أشارت، أرقام الجمعية الوطنية للتخطيط العائلي، إلى أن الجزائر تسجل، سنويا، حوالي ثماني مائة حالة إجهاض، وأن ما بين 200 و300 منها تتم بطرق سرية، وحسب نفس المصدر، فقد شهد، العام الماضي، وفاة 80 إمرأة بسبب قيام قابلات غير مؤهلات بعملية إجهاضهن، كما أن أغلب حالات الإجهاض تتم بالوسط الحضري، أي بالمدن· وحسب الجمعية الجزائرية للتخطيط العائلي، فإن الرقم يبقى، نوعا ما، بعيداعن الرقم الحقيقي لحالات الإجهاض، بسبب التكتم الكبير الذي تلتزمه الفتيات اللواتي يقمن بعمليات الإجهاض، حيث أن الأرقام المتوفرة، تم استقاؤها بعد أن تقدمت تلك النسوة إلى المصالح الطبية قصد الإستطباب، أو بعد أن تعرضن لمضاعفات صحية ناتجة عن عمليات الإجهاض· وتلجأ بعض الفتيات أو الأمهات العازبات اللواتي يكتشفن أنهن حوامل، إلى تناول بعض العقاقير والأدوية بهدف إسقاط الجنين أو إجهاض أنفسهن، وقلّ ما نسمع عن حالات الإجهاض التي تحال على العدالة بسبب السرية التامة التي تجرى من طرف قابلات أو أطباء مختصين في التوليد، حيث تتم العمليات في على مستوى المنازل· وينص، قانون العقوبات، الذي تحظر المادة 304 منه، القيام بعمليات الإجهاض، على عقوبة بالسجن من سنة إلى خمس سنوات، وبغرامة مالية تصل إلى عشرة آلاف دينار في حق كل من يتورط في ذلك· ويبقى قانون الصحة العمومية ناقصا في هذا المجال، حيث لم يجد، بعد، آليات للتكفل بانشغالات المرأة، خصوصا عندما تكون حياتها في خطر· هذا الوضع، دفع بالجمعيات النسوية إلى المطالبة بتغيير القوانين وتقنين عمليات الإجهاض، خاصة فيما يخص النساء المغتصبات، على غرار ما قامت به بعض الدول الشقيقة مثل تونس التي تمارس فيها هذه العمليات، بكل حرية، في المصحات الخاصة، ومن قبل الأطباء، حتى يقطع الطريق في وجه المشعوذين والدجالين· هذه القوانين ستنتهي، حتما، بتشريع نصوص قانونية تضفي مرونة على الحظر المفروض على عمليات الإجهاض، بالإضافة إلى ضرورة فتح نقاش واسع يضم رجال الدين والجهات المسؤولة من أجل إيجاد صيغ قانونية تسمح للأطباء بأداء عملهم من خلال إجراء عمليات إجهاض شرعية طبقا للقانون، بالنسبة للحالات التي تستوجب ذلك· وتبقى أكبر قضية أحيلت على العدالة، هي تلك التي تم معالجتها من طرف المصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن ولاية الجزائر، والتي تتعلق بوفاة شابة خضعت لعملية إجهاض بعيادة خاصة بعين طاية، وأسفر التحقيق فيها عن تفكيك شبكة مختصة في الإجهاض والمتاجرة بالمواليد غير الشرعيين وبيعهم إلى أشخاص مغتربين وأجانب، وهي القضية التي تناولناها في أعدادنا السابقة· وكشف، التحقيق، أن الطبيب المختص في الطب العام، كان يملك عيادة خاصة حوّلها لممارسة الإجهاض، رفقة شقيقته التي تعمل مساعدة طبية في العيادة وابنتها، إضافة إلى عجوز كانت قابلة وابنتها، أيضا، التي كانت تشرف معها على عمليات التوليد·