أضحكت مسرحية ''الحشامين''التي قدمها المسرح الجهوي لباتنة، سهرة أول أمس، بالمسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي جمهورا عريضا استمتع بالعرض الذي خلق فرجة، حيث تفاعل معه كثيرا، خاصة وأن النص هو الأول غير المقتبس خلال كل العروض المشاركة بالمهرجان· تنتمي مسرحية ''الحشامين ''التي أخرجها شوقي بوزيد إلى théâtre de boulevard وقد طرحت أحداثها ظاهرة الحياء ''الحشمة'' عند فئة خاصة من الناس، حيث قام خلال العرض بالكشف عن جانب من حياة هؤلاء الحشامين، هذا ما قام بتجسيده الممثلون على ركح بشطارزي حين تقدم شخص لأب خجول يطلب منه يد ابنته الوحيدة للزواج وبدون انتظار الرد، الرجل يعتبر نفسه خطيبا لها، وقد برز ذلك من خلال الزيارات المتكررة التي تدوم لمدة طويلة، إلى جانب الهدايا التي يحضرها للخطيبة المرغومة، ما زاد من تأزم الأحداث في المسرحية، حيث أن ابنة الأب الخجول ترفض مطلقا الوضع وترفض في الوقت نفسه الخطيب وتُعلم والدها أنها لن تتزوج إلاّ مع ابن خالتها، الشيء الذي زاد من حدّة الأوضاع. وما دفع العرض لخلق الفرجة هو ظهور ابن خالتها الذي هو الآخر مصاب بمرض الخجل، مما جعله يطلب يد العروس المستقبلية عن طريق رسالة خطية، حيث يقوم بوضعها في ركن من أركان البيت ويختبئ لينتظر الرد بالقبول· ما ميز العرض الذي كتب نصه مراد سنوسي، الديكور الكلاسيكي المتحرك الذي استعمل لأكثر من مهمة، كما أن النص كان يحمل أبعادا عميقة ودلالات موحية من خلال ''المستقبل راه للناس لما يحشموش''، ''واجه الناس بالشيء اللي قادر عليه''، ''وأنا ما نديش بسبور الحج تاع طرفيك''، فالكاتب حاول من خلال ذلك الكشف عن جزء ولو صغير من الفساد المنتشر في المجتمع، إلى جانب ذلك حاول تعرية واقع الفساد المرّ الذي أصبح الشبح المهدد للقيم والمبادئ الإنسانية. الممثلون كانوا متألقين على الركح طيلة العرض، وقد ساهم حضورهم القوي بخلق فرجة ومتعة كاملة بإضحاك الجمهور طيلة العرض من خلال تقديم مشاهد هزلية تلفت الانتباه. ثلاثة أسئلة إلى: علي جبارة (ممثل بالمسرحية) هل بإمكانك أن تعطينا لمحة قصيرة عن شخصيتك بالعرض؟ دوري جد بسيط، حيث تقمصت دور الخادم، وبالتالي أعرف كل شيء يجري بالبيت، كما أنني على علم بكل أسرار العائلة التي أعمل لديها بحكم المدة الطويلة التي خدمتهم فيها، وعليه قمت بتربية البنت الوحيدة لرب البيت. هذه الأخيرة كانت تستشيرني عن أشياء تتعلق بها، وبعد أن أخبرتني أنها ترفض الخطيب الذي تقدم إليها كنت أفكر إلى جانبها في خطط لتتخلص منه، وتم ذلك بطريقة هزلية مضحكة· بما أنك معتاد على أداء الأدوار الرئيسية، كيف وجدت الدور؟ إنني ممثل وأعشق المسرح، فإن أي دور يمنح لي أعمل على إتقانه، كما أن الممثل الحقيقي هو الشخص الذي يتفاعل مع أي دور يقدم له، فمثلا بمسرحية ''الحشامين''، إلى جانب دوري كخادم، غير أنني كنت المحرك الأول للديكور· الجمهور تفاعل مع المسرحية طيلة العرض، ما السر في ذلك؟ صحيح، نملك جمهورا قويا يعشق المسرح إلى درجة كبيرة، وهو الشيء الوحيد الذي دفعنا كممثلين أن نتقن أدوارنا بهدف خلق الفرجة و لمتعة للجمهور. وأعتقد أن أي عرض يتفاعل معه الحضور، فإن ذلك يعتبر نجاحا مسبق له، بمعنى أن المسرحية كشفت عن جزء من الواقع المعيش· ثلاثة أسئلة إلى: شوقي بوزيد (مخرج العرض) ما هو تقييمك للعرض الأول للمسرحية؟ أنا قدمت عرضا، والحكم يعود للجمهور، أتمنى فقط أن يكون جيدا ويعجبه، صحيح أنه ليس من السهل أن تأخذ ساعة وعشرون دقيقة من وقت الجمهور، أتمنى أن تكون مساحة للمتعة والفرجة، نص هذه المسرحية قديم نوعا ما، اشتغلت عليه كثيرا، وفرصة أتيحت لي جسدته على الركح· ''الحشامين'' مسرحية كوميدية محضة، ما سر هذا الانتقال؟ ليس انتقال من الكوميديا إلى الدراما أو العكس، بصفتي مخرج يصبح لزاما عليّ أن أشتغل على كل العروض، فالعمل هو الذي يفرض نفسه، أنا لا أفرض الشكل على العمل، لكن النص والعمل هما اللذان يفرضان نفسيهما وشكلهما. النص المسرحي في الأساس فكرة، وهو من يفرض فكرته، لكن العمل حتى وإن كان كوميديا، فقد حمل الكثير من الدلالات والرسائل، مع بعض العبث المسرحي· الكل كان ينتظر كيشوط في المنافسة، ما سر التغيير؟ كيشوط مسرحية للمسرح الوطني الجزائري، فهو حرّ في اختيار العرض الذي يدخل المنافسة الرسمية، ستعرف المسرحية بعض التغييرات في ما يخص الممثلين، وسيعاد تقديمها بشكلها الجديد قريبا. أما عن عرض ''الحشامين''، فقد اشتغلت حوالي ستة أشهر على هذا النص وحوالي شهرين على الخشبة. أما عن اختيار الممثلين، فلم يكن صعبا كثيرا، بصفتي منحدر من باتنة أعرف الكثير منهم منذ سنوات، فلم أجد أي صعوبات أو انتقادات في ذلك· قالوا عن العرض شنيب نبيل: اعجبني العرض كثيرا، الممثلون كانوا متميزين على الخشبة من خلال إضحاك وإمتاع الجمهور طيلة العرض، كما أن الديكور رغم بساطته إلا أنه كان يحمل دلالات ومعاني عميقة، وعليه أعتقد أن العرض نجح لأن إضحاك جمهور في وقت قصير ليس بالشيء الهين· محفوظ لكرون: العرض ينتمي إلى مسرح الشارع، قدم بطريقة هزلية رائعة، كما خلق فرجة كبيرة بين الجمهور، لكن رغم ذلك فإن العرض يحمل بعض النقائص منها الديكور المتحرك بشيء ملفت للانتباه. الممثلون كان لهم حضور ، إلا أنهم كانوا متفاوتين في المستوى وينقصهم بعض التمرين، ففي بعض المشاهد كان تمثيلهم جيد وأخرى كان تمثيلهم متوسط، وبالتالي لم يكن هناك انسجام بين المشاهد. لطفي بن سبع: العرض نصه خفيف، حيث أدخلنا في جو من المتعة والفرجة. الممثلون كانوا أكثر من رائعين، فقد عودونا دائما على تألقهم، السينوغرافيا أعاقت حركة الممثلين في بعض الفترات، هناك بعض الفراغات التي أساءت إلى جدية العرض، كان بإمكان المخرج أن يبحث أكثر في السينوغرافيا. ربيع قشي: بصراحة، المهرجانات هي عصارة بحث وأشياء جديدة تجاه المسرح، أما بالنسبة لعرض اليوم فينتمي إلى مسرح الشارع، وبالتالي لم يؤهله ذلك للمشاركة في المهرجان، لكن رغم كل شيء الممثلين كانوا رائعين·