تصاعدت مرة أخرى الأصوات المتناحرة بقلب عاصمة الأنوار، باريس بين مؤيد ومعارض، حيث امتد الصراع بخصوص النقاب والبرقع، صراع آخر حول قضية تعدد الزوجات التي كثيرا من يلجأ إليها بعض الشباب المسلم اعتقادا منهم أنه تطبيق للدين الإسلامي· فالحادثة تقول إن شرطة المرور أقدمت على توقيف شابة بسبب قيادتها في الطريق العام وهي واضعة ستار الوجه، الأمر الذي اعتبرته الشرطة إعاقة في السياقة وخطر صريح· غير أن القضية لم تتوقف عند هذا الحال، ففي الوقت الذي وصفت فيه الشابة المسلمة تصرف الشرطة بالتحيز العنصري ضد كل الإسلام، ذهبت السلطات المحلية لتقصي خلفية هذه الشابة المطالبة باحترام مواطنتها وخصوصيتها· لغاية الآن كان من الممكن أن يفتح المجال للإجراءات الإدراية العادية، غير أن الشرطة اكتشفت أن المتهمة في الواقع هي واحدة من الزوجات الأربع لشاب من أصل جزائري لا يتجاوز سنه 35 سنة، وأب ل 12 طفلا· هذا الاكتشاف الذي سيحول قضية مرورية لحديث الساعة، حيث ساعدت السلطات العليا في فرنسا للحديث عن ضرورة نزع الجنسية الفرنسية عن هذا الشاب الذي تطاول على القوانين في الظاهر، نقول في الظاهر لأن الحقائق تكشف أن هذا الشاب لم يخرق أي قانون بالرغم من تأكد الكل جمعه بين أربع زوجات، غير أنه يظل من الناحية القانونية متزوج من واحدة، في حين أن قران الزيجات الثلاث الأخرى مجرد زواج ديني غير مصرح به لدى المصالح المدنية، مع العلم أن القانون الفرنسي لا يعاقب المرأة إن وضعت مولودا خارج إطار الزواج، بل يمنح شهادة ميلاد تتضمن اسم الوالد والأم، مع الإشارة إلى الحالة الاجتماعية للأم بالعزباء، على اعتبار أنه يتم التعامل معها على أساس أنها عشيقة وضعت مولودا خارج الزواج· وعليه، فإن يستحيل نزع الجنسية لمن لم يخالف القانون ظاهريا. هذا الواقع الذي تعتبره السلطات الفرنسية ضحك على الذقون وتحايل ما بعده تحايل، الأمر الذي اضطر السلطات العمومية تسارع لبحث القضية بما يسمح به القانون· في هذا المقام، لا بد من الاعتراف أن هذا الشاب المسلم على غرار الكثيرين من بني دينه في فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، لم يرتكب تجاوزا قانونيا بشكل صريح، إذ كان من الممكن أن يكون مجرد شاب فرنسي لديه من العشيقات إلى جانب زوجته، غير أن الطابع الديني أخلط الأوراق، وبدا الأمر كأن فرنسا في طريقها لتصبح واحدة من الإمارات الإسلامية، حيث الجواري وما ملك اليمين..، وغيرها من الآمات· وقد يكون الأمر كذلك، إلا عددا من الوزراء والرسميين الفرنسيين أخطأوا في الهدف حين راحوا يقرعون طبول الحرب لمجرد ارتداء الفتيات للخمار، دون مراعاة الخصوصية الدينية والحريات الفردية، ليجدوا أنفسهم في مأزق قانوني حين جد الجد، ولم يعد الأمر يتعلق بمجرد الحديث على بلاتوهات التلفزيون، فكيف سيكون المخرج وهل تكون فرنسا دون مواطنيها الفرنسيين؟