سيدي الرئيس·· هل تعرف الكاريار؟ إن هذا السؤال، ليس للقاضي الأول في البلاد فقط، وإنما إلى كل مسؤول رسمي في هذا البلد، من أولئك الذين يجلسون في مكاتب مؤثثة بأحدث التجهيزات وأرقى أنواع التكييف، وينسون أو يتناسون أنهم جاءوا لخدمة الشعب القابع في قاع المجتمع، يصارع مشاكله وهمومه منفردا· إن سؤالا كهذا، في أيام المهرجان الثقافي الافريقي، يكتسي أهمية بالغة، إذا ما علمنا أن الدولة استطاعت أن تخصص ميزانية بحجم 800 مليار دينار لمهرجان يدوم 15 يوما، أي نعم، هناك من يخالفني الرأي، ويرى أن المهرجان فرصة لتحسين صورة الجزائر في الخارج، وتوثيق العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية·· مع دول الجوار، لكن ما الذي سيستفيده المواطن البسيط من كل هذه الهلمة·· ببساطة، لا شيء· إن للجزائر عار في الداخل، إسمه المواطن، ولا نقصد به هنا، ذلك المواطن الذي يعيش في تمنراست تحت لفح حرارة تقارب 60 درجة مئوية، لأنه من المنطقي ألا يراه أي مسؤول سام بشكل يومي، وإنما نقصد ذلك الذي اختاره الزملاء مثالا لوعود الرسميين التي لا تتحقق·· ذلك الذي يعيش على بعد أمتار من قصر المرادية، وعلى بعد خطوات من ميناء الجزائر، ذلك الذي يعيش بأعالي العاصمة، وتمر عليه مواكب الرسميين كل يوم؟ ألا يرونه؟ إن سكان ''الكاريار'' الذين يحلمون بالعيش على مساحة 60 مترا مربعا منذ الإستقلال، لا أحد يسمع أنينهم، مثلهم مثل كل الطبقة المسحوقة في هذا المجتمع، الذي ينتخب كل 5 سنوات، نوابا يحجون إلى قبة البرلمان لقول نعم باسمهم، ويعين لخدمتهم كل يوم وزراء وولاة ورؤساء دوائر ·· الغريب أن هؤلاء الذين يمثلون الشعب لا أحد منهم يسكن في شقة تنعدم فيها ضروريات الحياة، وعلى رأسها المرحاض'' أكرمكم الله''، ولا تتعدى مساحتها 18 مترا، نعم، في مثل هذه المساحات أنجب سكان ''الكاريار'' أبناءهم، وعلى مر السنين، قامت الحكومات وسقطت، وتعاقب المسؤولون تباعا، لكن همّ هؤلاء، ظل هو هو، أيعقل أن تعيش، في بلد مثل الجزائر، ثلاث عائلات في غرفة واحدة، أيعقل أن ينام إبن مع زوجته عند أرجل والديه، أيعقل أن ينام إبن عمره 40 سنة مع والدته في حيز لا يتعدى 5 أمتار·· أيعقل·· أيعقل·· ما يحدث في ''الكاريار'' وغيره من الأحياء الفقيرة، معاناة لا تحتمل·· وما يحدث، أيضا، في سوق العقار، تحت الطاولات، لا يعقل·· فما يوزع على الفقراء من كذب ووعود زائفة، هو الشيء الوحيد الذي أصبح معقولا في هذا الزمن·· إن ما يرجوه هؤلاء البسطاء، اليوم، من هؤلاء الذين لم يستطيعوا توفير ميزانية لرفع معاناة عمرها أكثر من 40 سنة، طوال هذا الوقت، هو أن يتوقفوا عن الكذب عليهم، ويَدَعُوهم يعيشون همومهم بدون أحلام·