مع أن الإنتاج السينمائي الجزائري ليس بالكم الذي يعكس حقيقة الوضع السينمائي في البلاد، إلا أن الأفلام القليلة المنتجة باتت قادرة على اختراق الحدود من خلال المشاركة المكثفة في المهرجانات الدولية، فقد تأكدت مشاركة كل من الفيلم القصير ''خويا'' للمخرج الشاب يانيس كوسيم في المنافسة الرسمية للمهرجان الدولي للأفلام الفرانكفونية بنامور في بلجيكا المقرر ابتداء من مطلع شهر أكتوبر إلى غاية الثامن من ذات الشهر. الفيلم القصير الذي سبق له أن حط الرحال بعدد من المهرجانات السينمائية، يركز على العلاقات الأسرية في الجزائر في ظل العلاقة الأبوية المفروضة على العنصر النسوي، من خلال قصة شاب يمارس صلاحية الرقابة على شقيقاته، لدرجة قد تصل للعنف في بعض الأحيان. حبكة الفيلم تتعقد من خلال تحول بطلات الفيلم لمتهمات بارتكاب جريمة القتل في حق الأخ المسيطر. الفيلم من إنتاج وزارة الثقافة شأنه في ذلك شأن كل الأفلام المنتجة في الفترة الأخيرة، حيث تظل الجزائر تفتقد لمنتجين خواص في المجال السينمائي. والحال أن الفترة المنصرمة شهدت إنتاج عدد من الأفلام التي حظيت باهتمام المهرجانات الدولية، على اعتبار أنها باتت تحفظ ماء وجه السينما الجزائرية من خلال حضورها، وإن لم تفز، إلا أن مجرد حضورها كفيل بإبقاء الفن السابع الجزائري في المحافل الدولية، مثلما هو الحال مع الفيلم السينمائي ''مسخرة'' للمخرج إلياس سالم، الذي يشارك هو الآخر في مهرجان مدينة نابل الدولي للسينما العربية بتونس، وقد سبق للفيلم أن شارك هو الآخر في عدد من المهرجانات الدولية، لنكتشف مرة أخرى أن الفن السابع الجزائري ما يزال يحظى بسمعة على مستوى المهرجانات العالمية والإقليمية، بالرغم مما يمكن أن يقال عن مستوى هذه الإنتاجات، إذ يتأكد لكل متتبع للمشهد السينمائي الجزائري التفاوت الكبير في الأعمال المنتجة، على اعتبار أن هناك من الأعمال التي يتم إنتاجها بمساعدات ودعم خارجي وغالبا ما تكون تحترم المعايير والمقاييس الدولية، في حين أن تلك التي تنتج في الجزائر وبدعم رسمي تظل تعاني من شح الإمكانيات ما يجعلها تظهر بشكل أقرب للهاوي منه للمحترف، ناهيك عن وضع المخرجين والمبدعين الجزائريين الذين يجدون أنفسهم أمام حقيقة الخضوع لقيود ومعايير المنتج سواء كان طرفا رسميا جزائريا، ممثلا في وزارة الثقافة أو المنتج الأجنبي وغالبا ما يكون فرنسيا الذي يملي هو الآخر شروطه على المخرج، الأمر الذي يجعل المخرج يبتعد عن أطروحته الخاصة ونظرته الذاتية، مع العلم أنها الطريقة الوحيدة التي تمارس بها السينما.