يحتفل الشعب الصحراوي غدا الخميس بالذكرى ال49 لتأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية, وهي مناسبة لتسليط الضوء على إنجازات الشعب الصحراوي و مستجدات قضيته العادلة والتأكيد على ضرورة تطبيق قرارات الشرعية الدولية لحل النزاع واستكمال تحرير آخر مستعمرة في افريقيا. ويعود إعلان تأسيس الدولة الصحراوية من طرف جبهة البوليساريو الى تاريخ 27 فبراير 1976 ببئر لحلو (الاراضي المحررة) غداة مغادرة آخر جندي إسباني للتراب الصحراوي و بداية حرب تحريرية جديدة ضد المحتل المغربي, لا تزال مستمرة الى اليوم بسبب خرق المغرب في نوفمبر 2020 لاتفاق وقف اطلاق النار الموقع مع جبهة البوليساريو عام 1991, ما اضطر القيادة الصحراوية الى العودة الى الكفاح المسلح من أجل استكمال بسط السيادة على كافة أراضي الصحراء الغربية. وتعتبر الذكرى السنوية لإعلان تأسيس الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية مناسبة لتسليط الضوء مرة أخرى على القضية الصحراوية, في ظل مواصلة المحتل المغربي احتلاله العسكري للأراضي الصحراوية وتنصله من تطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بحل النزاع و رفضه تنظيم استفتاء تقرير المصير الذي أقرته الاممالمتحدة. إقرأ أيضا: انطلاق أشغال ندوة دولية للبلديات المتوأمة والمتضامنة مع الشعب الصحراوي كما تعد الذكرى ال49 مناسبة لإعادة تذكير العالم بموقف الأممالمتحدة الثابت والذي يعتبر بأن قضية الصحراء الغربية "مسألة تصفية استعمار وأن حلها يجب أن يستند الى قرارات ولوائح الاممالمتحدة ذات الصلة". وقد أكد ممثل جبهة البوليساريو لدى الأممالمتحدة و المنسق مع بعثة الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية (المينورسو), السيد سيدي محمد عمار, أن موقف الاممالمتحدة هذا و الذي لم يتغير طيلة سنوات النزاع يعد "مكسبا عظيما للشعب الصحراوي, جاء بفعل تضحية ومقاومة و كفاح الشعب هذا الشعب". -- انتصارات دبلوماسية و مكاسب قانونية -- وعلى الرغم من العقبات التي يضعها الاحتلال المغربي للحيلولة دون حل النزاع بالطرق السلمية, فان القضية الصحراوية سجلت عديد من الانتصارات الدبلوماسية والمكاسب القانونية, وهو ما أكده ممثل جبهة البوليساريو لدى سويسراوالأممالمتحدة والمنظمات الدولية بجنيف, السيد أبي بشرايا البشير, الذي قال أن "الجمهورية الصحراوية حققت انجازات كبيرة على الصعيدين الدبلوماسي والقانوني جعلت منها حقيقة قائمة و رقما لا يمكن تجاوزه في حل أي من معادلات المنطقة أو القارة". فعلى الصعيد الدبلوماسي, تحظى الجمهورية الصحراوية بالعضوية في الاتحاد الافريقي كبلد مؤسس و فاعل يكتسي وجوده رمزية كبيرة بالنسبة للأفارقة, وهو ما أخلط أوراق الاحتلال المغربي الذي سعى دون جدوى لطردها من التكتل القاري, فضلا عن اعتراف أزيد من 80 دولة بهذه الجمهورية واقامة علاقات دبلوماسية معها. وضمن المكاسب الدبلوماسية أيضا, وفي ضربة موجعة أخرى لنظام الاحتلال المغربي, تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها ال79 في ديسمبر 2024, قرارا بدون تصويت في جدول أعمالها تحت البند المتعلق بتنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة, أكدت فيه مجددا على "الإطار القانوني" لقضية الصحراء الغربية باعتباره "اقليما خاضعا لتصفية الاستعمار". وقال الدبلوماسي الصحراوي بشرايا البشير أن "هذه الحصيلة من الانتصارات الدبلوماسية هي نتاج معركة قانونية دأبت جبهة البوليساريو في أوروبا على خوضها منذ عدة سنوات, حيث تعززت صفتها القانونية من خلال قرار محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي الصادر في سبتمبر 2021 , والذي أكد الشخصية القانونية الدولية للجبهة وأهليتها للمرافعة أمام الهيئات القضائية الأوروبية للدفاع عن حقوق الشعب الصحراوي". كما تحل الذكرى ال 49 لإعلان قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وسط استمرار المعركة القانونية بشأن إنهاء حلقات نهب الثروات الطبيعية للصحراء الغربية من قبل المحتل المغربي بمشاركة بعض الدول الأوروبية. وفي هذا السياق, أصدرت محكمة العدل الاوروبية قرارات قضت بإلغاء اتفاقيتين تجاريتين بين المغرب والاتحاد الأوروبي شملت الاراضي الصحراوية, تتعلق احداهما بالصيد البحري و الاخرى بالمنتجات الزراعية. واعتبرت المحكمة ان الاتفاقيتين تمثلان "استغلالا غير شرعي للموارد الطبيعية لإقليم الصحراء الغربية المنفصل عن المغرب". ولقي هذا الحكم "التاريخي" اشادة من طرف الرئيس الصحراوي, ابراهيم غالي, الذي اعتبره "انتصارا كبيرا للشعب الصحراوي وللحق والقانون والعدالة والشرعية", كونه "يعيد التأكيد على الحقائق الراسخة بأنه بعد 49 عاما, لا سيادة للمغرب على الصحراء الغربية و أنهما بلدان منفصلان ومتمايزان". من جهته, أكد الدبلوماسي الصحراوي محمد سيدي عمار أن الحكم حول الموارد الطبيعية الصحراوية يعد "رسالة قوية جدا تؤكد على الطبيعة القانونية لقضية الصحراء الغربية كقضية تصفية استعمار, كما أنها تطالب الأممالمتحدة بتعجيل مسار تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية على أساس تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال". وضمن الانتصارات القانونية أيضا للقضية الصحراوية, رفض محكمة العدل للاتحاد الأوروبي أيضا طلبا للمفوضية الأوروبية يرمي إلى تشويه البنية الديمغرافية في الصحراء الغربية, في محاولة يائسة من الاحتلال المغربي للالتفاف على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير. وبعد 49 عاما على اعلان قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية, يبقى الشعب الصحراوي ينتظر انهاء الاحتلال وذلك لن يتأتى الا عبر الضغط على المحتل المغربي و الزامه بتطبيق لوائح وقرارات الاممالمتحدة ذات الصلة بحل النزاع.