وإن مِنْ شؤمِ المعصية على صاحِبِها ما يلي: 1 - أن المعصيةَ تُورِثُ صاحِبَها وحشةً في القلب، وتكونُ سبباً في حِرْمانِ العلم· وذلك أن القلبَ بيتُ الرب - كما يقول ابن القيم - فإذا عُمِرَ بغير ذكر مولاه أظلم، وبِقَدْر إعراض العبد عن ذِكْرِ الله يكون لديه من الضّنْكِ وضيق الصّدر وانقباض النفس، وإن انطَلَقَ صاحبها في الحياة فهو غير سعيد، لأن التّقيَّ هو السعيد، وأما العلم فهو نورٌ، ونورُ الله لا يؤتاه عاصي - كما قال الإمام الشافعي - والمعصية سبب في ضيق الصدر، وقَلَق النفس، قال سبحانه وتعالى: ''وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا''، وهذا بخلاف الطاعة التي تشرح الصدر، وتطمئن معها النفس، قال جل جلاله: ''الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)· 2 - أن صاحب المعصية تلعنُه حتى البهائم، بخلاف صاحب الطاعة· قال مجاهدٌ في تفسير قوله تعالى: ''أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ'' قال: إن البهائمَ تلعنُ عصاةَ بنى آدم إذا اشتدت السنةُ وأمسكَ المطر، وتقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم· أما صاحب الطاعة فقال فيه صلى الله عليه وسلم: إن اللهَ وملائكتَه وأهلَ السماوات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوتَ ليُصَلُّون على معلمِ الناس الخير· وقال صلى الله عليه وسلم لما مُرَّ عليه بجنازة: مستريح ومستراح منه· قالوا: يا رسول الله ما المستريح والمستراح منه؟ فقال: العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا، والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب· رواه البخاري ومسلم· 3 - حِرْمانُ الطاعة، كما قال ابن القيم: حُبُّ الكتابِ وحبُّ ألحانِ الغناء في قلبِ عبدٍ ليس يجتمعان· وذلك أن الطاعة قُربةٌ إلى الملك الديان، فلا يجد عبدٌ لذة الطاعة إلا بابتعاده عن المعصية، ولذا قال سبحانه في المنافقين: ''وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ'' (التوبة:46)، قال الفضيل: إذا لم تقدر على قيام الليل، وصيام النهار، فاعلم أنك محروم مكبل كبلتك خطيئتك· وقال شابٌ للحسن البصري: أعياني قيام الليل، فقال: قيدتك خطاياك· وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة· 4 - أن المعاصي سببٌ لِهوانِ العبدِ على ربِّه، فلا عِزّةَ إلا في طاعةِ العزيزِ سبحانه، قال الحسنُ البصري عن العصاة: هانُوا عليه فَعَصَوه، ولو عزُّوا عليه لَعَصَمَهُم· وقال عبدُ الله بن المبارك: رأيتُ الذنوبَ تميتُ القلوبَ وقد يورثُ الذُّلَّ إدمانُها *** وتركُ الذنوبِ حياةُ القلوبِ وخيرٌ لنفسِك عِصيانُها يتبع··· --------------------------------------------- أوائل وأرقام -- أول من كسا الكعبة المشرفة هو الملك تبع الحميري؛ أحد ملوك دولة حمير اليمنية· -- أول من أرسل الكسوة للكعبة المشرفة من مصر هي الملكة شجرة الدر· -- قال تعالى: ''ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا'' ومعناه أن 300 سنة شمسية (ميلادية) تساوي 309 سنة قمرية (هجرية) باليوم والساعة والثانية، من الذي علم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كل هذا منذ أكثر من 14 قرنا من الزمان؟ إنه الله سبحانه وتعالى فآمنوا به· --------------------------------------------- إن من الشعر لحكمة يا ناظرا يرنو بعيني راقد *** ومشاهدا للأمر غير مشاهد منيت نفسك ظلة وأبحتها *** طرق الرجاء وهن غير قواصد تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي *** درج الجنان بها وفوز العابد ونسيت أن الله أخرج أدما *** منها إلى الدنيا بذنب واحد --------------------------------------------- إرق نفسك بنفسك (الطب البديل) : الثلج ثلج: ثبت في الصحيح: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ''اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد''· وفي هذا الحديث من الفقه: أن الداء يداوى بضده، فإن في الخطايا من الحرارة والحريق ما يضاده الثلج والبرد، والماء البارد، ولا يقال: إن الماء الحار أبلغ في إزالة الوسخ، لأن في الماء البارد من تصليب الجسم وتقويته ما ليس في الحار، والخطايا توجب أثرين: التدنيس والإرخاء، فالمطلوب مداواتها بما ينظف القلب ويصلبه، فذكر الماء البارد والثلج والبرد إشارة إلى هذين الأمرين· وبعد، فالثلج بارد على الأصح، وغلط من قال: حار، وشبهته تولد الحيوان فيه، وهذا لا يدل على حرارته، فإنه يتولد في الفواكه الباردة، وفي الخل· أما تعطيشه، فلتهييجه الحرارة لا لحرارته في نفسه، ويضر المعدة والعصب، وإذا كان وجع الأسنان من حرارة مفرطة، سكنها· --------------------------------------------- قرآننا شفاؤنا ''لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة، وما من إله إلا إله واحد، وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم، أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم· '' الآية 74 من سورة دعاء اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم، اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم'' آمين يا قريب ويا مجيب· السنة قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: ''ما عمل آدمي عملا قط أنجى له من عذاب الله، من ذكر الله عز وجل'' وقال: ''إن ما تذكرون من جلال الله عز وجل من التهليل والتكبير والتحميد، يتعاطفن حول العرش، لهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن، أفلا يحب أحدكم أن يكون له ما يذكر به''· رواه أحمد --------------------------------------------- لمن كان له قلب : مداخل الشيطان اعلم أن القلب مثل المَلِك أو مثل الحصن، والشيطان عدو يريد أن يدخله ليستولي عليه، وحفظ هذا الحصن من العدو لا يكون إلا بحراسة أبوابه ومداخله، فالواجب إذا معرفة مداخل العدو الشيطان الرجيم لحماية القلب من وساوسه، ومداخل الشيطان وأبوابه صفات العبد وهي كثيرة، لكن أعظم الأبواب التي يسلكها هذا العدو المبين وجنود إبليس أجمعين قد تتركز في أبواب بعدد أبواب جهنم: الباب الأول: الغضب والشهوة فإن الغضب هو غول العقل، فإذا لم يستعمل العقل ضعف الإنسان فيصبح في غفلة عن الرحمن فتهجم عليه شهوات النفس ونزغات الشيطان فتلعب به كما يلعب الصبيان ''ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب''· الباب الثاني: الحسد والحرص من نور الله بصيرته هو الذي يعرف مداخل الشيطان، فإذا دخل الحسد والحرص إلى قلب الإنسان لم يبصر، فحينئذ يجد الشيطان فرصة فيحسن عند الحريص كل ما يوصله إلى شهوته وإن كان منكرا فاحشا· الباب الثالث: الشبع والتخمة وإن كان الطعام حلالا صافيا، فإن الشبع حتى التخمة يقوي الشهوات، والشهوات أسلحة الشيطان، لذا على الإنسان المؤمن ألا يسرف، ويقسم معدته إلى ثلاث (ثلث للطعام، ثلث للشراب، ثلث للهواء)· الباب الرابع: العجلة وعدم التثبت على الإنسان التأني وعدم التعجل في الأمور أي أن يعمل بيقين وإتقان وعدم استعجال قطف الثمار، قال حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم: ''العجلة من الشيطان والتأني من الله تعالى''· الباب الخامس : البخل وخوف الفقر فإن ذلك هو الذي يمنع من الإنفاق والتصدق في أوجه الخير، ويدعو إلى الإدخار والتكنيز وحتما إلى العذاب المهين ''الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء''· الباب السادس: التعصب الحزبي والمذهبي والأنا فإن التعصب للأهواء والحقد الآخرين والنظر إليهم بعين الإحتقار والإزدراء، وهذا ما أهلك إبليس حين استعلى على أمر ربه ولم يسجد لآدم، وقال أنا خير منه، فاستحق اللعنة، وكذا الطعن في الناس والاشتغال بذكر نقصهم والإستعلاء عليهم· الباب السابع: سوء الظن بالآخرين سوء الظن بالآخرين مجلبة لدخول الشيطان في القلوب والتفريق بينهم، وبما أن الإسلام دين التوحيد والوحدة وحسن الظن، والمؤمنون مأمورون باجتناب كثير من الظن قال تعالى: ''يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم''، والمؤمن يطلب المعاذير والمنافق يختلق ويتتبع العيوب· --------------------------------------------- وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين قال الإمام سليم عبد السلام بيدي: لقد أكد القرآن الكريم دستور الإسلام أن مهمته هي الإصلاح العالمي الشامل لكل نواحي الحياة، وذلك بإخراج الناس من الظلمات إلى النور، إخراج البشرية من مشكلاتها وأزماتها العائلية والأسرية بين الزوج وزوجته، بين الوالد وأولاده، وبين الرئيس ومرؤوسيه· وقد جرى هذا المعنى على ألسنة الرسل وحكاه لنا الكتاب المبين قال تعالى: ''من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها، وما ربك بظلام للعبيد''، وقال: ''ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلك خير لكم''، هكذا يدعونا ربنا للإصلاح العام للحياة؛ فاتبعوا القرآن تنصلح حياتكم وآخرتكم·