انطلقت مساء يوم الجمعة بمدينة باتنة وفي أجواء بهيجة فعاليات الطبعة الثانية من المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي الذي لاقى نجاحا كبيرا في طبعته الأولى التي نظمت السنة الماضية. وجاء المهرجان هذه السنة تخليدا للمسرحي والشاعر ابن القبائل محند أويحيي المعروف باسم موحيا (1950/ 2004) الذي ساهم في إثراء الثقافة الأمازيغية والمسرح الجزائري من خلال الإنتاج وكذا الاقتباس عن المسرح العالمي . وتميز حفل الافتتاح الذي احتضنته قاعة عروض المسرح الجهوي بتكريم خاص لبعض الوجوه التي ساهمت في إثراء الحركة المسرحية بما فيها الناطقة بالأمازيغية وفي مقدمتها المخرجة فوزية آيت الحاج (تيزي وزو) والكاتب المسرحي خالد بوعلي (باتنة) وفضيلة عسوس (سيدي بلعباس) ومحمد بويش (باتنة) وأحمد خوذي (الجزائر العاصمة). وكانت فاتحة التظاهرة استعراض كوريغرافي تحت عنوان (ثيط زتفاوث) أو(نبع الضوء) قامت بأداء الرقصات واللوحات التعبيرية التي تضمنته مجموعة من المبدعين الشباب الذين استطاعوا وسط ديكور بهيج وبأزياء نابعة من عمق الجزائر أن يتحفوا الجمهور برقصات تعكس ثراء تراثنا ا لأصيل . وحمل العرض الراقص للجمهور الذي حضر (كعادته) بقوة خمس لوحات فنية امتزجت فيها رقصة تاكيبا التارقية التي تعكس شجاعة المقاتل التارقي أو الرجل الأزرق برقصة (أبريذ نتغاليين) أو رقصة الخيل التي مازال الشاوية من سكان منطقة الأوراس يحافظون عليها إلى حد الآن وتحرص المرأة على تقديمها في المناسبات السعيدة لاسيما أفراح الزواج والختان . وتضمنت اللوحات التعبيرية التي صفق لها محبو الفن الرابع بباتنة في هذه الأمسية طويلا أيضا رقصة قبائلية تعكس حياة أهل جرجرة عندما يحين موسم جني الزيتون وكذا رقصة (الصف) المشهورة بالغرب الجزائري والتي هي في الأصل رقصة تبين استعداد المقاتلين للتضحية من أجل الأرض والعرض لتكون الخاتمة رقصة الحومة العاصمية التي تمزج بين الحوزي الأصيل والفلامنكو لتعكس ذلك التمازج الثقافي الذي عاشته المحروسة عبر قرون من الزمن . وتعرف الطبعة الثانية من المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي الذي ينظمه سنويا مسرح باتنة الجهوي مشاركة المسارح الجهوية لباتنة وتيزي وزو و بجاية وأم البواقي ومعسكر وتعاونية مسرح "العفسة" من تلمسان والجمعية الثقافية للفنون الدرامية "صرخة الركح" من تمنراست وفرق "تزداي" من غرداية و"تالطات" من تيزي وزو والمركز الثقافي المعذر بباتنة . وسيستمتع محبو أبو الفنون على مدار 10 أيام بعروض مسرحية ناطقة بالأمازيغية تتنافس على 8 جوائز هي أحسن عمل مسرحي متكامل وأحسن إخراج وأحسن نص وأحسن أداء نسائي وأحسن أداء رجالي وأحسن سينوغرافيا وأحسن بداع موسيقي وكذا جائزة لجنة التحكيم. وتهدف هذه التظاهرة حسب محافظ المهرجان ومدير المسرح الجهوي بباتنة محمد يحياوي إلى تحسيس الجمهور بالمسرح الناطق بالأمازيغية وتشجيع التجارب والأبحاث في هذا الميدان بالإضافة إلى العمل على ترقيته وتطويره وكذا نشره وتوزيعه على نطاق أوسع . وينتظر أن تقام على هامش هذه التظاهرة المسرحية ندوات فكرية حول المسرح الناطق بالأمازيغية من أهم محاورها الاتجاهات والرؤى التي يتضمنها هذا النوع من المسرح والعراقيل التي تواجه ممارسته في الميدان إلى جانب التدابير والإجراءات الواجب اتخاذها من أجل إخراج المسرح الناطق بالأمازيغية من قوقعة المنطقة أو الجهة إلى رحاب الإقليمية والعالمية.