صنع العرض المسرحي "خيوط العشقة" للمركز الوطني للفنون الدرامية و الركحية لمدينة الكاف (تونس) الفرجة على ركح مسرح باتنة الجهوي في الليلة العاشرة من عمر الأيام المسرحية المغاربية في طبعتها الثالثة. وتتبع الجمهور الباتني سهرة أمس الأربعاء بحرارة أحداث المسرحية التي اقتبسها وأخرجها معز حمزة عن مسرحية "المنزل ذو الشرفات السبعة" للأديب الإسباني اليخندرو كاسونا لاسيما وأنه التقى بالفرقة المسرحية التونسية في السنة الماضية خلال الطبعة الثانية من التظاهرة في عرض عنوانه "الحمل وبرج الثور" الذي لاقى استحسانا كبيرا في أوساط عشاق الفن الرابع بباتنة. وعلى الرغم من اعتماد المخرج على اللهجة التونسية في تواصل الأبطال على الخشبة إلا أنه احتفظ بفكرة الأديب الاسباني وأسماء شخصياته فبدأ تأثره كبيرا بكاسونا الذي يقول بشأنه المخرج معز حمزة "طريقة كتابته تهمني كمخرج وأجد فيها أشياء تتماشى مع خياراتي فهو يعالج العديد من القضايا التي تهتم بالإنسان بالإضافة إلى أن الأدب الاسباني عموما فيه قواسم مشتركة مع عالمنا العربي و الإسلامي". ويضيف معز حمزة "كاسونا عنده طريقة جد متميزة في الكتابة فهو يجمع بين الواقع الحقيقي والواقع الوهمي و خيوط العشقة تسير في هذا المنوال وهي صراع بين المتناقضات فهي مزيج بين الحقيقة والوهم لذا جاء الاعتماد الصارخ على اللونين الأبيض والأسود على الخشبة لتعميق هذا التناقض". وتتضمن المسرحية 7 شخصيات تتحرك طوال العرض في مكان مغلق وتعيش أحداثا اجتماعية ممزوجة بالواقع و اللاواقع بين جدران غرفة واحدة فيها حيز كبير للحب والخيانة والحيلة والموت وحتى الشيطان حيث يخرج المتفرج بقناعة في آخر العرض بأن ''اللاواقع يظل خصبا ما دام يبقى ملتحما بالواقع". وهو "الاعتقاد الذي انطلق منه كاسونا من أجل أن يزيل الغشاوة عن عيون قراء أدبه و يبصرهم بالوجود الآخر وينقذهم من قيود الواقع اليومي المبتذل والممل كي يمكن إعادة دمج الإنسان بإنسانيته الرائعة في لحظة تجاوز تلتقي فيها الذات مع نفسها" يقول مقتبس العمل المسرحي. و لم يكن "النزوع إلى معالجة المدهش'' في هذا العمل المسرحي واللجوء إلى التجريد حاجزا بين أبطال المسرحية والجمهور لاسيما وأن النص كان مدعما بالإيحاءات الممزوجة بمهارة بين الفكاهة والهم الإنساني الخفي مما مكن الحضور من استحسان العرض المسرحي والتفاعل معه بقوة بالإضافة إلى التعرف على شكل جديد من المسرح. وأبدى الممثلون التونسيون بعد إسدال الستار على العرض إعجابهم الشديد بالجمهور الباتني الذي وجدوه مهتما بأبي الفنون وذواقا لما يقدم على الركح كما أكدوا بأنه جمهور يتطور من سنة إلى أخرى انطلاقا من تجربة هذه الفرقة معه في ثاني عرض لها في الأيام المسرحية المغاربية التي يحتضنها مسرح باتنة الجهوي.