نظم حزب جبهة التحرير الوطني الليلة ندوة فكرية حول حوار الثقافات والاديان أشرف عليها الامين العام للحزب عبد العزيز بلخام وحضرها مسؤولون سياسيون واطارات وسفراء ومفكرين ورجال دين. وفي مداخلته خلال افتتاح الندوة أعطى بلخادم لمحة حول حوار الحضارات والموقف لدى صناع الراي في العالم الغربي من هذا الموضوع لاسيما النقاشات التي اثيرت ابتداءا من 1992 حول ما عرف بنظرية صراع الحضارات واهم الادبيات التي صدرت عقب ذلك في الغرب. وتطرق بلخادم في مداخلته إلى العلاقة بين تغير موازين القوى واختلاق التبريرات من القوى المهيمنة لاقصاء الاخرمشيرا في هذا الصدد إلى ان هذه القوى عندما تريد اخفاء اعادة انتشارها الاستراتيجي تتحدث عن "المخاطر" المحدقة مثل الحديث عن الخطر الاحمر (الشيوعي) والخطر الاصفر (الصيني) وحاليا ومنذ احداث احداث سبتمبر الحديث عن الخطر الارهابي وربط ذلك بالاسلام. و ذكر بلخادم بانعكاسات هذه النظرة على العالم الاسلامي ومن ذلك رفض الغرب للاخر المسلم مثل خضوع من ينتمون إلى العالم الاسلامي للتفتيش في المطارات الغربية اورفض انضمام تركيا إلى الاتحاد الاوروبي أو عسكرة العالم الاسلامي مثلما يحدث في افغانستان والعراق وباكستان والصومال. وبعد ان اشار بلخادم في مداخلته "فشل" الحلول المقترحة حتى الان من اجل تواصل حضاري سلمي سواء الحل الايديولوجي او الاتقصادي ابرز انه ينبغي حاليا البحث عن حلول اخرى عن طريق حوار حقيقي من اجل ايجاد روابط وجسور تربط بين المجموعات البشرية لتعيش في سلام في هذا العالم. وأكد ان حزب جبهة التحرير الوطني باثارته النقاش حول هذا الموضوع لايريد البحث في جوانبه الاكاديمية بل في اسقاطاته السياسية. وقد نشط الندوة مجموعة من الجامعيين منهم المفكر بن شيخ غالب الذي ركز في مداخلته على ان الحوار ينبغي ان يجري بين من يؤمنون به معتبرا ان الحضارات امتداد لبعضها البعض ضاربا امثلة على اثراء الحضارة الاسلامية للحضارة الغربية. أما الاستاذ كردوسي بشير من جامعة الامير عبد القادر فقد ابرز في مداخلته "الاجحاف" الذي قابل به الغرب ما جلبته لهم الحضارة الاسلامية في جميع المجالات مشيرا إلى ان الغربيين يرون ان حضارتهم هي امتداد للحضارة الاغريقية الرومانية وللديانتين اليهودية المسيحية متناسين فضل المسلمين في ازدهار حضارتهم. الاستاذ محمد امين بلغيث من جهته يفرق ما بين الحوار الحضاري الذي يرى انه ينبغي ان ينصب على المسائل المتعلقة بالتعايش والمصالح المشتركة والحوار الديني الذي يرى انه غير ممكن لانه يتعلق بمعتقدات مختلفة. أما الباحث مصطفى الشريف فيذهب إلى ان الحوار "ضرورة حياتية" فالانسانية -- كما يضيف --تعيش ازمة متعددة الجوانب ويجب ان نبحث مع الاخر عن الحلول . والحوار حسبه ليس ذوبان بل هو من أجل "تحقيق حضارة عالمية جديدة". وهذا ما يذهب اليه ايضا عبد المجيد شيخي الذي يرى ان الحضارة واحدة ولدت انماط حياة وتفكير. وعقب المداخلات فتح المجال للتعقيب حيث طلب بلخادم كلمة من رئيس الكنيسة الكاثوليكية في الجزائر غالب بدر الذي حضر الندوة حيث أشار إلى ان الاختلاف جزء من هذا العالم وهو يجسد ارادة الله ويجب ان نقبل بعضنا بعضا. وفي الاخير أكد بلخادم ان الورشة التي فتحها الحزب ستستمر لتجيب على الاسئلة المطروحة مشيرا إلى ان الباب مفتوح للمجيع للمساهمة في النقاش حول القضايا المتعلقة بالموضوع والبحث في اسقطاتها السياسية.