين ايدنجي من الكاميرون أنه حاول من خلال مجموعة دراساته الإجتماعية في الميدان تتبع وفهم حركة وأبعاد تنقل الشباب الإفريقي من الريف إلى المدينة وأبعادها السوسيولوجية والإقتصادية مشيرا أن "الشاب الإفريقي الذي يهاجر من قريته أو مدينته الأصلية مغامرا بحثا عن تحقيق طموحاته وأحلامه وتغيير واقعه نحو الرفاهية طالما يصطدم بالواقع"، مشيرا أن "فضاء المدينة الذي يتميز بالتنوع هو مجال مفتوح لمختلف السلوكات والظواهر والصراعات والبحث عن الذات". من جهة أخرى، اعتبر الكاتب ثيرنو مونينومبو من غينيا أن الرواية الإفريقية "مهما كان فضاءها وأجواءها فهي بمثابة وسيلة فنية للنضال السياسي ضد الإستعمار والتوق لمستقبل أفضل كما التزمت أيضا بقضايا الإنسان الإفريقي في صراعه الهوياتي واللغوي برؤية واقعية ما يعطي مصداقية للنص". وأضاف ذات المتدخل، أن الرواية الإفريقية الحديثة "تتسم بسرد واقعي عن المكان والزمان والتاريخ والشخصيات ولا تخلو من السخرية وتعرية الواقع و هواجس ذاتية"، مبرزا أنها "تمكنت من التعبير بلغات مختلفة عن قضايا وهموم مشتركة مرتبطة بالظاهرة الإستعمارية فيما جاءت مرحلة ما بعد الإستعمار في تشخيص ترسبات الثقافة والظواهر الإجتماعية والاقتصادية التي خلفها المستعمر في إفريقيا". من جهته قال الناقد الجامعي لبداعي بن عودة أن "المدينة حاضرة في الأدب الإفريقي بتأثير من حركة النزوح التي عرفتها هذه البلدان بعد الإستقلال بفعل النزوح من الريف إلى المدينة"، مضيفا أن "السرد الروائي الإفريقي تناول تساؤلات عديدة إجتماعية واقتصادية وثري بفضاءاته وتجاوز الحدود بفضل جهود الكتاب الأفارقة سواء بالداخل أو الخارج". وتستمر فعاليات صالون الجزائر الدولي ال26 للكتاب إلى غاية 4 نوفمبر المقبل.