فقال له الرشيد - وقد سمع بشعره -: ويلك من مريمُك هذه التي قد وصفتها صفة حور العين؟ قال: زوجتي، فوصفها كلاماً أضعاف ما وصفها شعراً؛ فأرسل الرشيد إلى الحجاز حتى حملت، فإذا هي سوداء طمطانية ذات مشافر، فقال له: ويلك! هذه مريم التي ملأت الدنيا بذكرها؟! فقال: يا سيدي، إن عمر بن أبي ربيعة يقول: فتضاحكن وقد قلن لها * * * حسن في كل عين ما تود وليمت امرأة في تركها رجلاً جميلاً؛ ومحبتها لرجل قبيح؛ فقالت: ليس الهوى بالاختيار؛ ثم أنشأت: ولا تلم المحب على هواه * * * فكل متيم كلف عميد يظن حبيبه حسناً جميلاً * * * وإن كان الحبيب من القرود فالجمال أمر نسبي، ولا ندعي المثالية فنقول إنه ليس مطلوباً؛ لكن الذي نعنيه أنه ليس كل شيء؛ وما يقال للرجل في هذا يقال للمرأة، فإنما جمال الرجل في أخلاقه وحسن عشرته؛ وقد يجد في نفسه بسبب وسواس الشيطان؛ وانتقاله لحياة التقيد بعد ''الحرية الفوضوية'' بغضاً لهذه المرأة؛ ونفرة منها؛ ربما تكون بسبب التغيير المعيشي، والعلاجُ له أن يتصبر حتى يظفر بالخير؛ ويمثل العشق لزوجته حتى يألفه· ومما يحقق له ذلك إدامة النظر والمخالطة ، فإن من الناس من توجب له الرؤية نوع محبة، فإن دوام النظر والمؤانسة والمخالطة، تنمو به المحبة؛ كالبستان إذا زرع، فإنْ أهمل يبس؛ وإن سُقي نما· على أنه من المهم أن يُعرف أن القليل من البيوت مما بني على الحب؛ وفي ذلك قال عمر رضي الله عنه: ''أقل البيوت مما بني الحب''؛ فإن من البيوت من يجمع بين الزوجين فيها احترام وألفة ؛ وأولاد ومعاونة على قطع الطريق؛ حتى يأتي الأجل لأحدهما فيتذكره بخير؛ وقد لا يأتي الحب إلا متأخراً··! ألم تر أن بعض الأزواج يكونان في بداية حياتهما في مشاكل ونزاع؛ فإذا بلغا الأربعين؛ فإذا بكل واحد منهما يكتشف صاحبه من جديد، وإذا بالرحمة تدخل والمودة تحل بينهما، ولذلك حري بنا أن ننبه إخواننا وأخواتنا إلى سن الأربعين ودوره في مسيرة الحياة الزوجية، وأن فيه في الغالب إحساس المرأة بالفراغ بعد زواج الأبناء وانشغالهم في زحمة الحياة· فالزوج العاقل من يروي ظمأ زوجته العاطفي في هذه السن، فيكون لها مؤنساً؛ وهذا بالتالي يرجع عليه بسعادة وهناء وبيت مؤنس؛ وزوجة ترى أنه هو كل الدنيا لها؛ وبالتالي يرجع ذلك إلى أن تفعل ما هو كفيل بأن يحقق له السعادة· نحن لا نتكلم عن هذا السن بأنها مراهقة متأخرة؛ ولكن ربما طفولة دفينة تظهر متأخرة ؛ وعلى الزوجين أن يختارا الألفاظ الحسنة والتأدب في المعاملة؛ فإذا حادثت المرأة زوجها فلا تكن جهورية الصوت تصرخ في وجهه؛ لأن هذا من الغلظة وسوء الطبع، ولتكن هادئة في كلامها خافضة الصوت أمامه؛ ولتنظر له بالمنزلة التي جعلها الله له عليها؛ فكم جميلٌ أن تكلمه خافضة الصوت؛ لا تنظر إليه بحدة، ترمي ببصرها إلى الأرض مهابة له وحياءً منه وإعظاماً له في صدرها، ولا يحسن بها أن يكلمها فتصد عنه؛ أو تنشغل عنه بشيء آخر، وهو قد يكون يتكلم بموضوع يرى أنه من أهم المهمات· يتبع··· ------------------------------------------------------------------------ أرق نفسك بنفسك وتداوى بالطب البديل تطهر واستقبل القبلة وارق نفسك بنفسك بكلام ربك وسنة نبيك وأنت موقن بأن الله هو الشافي المعافي القادر على كل شيء.. هيا تابع وواصل الآن ''فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ'' (الحديد:13)، ''فَمَا اسْطَاعُوَاْ أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُواْ لَهُ نَقْباً'' (الكهف: 97)، ''وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إِنّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ'' (المائدة: 67)، ''وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ حِجَاباً مّسْتُوراً * وَجَعَلْنَا عَلَىَ قُلُوبِهِمْ أَكِنّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيَ آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلّوْاْ عَلَىَ أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً'' (الإسراء: 45-46)، ''ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مّن رّبّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَىَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ'' (البقرة: 178)، اللهم إنا نعوذ بك من الهم والحزن، ونعوذ بك من العجز والكسل ، ونعوذ بك من البخل والجبن، ونعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال· يتبع·.· واصل بخشوع ------------------------------------------------------------------------ أوائل وأرقام ثاني مسجد وضع في الأرض، عن أبي ذر الغفاري، قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: ''المسجد الحرام''، قال: قلت ثم أي؟ قال: ''المسجد الأقصى''، قلت: كم كان بينهما؟ قال: ''أربعون، ثم أينما أدركتك الصلاة فصله، فإن الفضل فيه'' (رواه البخاري). ويعتقد المسلمون أنه كما تتابعت عمليات البناء والتعمير على المسجد الحرام، تتابعت على الأقصى، فقد عمره إبراهيم حوالي العام 2000 قبل الميلاد، ثم تولى المهمة أبناؤه إسحاق ويعقوب من بعده، كما جدد سليمان بناءه، حوالي العام 1000 قبل الميلاد· روي عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَأوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُب فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اأَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ · قرآننا شفاؤنا قال الله تعالى: ''يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً'' (سورة النساء/1). الله قريب مجيب ''رَبّنَا الله الّذِي في السّماء تَقَدّسَ اسْمُكَ أَمْرُكَ في السّمَاءِ وَالأرْضِ كما رَحْمَتُكَ في السّمَاء فاجْعَلْ رَحْمَتَكَ في الأرْضِ اغْفِرْ لَنَا حُوبَنَا وَخَطَايَانَا أنْتَ رَبّ الطّيّبِينَ أنْزِلْ رَحْمَةً مِن رَحْمَتِكَ وَشِفَاءً مِنْ شِفَائِكَ عَلَى هَذَا الْوَجَعِ فَيَبْرَأ'' آمين يا قريب يا مجيب· السنة منهاجنا قال حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم : ''من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل المحبة''. ------------------------------------------------------------------------ لمن كان له قلب: أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله (تابع) ويكون ذلك لهم أعظم من الماء للسمك لو أنقطعوا عن ذلك لوجدوا من الألم مالا يطيقون وهم السابقون كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بجبل يقال له جمدان، فقال سيروا هذا جمدان سبق المفردون قالوا يا رسول الله من المفردون قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات. وفي رواية أخرى قال المستهترون بذكر الله يضع الذكر عنهم اثقالهم فيأتون يوم القيامة خفافا وفي حديث هارون بن عنترة عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال موسى يا رب أي عبادك أحب إليك قال الذي يذكرني ولا ينساني قال أي عبادك أعلم قال الذي يطلب علم الناس إلى علمه ليجد كلمة تدله على هدى أو ترده عن ردي، قال أي عبادك أحكم، قال الذي يحكم على نفسه كما يحكم على غيره ويحكم لغيره كما يحكم لنفسه، فذكر في هذا الحديث الحب والعلم والعدل وذلك جماع الخير ومما ينبغي التفطن له أنه لا يجوز أن يظن في باب محبة الله تعالى ما يظن في محبة غيره مما هو من جنس التجني والهجر والقطيعة لغير سبب، ونحو ذلك مما قد يغلط فيه طوائف من الناس حتى يتمثلون في حبه بجنس ما يتمثلون به في حب من يصد ويقطع بغير ذنب أو يبعد من يتقرب إليه، وإن غلط في ذلك من غلط من المصنفين في رسائلهم حتى يكون مضمون كلامهم إقامة الحجة على الله بل لله الحجة البالغة، وقد ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يقول الله تعالى من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه ومن تقرب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة وفي بعض الآثار يقول الله تعالى أهل ذكري أهل مجالستي وأهل شكري أهل زيارتي وأهل طاعتي أهل كرامتي وأهل معصيتي أؤيسهم من رحمتي إن تابوا فأنا حبيبهم لأن الله يحب التوابين وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم أبتليهم بالمصائب حتى أطهرهم من المعايب، وقال تعالى ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما قيل الظلم أن يحمل عليه سيئات غيره والهضم أن ينقص من حسنات نفسه، وقال تعالى وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. وفي الحديث الصحيح عن أبي ذر رضي الله عنه قال يقول الله تعالى يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم يا عبادي إنكم تذنبون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب ولا أبالي فاستغفروني أغفر لكم يا عبادي إنكم لم تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل واحد منهم مسألته ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه· انتهى ------------------------------------------------------------------------ وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين قال إبراهيم التيمي: ينبغي لمن لم يحزن أن يخاف ألا يكون من أهل الجنة لأنهم قالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وينبغي لمن لم يشفق أن يخاف ألا يكون من أهل الجنة لأنهم قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين. قال إبراهيم بن أدهم: الحزن حزنان فحزن لك وحزن عليك فالحزن الذي هو لك حزنك على الآخرة وخيرها والحزن الذي هو عليك حزنك على الدنيا وزينتها.