يتقلب الناس في دنياهم بين أيام الفرح والسرور، وأيام الشدة والبلاء، وتمر بهم سنين ينعمون فيها بطيب العيش، ورغد المعيشة، وتعصف بهم أخرى عجاف، يتجرعون فيها الغصص أو يكتوون بنار البُعد والحرمان· وفي كلا الحالين لا يزال المؤمن بخير ما تعلق قلبه بربه ومولاه، وثمة عبادة هي صلة العبد بربه، وهي أنس قلبه، وراحة نفسه· في زمان الحضارة والتقدم، في كل يوم يسمع العالم باختراع جديد، أو اكتشاف فريد في عالم الأسلحة، على تراب الأرض، أو في فضاء السماء الرحب، أو وسط أمواج البحر، وإن السلاح هو عتاد الأمم الذي تقاتل به أعداءها، فمقياس القوة والضعف في عُرف العالم اليوم بما تملك تلك الأمة أو الدولة من أسلحة أو عتاد· ولكن ثمة سلاح لا تصنعه مصانع الغرب أو الشرق، إنه أقوى من كل سلاح مهما بلغت قوته ودقته، والعجيب في هذا السلاح أنه عزيز لا يملكه إلا صنف واحد من الناس، لا يملكه إلا أنتم، نعم، أنتم أيها المؤمنون الموحدون، إنه سلاح رباني، سلاح الأنبياء والأتقياء على مرّ العصور· سلاح نجى الله به نوحًا عليه السلام، فأغرق قومه بالطوفان، ونجى الله به موسى عليه السلام من الطاغية فرعون، نجى الله به صالحًا، وأهلك ثمود، وأذل عادًا وأظهر هودَ عليه السلام، وأعز محمدًا في مواطن كثيرة· سلاح حارب به رسول الله وأصحابه أعتى قوتين في ذلك الوقت: قوة الفرس، وقوة الروم، فانقلبوا صاغرين مبهورين، كيف استطاع أولئك العرب العزَّل أن يتفوقوا عليهم وهم من هم، في القوة والمنعة، ولا يزال ذلكم السلاح هو سيف الصالحين المخبتين مع تعاقب الأزمان وتغير الأحوال· تلكم العبادة وذلك السلاح هو الدعاء· أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجه عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: الدعاء هو العبادة، ثم قرأ: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين (غافر: 60) · وليعلم أن للدعاء أدابًا عظيمة حريٌ بمن جمعها أن يستجاب له، فمنها: أولاً : أن يترصد لدعائه الأوقات الشريفة كيوم عرفة من السنة، ورمضان من الشهور، ويوم الجمعة من الأسبوع، ووقت السحر من ساعات الليل، وبين الآذان والإقامة وغيرها· روى الترمذي وأبو داود وأحمد في مسنده وحسنه ابن حجر أن أنسًا رضي الله عنه قال: قال رسول الله: الدعاء لا يرد بين الآذان والإقامة· وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: إن في الجمعة لساعة لا يوافقها مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه قال: وهي ساعة خفيفة رواه البخاري ومسلم· ولهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: يتنزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، ومن يسألني فأعطيه، ومن يستغفرني فأغفر له· ثانيًا : أن يغتنم الأحوال الشريفة كحال الزحف، وعند نزول الغيث، وعند إفطار الصائم، وحالة السجود، وفي حال السفر. أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء· وعن ابن عباس رضي الله عنهما في حديث طويل وفيه قال عليه الصلاة والسلام:فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا فيه في الدعاء فقمِنٌ أن يستجاب لكم رواه مسلم، أي حقيق وجدير أن يستجاب لكم· وأخرج أبو داود وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة الوالد، ودعوة المسافر، ودعوة المظلوم· وأخرج الترمذي وحسنه وابن ماجه والطبراني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ثلاث لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين · ثالثًا : أن يدعو مستقبلاً القبلة رافعًا يديه مع خفض الصوت بين المخافتة والجهر، وأن لا يتكلف السجع في الدعاء، فإنَّ حال الداعي ينبغي أن يكون حال متضرع، والتكلف لا يناسب، قال تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون (البقرة: 186)· ذكر ابن حجر عن بعض الصحابة في معنى قوله تعالى: ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً (الإسراء: 110) أي لا ترفع صوتك في دعائك فتذكر ذنوبك فتُعير بها· وقال ابن عباس رضي الله عنهما كما عند البخاري: ''فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه، فإني عهدت رسول الله وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب''· رابعًا : الإخلاص في الدعاء والتضرع والخشوع والرغبة والرهبة، وأن يجزم الدعاء ويوقن بالإجابة ويصدق رجاؤه فيه· قال تعالى: إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدًا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون (السجدة: 14 16)· أخرج الترمذي والحاكم وقال: حديث مستقيم الإسناد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً من قلب غافل له · وروى البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله: إذا دعا أحدكم فليعزم المسألة، ولا يقولن اللهم: إن شئت فأعطني فإنه لا مستكره له· قال ابن بطال: ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة، ولا يقنط من الرحمة، فإنه يدعو كريمًا، وقديمًا قيل: ادعوا بلسان الذلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والإنطلاق· خامسًا : أن يلح في الدعاء ويكون ثلاثًا ولا يستبطئ الإجابة، قال تعالى: أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض (النمل: 62)· أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي· قال الداودي رحمه الله : على الداعي أن يجتهد ويلح ولا يقل: إن شئت، كالمستثني، ولكن دعاء البائس الفقير· سادسًا : أن يفتتح الدعاء ويختمه بذكر الله تعالى والصلاة على النبي ثم يبدأ بالسؤال· قال سبحانه: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها (الأعراف: 180)· أخرج النسائي وابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله جالسًا يعني ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد وتشهد دعا فقال في دعائه: ''اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، المنان، بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم إني أسألك، فقال النبي لأصحابه: تدرون بم دعا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى· وروى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن رسول الله كان يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل ''اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيوم السموات والأرض، ولك الحمد أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، وأنت الحق ووعدك الحق، وقولك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت، و قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ''إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك''· قال أبو سليمان الدارني رحمه الله : من أراد أن يسأل الله حاجة، فليبدأ بالصلاة على النبي ثم يسأل حاجته ثم يختم بالصلاة على النبي، فإن الله عز وجل يقبل الصلاتين وهو أكرم من أن يدع ما بينهما· سابعًا : التوبة ورد المظالم والإقبال على الله عز وجل بكنه الهمة، وهو الأدب الباطن، وهو الأصل في الإجابة تحري أكل الحلال، كما قال الغزالي رحمه الله· أخرج الطبراني والحاكم وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: من سره أن يستجاب له عند الكرب والشدائد فليكثر من الدعاء في الرخاء · قال الأوزاعي رحمه الله : خرج الناس يستسقون فقام فيهم بلال بن سعد، فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: ''يا معشر من حضر: ألستم مقرين بالإساءة؟، قالوا: بلى، فقال: اللهم إنا سمعناك تقول: ما على المحسنين من سبيل (التوبة: 91)· وقد أقررنا بالإساءة فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا، اللهم اغفر لنا، وارحمنا واسقنا''، فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسُقوا· وقال سفيان الثوري: ''بلغني أن بني إسرائيل قحطوا سبع سنين حتى أكلوا الميتة من المزابل وأكلوا الأطفال، وكانوا كذلك يخرجون إلى الجبال يبكون ويتضرعون فأوحى الله إلى أنبيائهم عليهم السلام: لو مشيتم إليَّ بأقدامكم حتى تَحْفَى ركبكم وتبلغ أيديكم عنان السماء وتكل ألسنتكم من الدعاء فإني لا أجيب لكم داعيًا، ولا أرحم لك باكيًا حتى تردوا المظالم إلى أهلها، ففعلوا فمطروا من يومهم''· والتوجيه النبوي يقول: أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة· ------------------------------------------------------------------------ أوائل وأرقام عطارد بن محمد الحاسب (ت 206 ه، 821م) كان أول من ألّف كتابًا في الأحجار باللغة العربية· وهذا الكتاب هو كتاب منافع الأحجار، وفيه ذكر أنواع الجواهر والأحجار الكريمة ودرس خواص كل منها· وقد ذكر الرازي هذا المؤلَّف في كتابه الحاوي· وهناك من العلماء من يعزو كتاب الأحجار لأرسطو إلى أصل سوري أو فارسي، وكتبت النسخة بالعربية منه في أخريات القرن الثاني الهجري، وعلى الرغم من قلة المادة العلمية فيه، إلا أنها تعكس آراء المسلمين عن المعادن في ذلك الوقت· وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنون قال شعيا بومان -كاتب يهودي- يصيح في هلع وفَزع: إن على أوربا أن تظل خائفة من الإسلام، ذلك الدين الذي ظهر في مكة، لم يضعف من الناحية العددية، بل هو في ازدياد واتساع، ثم إن الإسلام ليس ديناً فحسب، بل إن من أهم أركانه الجهاد، وهذا ما يجب أن تتنبه له أوربا جيدًا. قرآننا شفاؤنا قال الله تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (سورة التغابن - الآية 8 و 9 ) الله قريب مجيب إذا إشترى أحدكم الجارية أو الغلام أو الدابة فليأخذ ناصيته وليقل: اللهم إني أسألك خيره وخير ما جبل عليه وأعوذ بك من شره وشر ما جبل عليه وإذا إشترى بعيراً فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك· آمين يا قريب يا مجيب السنة منهاجنا قال حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم: رأس الكفر نحو المشرق والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل والفدادين أهل الوبر والسكينة في أهل الغنم (موطأ الإمام مالك) · ------------------------------------------------------------------------ لمن كان له قلب قطيعة الرحم: ''فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ احذر أخي المسلم قطيعةَ الرحم، فإنَّ قطيعة الرحم ذنبٌ عظيمٌ وجرمٌ جسيم، يفصم الروابط، ويقطع الشواجر، ويشيع العداوة والبغضاء، ويفكك الأسر· وقطيعة الرحم أمرٌ مزيل للألفة والمودة، ومجلبٌ لمزيد من الهم والحزن والغم· وهي من الأمور التي تفشت في مجتمعات المسلمين لا سيما في هذه الأزمان التي طغت فيها المادة، وقل فيها التواصي والتزاور فكثير من الناس مقصرون في هذا الواجب وواقعون في معصية قطيعة الرحم، وقد حذّرنا اللهُ من ذلك أشد التحذير بقوله: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (محمد: 22 )، والسبب في إهمال كثير من الناس لصلة أرحامهم هو الجهل بالدين، وابتعاد الناس عن الهدي النبوي، فكلما كان الشخص عارفاً بالله كان أخشى لله، وصلة الرحم من خشية الله، وقطيعته من معصية الله، نسأل الله السلامة· والواصل للأرحام له أجرٌ كبير، والواصل هو الذي يصل قرابته سواء وصلوه أم قطعوه، ولهذا قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ليس الواصلُ بالمكافئ، ولكنّ الواصلَ الذي إذا قطعت رحمه وَصَلَها· وصلة الأرحام تكون بزيارتهم وتفقدهم، وتتبع أحوالهم في السراء والضراء، وتكون الصلة بالمال وبالجاه، وبمشاركتهم بأفراحهم وبمواساتهم بأتراحهم· ومن صلة الرحم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر قال تعالى: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ(الشعراء : 214 )· وللقطيعة أسباب تحمل عليها منها الجهل، فإنَّ الجهل بفضيلة صلة الأرحام يفوت على المرء فضيلة ذلك، وكذا الجهل بخطر القطيعة وعظمة إثم القاطع يحمل عليها· وكذلك من أسباب القطيعة: ضعف التقوى، وقلة الوازع الديني فإذا ضعفت التقوى، وَرَقَّ الدينُ لم يبال المرء بقطع ما أمر الله به أنْ يوصل، ولعل من أكثر أسباب القطيعة الكبر؛ فبعضهم يتكبر على أقاربه حينما يفيء اللهُ عليه بشيءٍ من عرض هذه الدنيا الفانية؛ فتوسوس نفس المتكبر أنَّه صاحب الحق، وأنه أولى بأنْ يزار ويؤتى إليه· ولعل كثيراً من الناس يدفعهم إلى قطيعة الرحم الشح والبخل، فمن الناس من إذا رزقه الله مالاً أو جاهاً تجده يتهرب من أقاربه لا كبراً عليهم، وإنما شحاً وبخلاً أنْ يبذل عليهم· ومن أسباب القطيعة الاشتغال بالدنيا واللهث وراء حطامها ، فلا يجد المنهمك في جمع حطام الدنيا الوقت الكافي لصلة أقاربه· وربما كان التحاسد والتنافر سبباً في كثير من الأرحام المقطوعة. ثم إنَّ الوشاية والإصغاء إليها تكون في كثير من الأحايين سبباً في قطيعة الرحم؛ لأنَّ من الناس من دأبه وديدنه إفساد ذات البين فتجده يسعى بين الأحبة لإفساد ذات بينهم· واحذر أخي المسلم من إشاعة وإظهار العيوب فهو مما حرمه الله وحرمه رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا (النور : 19 )· قال ابن رجب : قال بعض الوزراء الصالحين لبعض من يأمر بالمعروف: اجتهد أنْ تستر العصاة، فإنَّ ظهور معاصيهم عيبٌ في أهل الإسلام، وأولى الأمور ستر العيوب ، فلهذا كانت إشاعة الفاحشة مقترنة بالتعيير ، وهما من خصال الفجار، لأنَّ الفاجر لا غرض له في زوال المفاسد ولا في اجتناب المؤمن للنقائص والمعايب، إنما غرضه في مجرد إشاعة العيب في أخيه المؤمن وهتك عرضه، فهو يعيد ذلك ويبديه ومقصوده تنقص أخيه المؤمن في إظهار عيوبه ومساوئه للناس، ليدخل عليه الضرر في الدنيا· واحذر أخي المسلم بإشاعتك الفاحشة أنْ يكون الحامل لك على هذه القوةَ والغلظةَ ومحبةَ إيذاء أخيك المؤمن، وإدخال الضرر عليه، وهذه الصفة القبيحة هي صفة إبليس الذي يزين لبني آدم الكفر والفسوق والعصيان ليصيروا بذلك من أهل النيران قال تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً (فاطر : الآية 6 ) · ولما ركبَ ابن سيرين الدَّيْنُ وحُبس به قال: إني لأعرف الذنب الذي حمل عليَّ به الدين، ما هو ؟ قلت لرجل من أربعين سنة: يا مفلس· الأستاذ أبو طه أنس منيب سليم بيدي.