ولد محمد أركون سنة 1928 بتاوريرت ميمون، وهو أستاذ مختص في اللغة العربية وآدابها، متحصل على دكتوراه في الفلسفة نالها عام 1968 من جامعة السوربون بباريس والتي شغل بها كرسي تاريخ الفكر الإسلامي·· أسس أركون تخصصا جديدا أسماه ''علم الإسلاميات التطبيقية'' وهو تخصص أضحى يُدرّس في العديد من الجامعات المرموقة بأوروبا والولايات المتحدة· مكّنته أعماله حول النزعة الأنسنية لدى العرب ونقده للعقل الإسلامي منذ صدورها لأول مرة من إحراز سمعة دولية لم تخفت على مر الزمن، زادها تألقا نشاطه الدؤوب خلال أكثر من 40 سنة خصصها للبحث والتدريس وإلقاء المحاضرات والكتابة· خولته أفكاره - ضمن نهجه الفكري - الإعتناء المباشر بالتيارات الكبرى في التاريخ وبالراهن، سيما في هذه المرحلة التي أضحى فيها الإسلام في الواقع الدولي محورا استراتيجيا· وعلى عكس المتوقع تماما، يطرح ويثير نهجه الحاجة الماسة للتفكير بشكل شامل ومتكامل في كافة الإشكالات، إذ أنه معروف عن محمد أركون دقة تفكيره ومساره الجامعي المرتكز على أسس الحرية النقدية والنأي عن الجدل الإعلامي والتبسيط والتعاريف التعسفية· كيف أتيتم إلى الفلسفة؟ وما الذي أدى بكم إلى اختيار علم الإسلاميات التطبيقية؟ أنا لستُ محترف فلسفة بل إني أفضل تعريف نفسي كباحث ومفكر، مع العلم أن هناك باحثين ومنتجين كبار يسهمون في تراكم المعرفة العلمية الصرفة·· علماء من النوع البحت، البعيدون نسبيا عن إشارات وأصداء ونتائج هذه المعارف وما يمكن أن يترتب عنها على حاضر المجتمعات ومستقبلها· إن الباحث/المفكر لا ينفكُّ أبداً عن التساؤل حول الاستراتيجية المعرفية للتداخل في المجتمع ومجال المعرفة وامتداد البحث· بهذا الأسلوب فرض علي التفكير والتساؤل الفلسفي في إطار التخصص الذي أسميه تاريخ الفكر الإسلامي· ثم، إنني أول من أدخل إلى جامعة السوربون كرسي تاريخ الفكر الإسلامي· للأسف، لم يتبع منهجي لا في بلدي ولا في فرنسا ولا في أي مكان آخر سواء تعلق الأمر بشق المنهجيات أو بشق الإبستومولوجيا التاريخية الخاصة بهذا المبحث·ئإننا عادة ما نتحدث عن الفكر الإسلامي بجهل عن مهامه وبرامجه واستراتيجياته المعرفية المنضوية داخل إطار المجال المعقد والفسيح للدراسات الإسلامية· هناك كراسي في الفلسفة وفي علم الأديان والقانون الإسلامي والدراسات القرآنية·· إلخ، ولكن بالمقابل وإلى غاية القرن الثالث عشر بالنسبة للديانات التوحيدية الثلاثة لم يكن هناك كرسي واحد لفكر يشتمل على كافة هذه التخصصات المتشابكة والمتداخلة فيما بينها· لقد تأكدت خطوط الفصل بين التخصصات الفلسفية والعلمية في أوروبا المسيحية انطلاقا من القرنين الرابع عشر والخامس عشر، حيث بدأ علم الدين يفقد رويدا رويدا ميزة التخصص النافذ الأمر الذي كان قائما خلال القرون الوسطى· بالمقابل، عرف الفكر الإسلامي تطورا معاكسا: إذ تدريجيا تمّ القضاء - منذ وفاة ابن رشد (1198) - على وشائج الفلسفة بالعلم· لقد أضعفت علوم الدين وأضحى العقل منذئذ وإلى أيامنا هذه بعيدا عن البحث العلمي الصرف· فلهذا السبب فتحت المجال واسعا للبحث في نقد العقل الإسلامي ''أنظر الطبعة العربية الأخيرة لنقد العقل الإسلامي''· بطبيعة الحال، يستدعي هذا النقد الاعتماد على الفلسفة وعلى الغوص في التاريخ وتقلباته وفي مكانة علم الاجتماع واستخدامات العقل وكافة التخصصات المعرفية· و هنا يمكنني الجزم بأن الملتقيات العلمية للفكر الإسلامي والتي كلّف تنظيمها وزارة الشؤون الدينية في الجزائر ما بين 1969 - 1991 تكاليف باهظة لتصبح فيما بعد هيئة رسمية حقيقية قد شكّلت لبنة ذات أهمية· لقد تابعتها بكثير من الاهتمام طيلة 18 سنة· خلال تلك الملتقيات شعرت بضرورة علمية لابتكار تخصص جديد أسميته علم الإسلاميات التطبيقية· بالنسبة للباحث، هذا يعني الأخذ بعين الاعتبار كافة استخدامات الدولة والأحزاب السياسية ومختلف الفئات الاجتماعية المنغلقة على ذاكراتها الجماعية للمفردات التي تمّ تعليبها ووضعها في حقائب محكمة ومنها كلمات: الإسلام والدولة والمجتمع والسياسة والحقيقة والقانون والألوهة·· الخ· للأسف تجاهلت هذه الاستخدامات كل الدروس والأسئلة والإسهامات الأساسية لعلوم الإنسان والمجتمع، خاصة تلك التوترات الدائمة الحاصلة بين الدين والمجتمع والسياسة· وذلك تحديدا ما أسميته بال ''دالات'' الثلاثة في اللغة العربية أي: الدين، الدنيا والدولة· لقد كتبت بإسهاب عن هذه الدالات الثلاثة، سيما وأن الخطاب السائد للإسلام الرسمي في مواجهته للخطاب الأصولي قد ألغى اجتماعيا جميع المؤلفات العلمية والمراجعات النقدية المتعلقة بهذه المواضيع الساخنة· هكذا وعلى الرغم من أن أعمالي تتناول مباشرة الحالة الجزائرية، إلا أن مؤلفاتي بقيت هناك أقلّ انتشارا وقراءة، بل وأقل فهما أيضا· هذا مثال ناصع على المنع الممنهج والمكرس ضد الفكر النقدي ويمثل حالة جلية لمقدار استشراء الرقابة ضد يقظة القوى الكامنة في المجتمع الحقيقي المناوئ لمجتمع الاغتراب وتمثلاته الخرافية الأيديولوجية· إن سياسة تغييب الأطر الاجتماعية من بلوغ المعرفة الداعمة لأعمال الفكر النقدي قد شجعت في الجزائر وفي أماكن أخرى من العالم الإسلامي انتشار سلطة ترفض أدنى اقتسام مع الغير وهذا بالضبط ما أسميته منذ أمد طويل الجهل المؤسسي· لعلك تلاحظ هنا استخدامي لمفاهيم نادرا ما تجدها متوفرة في الكتب المدرسية، والتي إزاءها يجهد الخطاب الأصولي الحالي نفسه بتجاهلها والعمل باستمرار على تجاهلها· إن القطيعة الحاصلة بين خطاب العلوم الاجتماعية والأديان بصفة عامة أمر ضار بكل ما يتعلق ببناء فضاء المواطنة السلمية في المجتمعات التي تمارس فيها السلطة الدينية سيطرتها على كافة المجالات الحساسة للإنتاج التاريخي للمجتمعات: السياسية، الثقافية، المعرفة العلمية، الحياة الفنية وممارسة التفكير النقدي الحر· إن هذا الوضع يؤثر بصفة خاصة على نظام التعليم وتدريب المربين وحرية الفكر والإبداع الأدبي والفني وكتابة التاريخ والأنثربولجيا التاريخية· حسب رأيكم، ينبغي على علم الإسلاميات التطبيقية ودراسات القرآن والسنة الإعتماد على أدوات القراءة والتحليل الخاصة بالعلوم الاجتماعية· من هذه العتبة تحديدا، كيف يمكن وصف أطروحتكم والإبانة عنها؟ ثم، ألا يفضي الالتزام الخارجي - بشكل ما - إلى أن نكون من غير المسلمين لفهم الإسلام أو الحكم على المسلمين بتجاهل الأعمال العلمية؟ إن سؤالكم يسهم بوضوح في شرح وضعية الإيمان الإسلامي المرغوب والمنشور والمفروض منذ استقلال الدول الإسلامية· يجب وبشكل أساسي وضع أي شكل من أشكال المعرفة العلمية المرتكزة على النظرة التاريخية والسوسيولوجية واللغوية والأنثربولوجية النقدية للإيمان الأرثوذكسي وللطقوس المعلنة عنه جانبا· إننا نرفض التساؤل عن الانحرافات الوهمية لأي ديانة حين تتخلى عن المستلزمات الثقافية والعلمية للعقل· لقد أدت الانحرافات الخرافية الأيديولوجية إلى اغتراب العلاقات البشرية مع ذاتها وهذا ما غذى العنف السياسي منذ اختفاء الإشارات الأخلاقية/الثقافية التقليدية المكتسبة منذ الطفولة في إطار الثقافات الشفوية· لقد تم استبدال هذه الإشارات بالتعليم المدرسي وفي المسجد استبدلت بإسلام كاريكاتوري محصور في التمظهرات الطقوسية وفي أطر معزولة خارج النصوص، لا رابط يجمعها بالتراث الثقافي الغني ولا بالثقافي والأخلاقي والروحي· إنه إسلامٌ ضحية كافة الآثار السلبية الناتجة عن الحداثة المادية، التكنولوجية والإعلامية وقد تم عزله وإبعاده بصرامة عن المكتسبات الضرورية والتحررية للحداثة نفسها· في هذا الصدد، تبدو مقارنة مسار المسيحية بالحداثة والثورات العلمية مفيدة جدا· يمكنني الحديث مطولا عن هذه المواجهة المهملة لحد الآن من قبل الديانتين، بل ومن قبل الباحثين أيضا· إن وقوع الإسلام رهينة بين أيدي الدول والمعارضين جعله يأبى فهم الأسباب التي دفعت بالكنيسة الكاثوليكية إلى محاربة الحداثة العلمانية من جهة والأسباب التي جعلتها ترحب الآن بقانون 1905 بفرنسا وتعترف بمدى أهمية· في الواقع، إنها تحافظ على احتكار الهيئة والسلطة المعنوية والروحية دون التعرض، مثلما فعلت ذلك على مدى قرون، لتنازلات وتيه السلطة السياسية· أنظروا بالمقابل لما يحدث بإيران، حيث الثورة الإسلامية انتهجت مسار النكوص التاريخي عكس التفتح الذي أحدثته الثورات الثلاث الإنكليزية والأميركية والفرنسية· إن هذا التضاد الزمني المرافق لأسوأ أعمال العنف السياسي باسم الدين المغتصب هو الذي أغرق العالم الحالي في حروب بلا رهان إنساني وبلا وعود بمستقبل أفضل، وبالتالي بلا مخرج ملائم لوضعية الإنسان· نحن في مأزق تاريخي يسوده عنف إيديولوجي منظم·· والأخطر في الأمر كله هو أن المسارات السياسية التي أدت إلى هذه النتيجة ''أنظر العراق وأفغانستان وباكستانوالجزائر ·· إلخ''· تستند إلى إرادة واحدة تتجاهل كل ما يتعلق بتاريخ الفكر الإسلامي: المقام المعرفي للقرآن الكريم ومتطلبات القانون الإيجابي أو ما يسمى بالفقه، مفهوم الاختلاف في الشريعة الإسلامية، استقلالية المشرع والقاضي من أي سلطة سياسية وفي كافة الأمكنة· لقد سيطرت الدولة على الدين منذ مجيء معاوية و سادت الشعوذة الشرعية السياسية منذ القطيعة الإسلامية الكبرى ''الفتنة الكبرى''· فالدول التي وُلدت بعد الاستعمار سيطرت عليها الأحزاب الأحادية ''الحزب - الدولة'' واختارت تأسيس شرعيتها السياسية على الإسلام· بناء على هذا المفهوم إنفصلت باكستان عن الهند باسم الهوية الإسلامية· هكذا أصبح الإسلام بالشكل المثار يشبه المزايدات القاتلة والعبث الأيديولوجي لاتحاد دول مقدس، يخضع فيه العلماء للتلاعب وهم مجردون من قوتهم التقليدية وكأنهم منخرطي أيديولوجيا حربية شبيهة بالمنظمات العمالية الدولية· إلى أي عمى مأساوي وإلى أي أحلام مجنونة ومدمرة قد أخضعت جميع شعوب ما يسمى بالعالم الثالث والآن بقية العالم منذ 1945؟ بعد انهيار الإيديولوجية البروليتارية، تمكن مستخدمو الإسلام السياسي من إحياء الأمل والوعود في الآخرة التقليدية بإفراغها من البعد الرائع للخرافة التاريخية المشتركة بين جميع الأديان لتكون بديلا عن الأوهام الإيديولوجية التي احتضنتها الخطابات الكبرى عند تأسيس البناءات الوطنية بعد موجة الاستقلال· شخصيا أسمي هذا الأمر بالخرافات الإيديولوجية للديانات العلمانية كالشيوعية مثلا· لقد أقحمت الدول التي جاءت على أنقاض الاستعمار الإسلام في هذه الخطابات مما أدى إلى طمس الضمائر والذاكرة الجماعية لخطاب الإسلام المؤسس·· فمع انطلاقتها انبثقت خطابات ترقيعية شابتها شوائب الثورة الاشتراكية العربية·· تلك الخطابات والترقيعات كانت تتجلى بالمساجد في خطب الجمعة والأحاديث اليومية وفي الخطاب المدرسي والأدب الشعبي وأشرطة الكاسيت المعروضة على حوافي الأرصفة·· ويعود هذا الترقيع الإيديولوجي إلى سنوات الستينيات حيث لم يكن يترك في المخيال الاجتماعي أدنى فسحة للتفكير أو لطرح الأسئلة الحيوية أو الرغبة أو الحاجة للمعرفة والتحليل· إنه لا يطمح إلى تقويض العنف السياسي الذي لا أفق أو أمل له وتعويضه بما يسمح بالتخريب الفكري والفني والثقافي لكافة الأنظمة القائمة على الحقائق والرغبات الزائفة والمساواة الصورية والأكاذيب التي انتشرت حتى لدى أعلى الهيئات الدولية بل وفي الدول الديمقراطية أيضا ''بوش وتوني بلير''· إنني أستطيع الحديث عن هذه الحالة انطلاقا من تجارب حقيقية· فمن إذن سيحرر الإسلام من دور كبش الفداء وهو الدين الذي أدرج عنوة كدين رسمي ضمن دساتير هي محل تلاعب؟ كيف تقيّمون الوضع؟ وما هي النقاشات الدائرة اليوم؟ وهل يمكن اعتبار علم الإسلاميات التطبيقية تخصصا يدخل ضمن القراءات الاستشراقية المتوالية للقرآن الكريم؟ إنني لا أدافع عن أطروحة محددة ومحدودة، لقد سبق وأن تحدثت عن الاستراتيجية المعرفية للتداخل في هذا المجال· فإذا كنا سنتحدث عن قانون الأحوال الشخصية، على سبيل المثال، فأنا أحلل أولا رهانات القرار السياسي لأي دولة من الدول ومقدار تدعيم اختصاصيي القانون الوظيفي له وكذا حجج رجال القانون لإرساء أو تعديل أو إعادة النظر في شرعيته· بعد ذلك أشرح الأسس الدينية والفلسفية والقانونية التي يستند إليها بغرض مقارنتها مع القانون الحديث ضمن سياقات الديمقراطية· هكذا أقدم لجميع الفاعلين الاجتماعيين المعلومات التاريخية والعقائدية وكذا أدوات التفكير اللازمة لتبيان الحقوق الأساسية للفرد ''وهو مفهوم لم ينقح بعد في الفقه''، خصوصا بالنسبة للمرأة و للطفل في جميع أنحاء العالم وليس فقط في الإسلام· لقد نشرت ما ينيف عن عشرين مؤلفا باللغة العربية في دار الساقي ودار الطليعة ببيروت، وأنا لا أعلم بوجود دراسة واحدة جادة نُشرت في الصحافة الجزائرية عنها، بل إن كتابي ''النزعة الإنسانية والإسلام'' المنشور ببلدي الجزائر مؤخرا قوبل بنفس اللامبالاة وربما بالرفض من قبل العديد لأن الناشر لا يقوم بأي جهد للترويج عن كتاب جديد يتناول قضية حيوية في الإسلام هي مثار تنازع في العالم أجمع· في الجزائر كما في أماكن أخرى، يسهر حماة المقدس الرسمي على إبعاد الكتب ''التخريبية''· أما بالنسبة لعلم الإسلاميات التطبيقية فإنه لا ينخرط إطلاقا في نفس خط الاستشراق ولا حتى الاستشراق التجديدي منه· هذا جدل لا أحبذ الدخول فيه ها هنا لأن الكلام حول الاستشراق ومنذ رينان والأفغاني ما يزال متواصلا باعتباره جزءا من الفوضى الإيديولوجية الدينية· هناك جدل متكرر يخص العلوم التطبيقية بشكل عام: إنها الأنثربولوجيا التطبيقية وهي تغذي سمت هذا النقاش· عذرا، لا أستطيع في هذا المقام الخوض في التفاصيل ''···''· هل ينحصر فهم الإسلام في دراسة النصوص فقط؟ وفي الخطابات فحسب؟ ثم ما رأيكم في رؤية متعددة التخصصات تدمج الثقافة وعلم الاجتماع و علم اللغة وغيرها؟ أعتقد أنني أجبت بما يكفي عن هذا السؤال· وطالما لم ينخرط المسلمون أنفسهم في سبل التاريخ والأنثربولوجيا المقارنة للديانات، أسوة بما يجري في أوروبا، فإنه لن يكون هناك في الدراسات الإسلامية أي تحفيز فكري وعلمي مستدام في مجال العلوم الإنسانية والمجتمع· إن المسلمين وحتى المتعلمين منهم تعليما عاليا والمدركين لمتطلبات التفكير النقدي الحديث يتخلون عن علمهم كلما تعلق الأمر بمناقشة ما يسمّيه المؤمنون بالمقدسات أو بمعنى آخر النصوص المقدسة للإيمان ''القرآن الكريم - الوحي الإلهي - نزول الوحي على محمد (صلى الله عليه وسلم)'' والأمر عينه يسري على حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) وكذا سنته باعتبارها النص المقدس الثاني الذي يبقى فوق مستوى النقد التاريخي· هذا بالضبط ما أسميه بالجسد الأعظم للمعتقد· إزاء هذا نصادف ما وصفه غاستون باشلار وعبر عنه بالعقبات الإبستمولوجية·· فالمؤمن حين ينمو داخل الخطاب الدوغمائي ويتلفظ بكلمة ''المقدسات'' فإنه يدخل مباشرة في الذاتية وحماسة العبادة·· إنه يغادر بل يرفض الدخول في خطاب المساءلة والتحليل التفكيكي·· هذا لا ينطبق على الأشخاص الذين لم يتدربوا على أدوات التحليل النقدي فقط، فالعديد من كبار العلماء يمرون وبسهولة من اليقينية الدوغمائية القاطعة إلى ذاتية العبادة ''····''·