لقد وضع القرآن الكريم قواعد واضحة للعائلة البشرية، وأعلن في صورة واضحة لا تحتمل اللبس أو التأويل أن الناس خلقوا جميعا من نفس واحدة، مما يعني وحدة الأصل الإنساني· فقال تعالي: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) النساء:1· وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الناس بنو آدم وآدم من تراب؛ لذلك فالناس جميعا في نظر الإسلام لهم الحق في العيش والكرامة دون استثناء أو تمييز، فالإنسان مكرم في نظر القرآن الكريم، دون النظر إلى دينه أو لونه أو جنسه، قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء:07· ولا يصح أن يكون اختلاف البشر في ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم ودياناتهم سببا في التنافر والعداوة، بل إنه يجب أن يكون داعيا للتعارف والتلاقي على الخير والمصلحة المشتركة كما أخبرنا الله عز وجل بقوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ ) الحجرات:31· وميزان التفاضل الذي وضعه القرآن الكريم إنما هو فيما يقدمه الإنسان المؤمن من خير للإنسانية كلها (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ )· لكل ذلك نظر الإسلام إلى غير المسلمين، خاصة أهل الكتاب، نظرة تكامل وتعاون، وبالأخص في المصالح المشتركة على قاعدة من القيم والأخلاق التي دعت إليها كل الأديان، بل وتلك التي حظيت بالقبول والرضا من بني الإنسان؛ بشرط عدم الإعتداء على الكليات الخمس وخاصة الدين وأرض المسلمين· ومن هنا نعلم أن دستور الإسلام في التعامل مع غير المسلمين يتلخص في قوله تعالى: (لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ ) الممتحنة:8· ومن هذه الآية وغيرها حدد الإسلام الأصول التي يجب مراعاتها عند التعامل مع الآخر، وقوام تلك الأصول هو التسامح الذي هو وثيق الصلة بالعفو الذي يعني التجاوز عن الذنب وإسداء الإحسان وفعل الخيرات· ويرجع أساس النظرة المتسامحة التي تسود المسلمين في معاملة مخالفيهم في الدين إلى الأفكار والحقائق الناصعة التي غرسها الإسلام في عقول المسلمين وقلوبهم، ومن أهم تلك الحقائق: وحدة الأصل البشري، تكريم الإنسان، الاختلاف في الدين أمر قدري بمشيئة الله تعالى، المسلم غير مكلف بمحاسبة غيره من المخالفين له، فضلا عن إكراهه وجبره لمخالفة دينه، حث الإسلام على العدل الذي به ينتظم الوجود الإنساني· ويتعامل الإسلام مع غير المسلمين على مستويين: الأول: الفرد أو الجماعة غير المسلمة في المجتمع المسلم· الثاني: الجماعة غير المسلمة المتعاملة مع الدول الإسلامية· والإسلام ضرب أروع الأمثلة في التعامل مع غير المسلمين في كلا المستويين، وكان نموذجا يحتذى به في التعامل مع الآخر، سواء في نظامه التشريعي أو النظري، أو في نظامه التطبيقي، وهو ما يشهد به التاريخ الإنساني عبر القرون· فقد اهتم النبي (صلى الله عليه وسلم) اهتماما فائقا بإظهار الرحمة والتسامح والعفو مع غير المسلمين، وحذر أشد التحذير من ظلم واحد منهم، فقال: من ظلم معاهدا أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه، فأنا حجيجه يوم القيامة· ولما توسعت رقعة الدولة الإسلامية زمن النبي (صلى الله عليه وسلم) كانت هناك مجموعة كبيرة من القبائل المسيحية العربية، وبخاصة في نجران، فما كان منه إلا أن أقام معهم المعاهدات التي تؤمن لهم حرية المعتقد، وممارسة الشعائر، وصون أماكن العبادة، بالإضافة إلى ضمان حرية الفكر والتعلم والعمل، فلقد جاء في معاهدة النبي لأهل نجران: ولنجران وحاشيتهم جوار الله، وذمة محمد النبي رسول الله على أنفسهم، وملتهم، وأرضهم، وأموالهم، وغائبهم، وشاهدهم، وبيعهم، وصلواتهم، لا يغيرون أسقفا عن أسقفيته، ولا راهبا عن رهبانيته، ولا واقفا عن وقفانيته، وعلى ما في هذه الصحيفة جوار الله وذمة النبي أبدا حتى يأتي الله بأمره إن نصحوا وأصلحوا· وفي عهد ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب يبين أن المسلمين صاروا على سنة نبيهم حيث عاهد أهل إيلياء (القدس) فنص على حريتهم الدينية، وحرمة معابدهم وشعائرهم فقال: لا تسكن كنائسهم، ولا تهدم، ولا ينتقص منها، ولا من حيزها، ولا من صليبها، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود · إتظروا يا أهل الكتاب؛ ويا أهل حقوق الإنسان؛ ويا أيها العالم أجمع أن الإسلام لا يظلم أحدا بل يرفق بكم جميعا لينقذكم من أنانيتكم وبخلكم على أنفسكم ويريد أن يوصلكم إلى بر الأمان في الدارين فسارعوا إلى حضن الإسلام تجدوا الرحمة والتسامح والعفو والسعادة ·· ويا أيها المسلمون إلتزموا بأخلاق دينكم ونبيكم ولا تكونوا فتنة للذين آمنوا ولا للذين كفروا؛ فالإسلام دين علم وعمل ومعاملة حسنة؛ دين جد واجتهاد وعزة ورفعة وكرامة ولين ورأفة· لا عز لنا إلا بالإسلام· ------------------------------------------------------------------------ أوائل وأرقام العلماء العرب والمسلمون أول من تناولوا جيولوجيا البحار والأنهار في مؤلفاتهم الجغرافية أكثر من غيرها· فقد أفردوا أبوابًا في مصنفاتهم الجغرافية تناولوا فيها أسماء البحار ومواقعها والبلدان التي تطل عليها، وتحدثوا عن أماكن من اليابسة كانت بحارًا وأنهارًا، وأماكن تغطيها البحار كانت معمورة بالسكان فيما مضى، كما خلفوا مؤلفات عديدة في علم الملاحة· وظاهرة المد والجزر كان يعتمد عليها ربابنة السفن في رحلاتهم البحرية والنهرية· ومن بين العلماء الذين كانت لهم آراء متفردة في هذا الشأن الكندي والمسعودي والبيروني والإدريسي والدمشقي وغيرهم.. تفقه في دينك ودنياك س: عندما يرقي إنسان أحد إخوانه فإنه يقول في الدعاء المأثور: ''بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، وأسأل الله الكريم، رب العرش العظيم أن يشفيك فماذا يقول الإنسان إذا أراد أن يرقي نفسه؟ جزاكم الله خيرا؟''· ج: يقول ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقول: رب الناس اذهب البأس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك بسم الله أرقي نفسي من كل شيء يؤذيني ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيني · ويتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه في كفيه عند النوم إذا اشتكى شيئا، وذلك بقراءة: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (ثلاث مرات)، ويمسح بهما على رأسه ووجهه، وما أقبل من جسده (ثلاث مرات)· ------------------------------------------------------------------------ والله ولي التوفيق إن من الشعر لحكم ومن يذق الدنيا فإني طمعتها وسيق إلينا عذبها وعذابها فلم أرها إلا غروراً وباطلاً كما لاح في ظهر الفلاة سرايها وماهي إلا جيفة مستحيلة عليها كلاب همهن اجتذابها فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها وإن تجتذبها نازعتك كلابها فدع عنك فضلات الأمور فإنها حرام على نفس التقي ارتكابها قرآننا شفاؤنا قال الله تعالى: ''قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ'' (يونس 58)· الله قريب مجيب ''اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك وحبيبك محمد صلاة تامة إلى يوم الدين وعلى آل بيته الطاهرين وصحابته الغر الميامين واجعلنا في زمرتهم وتقبل دعائنا يا رب العالمين'' آمين يا قريب يا مجيب· السنة منهاجنا قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم: ''يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك كله ركعتان يركعها في الضحى'' (مسلم)· ------------------------------------------------------------------------ لمن كان له قلب اتقوا الله ووحدوه ومن وسائل الشرك: السحر والكهانة والعرافة ·· والسحر هو: عزائم وكلام وأدوية وتدخينات ·· وله حقيقة ·· وقد يؤثر في القلوب والأبدان ·· فيمرض ·· ويقتل ·· ويفرق بين المرء وزوجه ·· وهو من أعظم الذنوب: قال صلى الله عليه وسلم: ''اجتنبوا السبع الموبقات قالوا: وما هي؟ قال: الإشراك بالله والسحر''·· فالسحر فيه استخدام الشياطين ·· والتعلق بهم ·· والتقرب إليهم بما يحبونه ·· ليقوموا بخدمة الساحر ·· وفيه أيضاً ادعاء علم الغيب ·· وهذا كفر وضلال ··لذا قال تعالى: ''إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى'' ·· وحكم الساحر القتل ·· كما فعل جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ·· والعجب أننا أصبحنا في زمان ·· تساهل الناس فيه بالسحر ·· وربما عدوا ذلك فناً من الفنون التي يفتخرون بها ·· ويمنحون الجوائز لأصحابها ·· ويقيمون للسحرة الحفلات·· والمسابقات·· ويحضرها آلاف المتفرجين والمشجعين ·· وهذا من التهاون بالعقيدة وما أجمل أن يصنع بالساحر ما صنعه أبو ذر الغفاري رضي الله عنه ·· فإنه دخل على أحد الخلفاء فرأى بين يديه ساحراً ·· يلعب بسيف في يده ·· ويخيل للناس أنه يضرب يقطع رأس الرجل ثم يعيده ·· فجاء أبو ذر من اليوم التالي ·· وقد لبس رداءه ·· وخبأ سيفه تحته ·· ثم دخل على الخليفة ·· فإذا الساحر بين يديه يلعب بالسيف ·· ويسحر أمام الناس ·· وهم في عجب وإعجاب ·· فاقترب منه أبو ذر ·· ثم أخرج سيفه فجأة ورفع وهوى به على رقبة هذا الساحر ·· فأطار رأسه ·· فسقط الساحر صريعاً ·· وقال أبو ذر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: حد الساحر ضربة بالسيف ··ثم التفت إليه أبو ذر وقال: أحيي نفسك ·· أحيي نفسك ··؟؟؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: ''من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم''· ومما يجب التنبه له: أن السحرة والكهان والعرافين يعبثون بعقائد الناس ·· بحيث يظهرون بمظهر الأطباء ·· فيأمرون المرضى بالذبح لغير الله ·· بأن يذبحوا خروفاً صفته كذا وكذا ·· أو دجاجة ·· وأحياناً يكتبون لهم الطلاسم الشركية ·· والتعاويذ الشيطانية ·· بصفة حروز يعلقونها في رقابهم ·· أو يضعونها في صناديقهم ·· أو في بيوتهم ·· وبعضهم يظهر بمظهر الولي الذي له خوارق وكرامات ·· كأن يضرب نفسه بالسلاح ·· أو يضع نفسه تحت عجلات السيارة ولا تؤثر فيه ·· أو غير ذلك من الشعوذات ·· التي هي في حقيقتها سحر من عمل الشيطان ·· يجريه على أيديهم ·· وشياطينهم تخنس عند ذكر الله ·· كما ذكر أحد الشباب أنه سافر يوماً إلى إحدى الدول ·· ودخل أحد مسارحها ·· وأخذ ينظر إلى ما يسمى السيرك ··قال: وبينما نحن ننظر إلى الألعاب المتنوعة ·· فإذا بامرأة تأتي ثم تمشي على حبل بقدرة عجيبة ·· ثم قفزت على الجدار ·· ومشت عليه كما تمشي البعوضة ·· والناس قد أخذ منهم العجب منها كل مأخذ ·· فقلت في نفسي ·· لا يمكن أن يكون ما تفعله حركات بهلوانية تدربت عليها ·· صحيح أنا عاص ·· لكني موحّد ·· لا أرضى بمثل هذا فتحيرت ماذا أفعل؟ فتذكرت إني حضرت خطبة جمعة عن السحر والسحرة ·· وكان مما ذكر الشيخ أن السحرة يستعملون الشياطين ·· وأن الشياطين يبطل كيدها ·· وتفنى قوتها إذا ذكر الله ·· فقمت من على كرسيي ·· ومضيت أمشي متجهاً إلى خشبة المسرح ·· والناس يصفقون معجبين ·· ويظنوني لفرط إعجابي ·· أقترب من الساحرة ·· فلما وصلت إلى المسرح ·· وصرت قريباً من هذه الساحرة ·· وجهت نظري إليها ثم قرأت آية الكرسي: ''الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ··'' ·· فبدأت المرأة تضطرب ·· وتضطرب ·· فوالله ما ختمت الآية إلا وقعت على الأرض ·· وأخذت تنتفض ·· وقام الناس وفزعوا ·· وحملوها إلى المستشفى ·· وصدق الله إذ قال: ''إن كيد الشيطان كان ضعيفاً'' ·· وقال: ''ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين''·· ------------------------------------------------------------------------ وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين قال غوستاف لوبون Dr. G. Lebon ولد عام 1841م، وهو طبيب، ومؤرخ فرنسي: ''· مع ما أصاب حضارة العرب من الدثور، كالحضارات التي ظهرت قبلها: لم يمس الزمن دين النبي (صلى الله عليه وسلم) الذي له من النفوذ ما له في الماضي، والذي لا يزال ذا سلطان كبير على النفوس، مع أن الأديان الأخرى التي هي أقدم منه تخسر كل يوم شيئًا من قوتها·· وتجمع بين مختلف الشعوب التي اتخذت القرآن دستوراً لها وحدة اللغة والصلات التي يسفر عنها مجيء الحجيج إلى مكة من جميع بلاد العالم الإسلامي· وتجب على جميع أتباع محمد (صلى الله عليه وسلم) تلاوة القرآن باللغة العربية بقدر الإمكان، واللغة العربية هي لذلك أكثر لغات العالم انتشارًا على ما يحتمل، وعلى ما بين الشعوب الإسلامية من الفروق العنصرية ترى بينها من التضامن الكبير ما يمكن جمعها به تحت علم واحد في أحد الأيام''·