وجه رئيس الجمهورية, السيد عبد المجيد تبون, اليوم الأحد بالعاصمة الغانية أكرا, كلمة للمشاركين في الاجتماع نصف السنوي السادس بين الاتحاد الإفريقي والمجموعات الاقتصادية الإقليمية والآليات الإقليمية, ألقاها بإسمه الوزير الأول, السيد نذير العرباوي, هذا نصها الكامل: "بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبيه الصادق الأمين - فخامة الأخ العزيز محمد الشيخ الغزواني, رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة والرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي,- فخامة السيد نانا أدو دانكوا أكوفو أدو, رئيس جمهورية غانا الشقيقة,- أصحاب الفخامة رؤساء المجموعات الاقتصادية الإقليمية والآليات الإقليمية,- معالي السيد رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي,- السيدات والسادة, يطيب لي في مستهل كلمتي أن أهنئكم, فخامة الرئيس, على إدارتكم الحكيمة لأشغال قمتنا, وعلى الجهود المضنية التي ما فتئتم تبذلونها منذ توليكم رئاسة الاتحاد الإفريقي في سبيل إعلاء صوت قارتنا والدفاع عن مصالحها في مختلف المحافل الدولية. كما أغتنم هذه السانحة لأجدد لكم التهنئة بمناسبة إعادة انتخاب فخامتكم رئيسا للجمهورية الإسلامية الموريتانية الشقيقة, متمنيا لكم دوام التوفيق والسداد في مهامكم السامية. كما لا يفوتني أن أتقدم بأسمى عبارات الشكر والتقدير لفخامة الرئيس نانا أدو دانكوا أكوفو أدو, رئيس جمهورية غانا الشقيقة, على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال وعلى دعمه المتواصل للعمل الإفريقي المشترك في جميع أبعاده. إن ما يحيط بقارتنا من تطورات متسارعة دوليا وما يشوبها من أزمات متنامية داخليا, يفرض علينا اليوم, نحن الدول الأعضاء, تكثيف جهودنا المشتركة وحشد قدراتنا الجماعية لتكريس مبدأ +الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية+. فهذا المبدأ الذي أرساه الآباء المؤسسون لمنظمتنا القارية لم يكن يوما مجرد شعار أجوف, بل كان ولا يزال هدفا استراتيجيا بكل ما تحمله هذه العبارة من معنى, وبكل ما يفضي إليه تجسيدها على أرض الواقع من نتائج نتطلع جميعا أن تسهم في بناء مستقبل أفضل لشعوبنا. ومن هذا المنظور, تأتي حتمية تدعيم أركان البنية القارية للسلم والأمن, عبر استكمال تفعيل جميع آلياتها المعنية بالوقاية من النزاعات وتسويتها, وفي مقدمتها +القوة الإفريقية الجاهزة+, وذلك بغية توظيفها أحسن توظيف في الاستجابة للتحديات الراهنة. ومن جانبها, فإن الجزائر التي تتولى رئاسة +قدرة إقليم شمال إفريقيا+, أحد المكونات الخمس للقوة الإفريقية الجاهزة, تواصل جهودها من أجل تعزيز الجاهزية العملياتية لهذه الآلية الإقليمية وتمكينها من تقديم مساهمة فعلية وفعالة في حفظ السلم والأمن في إفريقيا. ولا يفوتني هنا أن أغتنم هذه الفرصة لأثني على جهود الدول الشقيقة المنخرطة مع بلادي في هذه الآلية, جمهورية مصر العربية ودولة ليبيا والجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. وفي هذا الإطار, فإننا نسجل بكل اعتزاز الإعلان الذي بادرت بنشره مفوضية الاتحاد الإفريقي لتأكيد الجاهزية الكاملة لقدرة إقليم شمال إفريقيا. وهو الإعلان الذي يأتي تتويجا لسلسلة من الزيارات التفقدية التي سمحت لخبراء كل من الاتحاد الإفريقي ومنظمة الأممالمتحدة بالاطلاع على ما تحوز عليه هذه القدرة من إمكانيات عسكرية ومدنية ولوجستية, تؤهلها, وفقا للمعايير الدولية, للمشاركة في عمليات حفظ السلام على المستوى القاري. ومن شأن هذا الإعلان أن يشكل حافزا قويا للدول الأعضاء من أجل المضي قدما في التحضير والإعداد للتمرين الميداني المقرر أواخر عام 2024, بخصوص محاكاة عملية نشر بعثة لدعم السلام. وهو التمرين الذي يستهدف الحفاظ على مستوى عال من الجاهزية وضمان استجابة سريعة وفعالة تجاه الوضعيات المستعجلة والحالات الطارئة. وعلى ضوء هذه التطورات المشجعة, تؤكد الجزائر على ضرورة تعزيز المكاسب المحققة وتدعيم النتائج المحرزة, وتتقدم بالتوصيات الأربع التالية: أولا: الترحيب بإعلان جاهزية قدرة إقليم شمال إفريقيا. ثانيا: توفير الدعم الضروري واللازم للأمانة التنفيذية لقدرة إقليم شمال إفريقيا في أفق تنفيذ التمرين الميداني المبرمج والذي سيشكل إضافة نوعية لإعداد وتحضير القوة الإفريقية الجاهزة برمتها. ثالثا: التعجيل باعتماد مذكرة التفاهم المتعلقة بالقوة الإفريقية الجاهزة بين مفوضية الاتحاد الإفريقي, من جهة, والمجموعات الاقتصادية الإقليمية والآليات الإقليمية, من جهة أخرى. رابعا: المضي قدما في عملية مراجعة المفهوم الاستراتيجي للقوة الإفريقية الجاهزة, لجعلها أكثر اتساقا مع عقيدة الاتحاد الإفريقي بخصوص عمليات حفظ السلام وتوفير الدعم اللازم لها كجزء لا يتجزأ من البنية الإفريقية للسلم والأمن. السيد الرئيس, أصحاب الفخامة والمعالي, السيدات والسادة, لا شك أن الوقت قد حان لتفعيل دور +القوة الإفريقية الجاهزة+ في تجسيد +إفريقيا التي نريد+, إفريقيا آمنة ومستقرة, وإفريقيا مندمجة ومزدهرة, وإفريقيا تساهم بكل مسؤولية في معالجة التحديات التي تواجهها في مجال السلم والأمن. وفي هذا الإطار, أجدد لكم عزم الجزائر التام للعمل بصفتها عضوا غير دائم في مجلس الأمن للأمم المتحدة, من أجل الدفاع عن مصالح قارتنا وإعلاء صوتها, وحشد الدعم لمساعينا المشتركة لتمكين قارتنا من لعب دورها الكامل في مجال حفظ السلم والأمن في إفريقيا, وفقا لمقتضيات ميثاق الأممالمتحدة, في انتظار تصحيح الظلم التاريخي على قارتنا فيما يخص تمثيلها على مستوى مجلس الأمن الأممي, خاصة وأننا نعيش اليوم مشهدا دوليا متقلبا يطبعه تنامي بؤر النزاع, وسط عجز المجموعة الدولية عن تحمل مسؤولياتها في استتباب السلم والأمن الدوليين. ولعل أبرز دليل على ذلك, حرب الإبادة الهمجية التي تشنها قوات الاحتلال على الشعب الفلسطيني الأعزل, والذي نجدد من هذا المنبر تضامننا الراسخ معه, ونؤكد له دعمنا الثابت إلى غاية استرجاع حقوقه المشروعة كاملة, وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وفي الختام, أجدد شكري لكم فخامة الرئيس على قيادتكم المتبصرة لمنظمتنا متمنيا كل النجاح في سبيل تعزيز عملنا المشترك وتحقيق الأهداف التي سطرها الآباء المؤسسون لمنظمتنا من ضمنهم الرئيس الراحل كوامن نكرومة. شكرا على كرم الإصغاء و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته".