اختتام أشغال الاجتماع السنوي للأكاديميات الإفريقية للعلوم بالجزائر العاصمة    التكفل بانشغالات المواطنين وإعداد برامج عمل قطاعية    الفريق أول شنقريحة والفريق الرفاعي يتناولان التعاون العسكري    رئيس الجمهورية يجدد دعم الجزائر الثابت لفلسطين    أنا ضد أيّ اتّفاق ما برجّعني لبيت محسير… فاهم !    مواصلة العمل على مرافقة نزلاء المؤسسات العقابية وإعادة ادماجهم في المجتمع    مجلس الأمة يشارك بلشبونة في الندوة الأوروبية للجان التضامن مع الشعب الصحراوي    كأس افريقيا 2024 سيدات/ تحضيرات : فوز الجزائر على اوغندا وديا (2-1)    مشروع انشاء خلية يقظة لحماية الاطفال من الفضاء الافتراضي سيكون جاهزا في 2025    زحف الرمال على السكك الحديدية: اعتماد حلول مبتكرة ومستدامة لمواجهة الظاهرة    منتدى دولي للفن التشكيلي المعاصر: فنانون جزائريون مقيمون بالخارج يبرزون ارتباطهم بتقاليد الممارسة الفنية الوطنية    "الذكرى ال 192 لمبايعة الأمير عبد القادر" محور ندوة تاريخية    الصالون الوطني للفنون التشكيلية بمعسكر: لوحات زيتية تروي تاريخ ثورة التحرير المجيدة    إمضاء اتفاقية شراكة وتعاون بين جامعة صالح بوبنيدر ومؤسسة خاصة مختصة في الصناعة الصيدلانية    الجزائر تؤكد على حماية العاملين في المجال الإنساني    وقف إطلاق النّار يدخل حيّز التنفيذ في لبنان    تنصيب الأمين العام ورئيس الديوان بوزارة الصناعة    وفد مجلس الشورى الإسلامي الإيراني يزور جامع الجزائر    أوامر لإعادة الاعتبار لميناء الجزائر    "سوناطراك" تشارك في صالون دولي للموارد الاستخراجية    198 مترشح في مسابقة أداء صلاة التراويح بالمهجر    الجزائر- السعودية.. دعم التعاون في مجال الاستثمار    حرفية تلج عالم الإبداع عن طريق ابنتها المعاقة    إرث متوغِّل في عمق الصحراء    مدرب فينورد ونجوم هولندا ينبهرون بحاج موسى    انتقادات قوية لمدرب الترجي بسبب إصابة بلايلي    عطال يتعرض لإصابة جديدة ويرهن مستقبله مع "الخضر"    انطلاق تظاهرة التعليم التفاعلي "خطوتك"    8 عروض وندوتان و3 ورشات في الدورة 13    بللو يدعو المبدعين لتحقيق نهضة ثقافية    "فوبيا" دعوة للتشبث برحيق الحياة وشمس الأمل    فحص انتقائي ل60900 تلميذ    الجزائر تنجح في طرد مُجرمة صهيونية    معهد الأدلة الجنائية وعلم الإجرام للدرك يتسلم جائزة عالمية    بعد وقف إطلاق النار..بري: لبنان أحبط مفاعيل العدوان الإسرائيلي    حجز أزيد من 56 ألف قرص من المؤثرات العقلية    قسنطينة.. أزيد من 120 عملية لإعادة تهيئة وتغيير شبكات توزيع الغاز    التسجيلات لامتحاني شهادتي البيام والبكالوريا دورة 2025    تبّون: الأرض لمن يخدمها    هذه الشعب المعنية بمسابقة التوظيف..    خارطة طريق شاملة لإعادة هيكلة النسيج الاقتصادي    عطال يتعرض لانتكاسة جديدة في قمة السد والهلال    نال جائزة أفضل لاعب في المباراة..أنيس حاج موسى يثير إعجاب الجزائريين ويصدم غوارديولا    جانت.. أكثر من 1900 مشارك في التصفيات المؤهلة للبطولة الولائية للرياضات الجماعية    المسؤولية..تكليف أم تشريف ؟!    سوناطراك تشارك في صالون دولي في كوت ديفوار    كأس إفريقيا 2024: المنتخب الوطني النسوي يواصل تحضيراته بحضور كل اللاعبات    مستغانم : قوافل الذاكرة في مستغانم تتواصل    ترقب تساقط بعض الأمطار وعودة الاستقرار يوم الجمعة    خنشلة : أمن دائرة بابار توقيف 3 أشخاص وحجز 4100 كبسولة مهلوسات    أيام توعوية حول مضادات الميكروبات    الفترة المكية.. دروس وعبر    معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة بوهران: استقطاب أكثر من 15 ألف زائر    وزير الصحة يشرف على اختتام أشغال الملتقى الدولي الثامن للجمعية الجزائرية للصيدلة الاستشفائية وصيدلة الأورام    تسيير الأرشيف في قطاع الصحة محور ملتقى    الابتلاء المفاجئ اختبار للصبر        هكذا ناظر الشافعي أهل العلم في طفولته    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف حالك يا زنينة؟!
نشر في الجزائر نيوز يوم 01 - 11 - 2010

كل يوم أربعاء قرية بكاملها تنتظر إطلالة شاحنة ''البيرلي'' على هضبتنا المنسية زنينة، الواقعة على بعد خمسين كلم من آفلو وسبعين كلم من الجلفة.
حينما نسمع زفير الشاحنة ونرى سراب دخانها من بعيد، ودوي صوتها، ينبعث على وجهي ووجوه أبناء القرية المجتمعون أمام مقر البريد فرح لا مثيل له.
وهذا الفرح يتجدد أسبوعيا مع هذه الشاحنة التي تأتينا بأخبار شتى وبرسائل مختلفة، ومن بينها خطب يوم الجمعة لوالدي إمام بوزارة الشؤون الدينية.
تأتي الشاحنة معبأة بالمواد الأولية على طريق غير معبد، شاحنة تحافظ على تواصلنا مع العالم ومع المدينة فهي رابطنا الرئيسي معها.
من تلك النافذة الصغيرة لمبنى ''البوستة'' البريد القديم المصنوع بنايته من الطوب، كان يقف العون البريدي لينادي أسماء أصحاب الرسائل وفي هذا اليوم تشهد القرية سوقها الأسبوعية، اليوم الذي يظهر فيه البراح وأطباء الأعشاب وقالعي الأسنان ومعالجي عقم الرجال،
كنت أجيء مبكرا إلى السوق وأجلس على الأرض مع فلاحي البوادي لمشاهدة فرجة مجانية ينشطها حكواتيون محترفون يعرفون كيف يجذبون الفلاحين الفقراء والسكان المعوزين إلى فرجتهم في حلقة تتجدد أسبوعيا يعزف فيها الراوي على الرباب أو تروى ملحمة بكاملها على أنغام وإيقاعات القصبة الصحراوية، وحينما يصل الحكواتي إلى عقدة الحكاية يقرع بنديره ويبسطه على الأرض ولا تسمع إلا قراعات النقود التي تدخل جلد البندير لكي يوصل الراوي أو القوال الحكاية.
والحقيقة أن المشاهدين لأعمالي المسرحية التي كتبتها أو قرأ بعضكم نصوصها سواء في نص ''الثلث الخالي'' أو في نص ''مرثية لوطني'' يلاحظون إستخدامي لهذا التراث، فهؤلاء الرواة أو القوالين كانوا يخاطبون وجداني، بينما كانت تظهر لي حكايات مالك وزينة المدرسية بعيدة كثيرا عن واقعي.
للحلقات الفنية في الأسواق التي ينشطها فنانون تروبادور ولحلقات ''طلبة زاوية جدي الشيخ سي عبد القادر'' التي تخرج منها أصوات دافئة في قراءة البردة وألفية إبن مالك لها وقعها الخاص في حياتي الإنسانية والإعلامية. فهي فضاءات ما زالت تسكنني، ولذلك أجد نفسي أرفض بديلا آخر للإيقاعات التي تظهر بين الحين والآخر، فأنا مازلت مسكونا بماض جميلح أنا رجل ماضوي، من ماض فقير جدا لكنه نظيف، وهذا النقاء الروحي الذي كان يرافق ''الإخوان'' الذين يزورون جدي الشيخ سي عبد القادر لم يعد أو تراجع كثيرا، وخاصة تلك الصورة القوية التي تأتي فيها القبائل لزيارة الشيخ، يأتون بدفوفهم وأصواتهم التي تهز أرض القرية.
وهم يشدون على بعضهم البعض. في كل تناغم وفي إيقاع ليس له مثيل.
للأسف لقد كسروا كل هذه التقاليد.
القنوات الفضائية والإرهاب، والحركة الإسلامية التي إستوطنت البلاد قضت على ثقافة الخيمة ورحلت سكان الخيم إلى المدن بالترهيب.
لن أنسى تلك الرقصات الصوفية التي كانت تؤديها والدتي وفي النهاية تسقط على الأرض فيأتونها بالعطر لتستفيق وتخرج من العالم الآخر.
هذه الصورة رحلت مع والدتي -رحمها الله-
لم يدخل التلفزيون بيتنا إلا بداية السبعينيات، كان والدي من الأوائل في القرية الذين يشترون تلفازا، وقد اشترك مع بعض الجيران واشتروا محركا كهربائيا صوته أقوى من صوت التراكتور.
لقد كنت سعيدا أولا لأنني أستطيع أن أشاهد العالم من خلال التلفاز ثم لأنني سأتخلى عن الشمع الذي كنت أتابع به دروسي.
كان والدي يحشد عددا كبيرا من الطلبة في الزاوية لرفع عمود إلتقاط الصور، لأن البث في القرية كان ضعيفاح كان تحديا كبيرا عند والدي أن نتابع أخبار هذه النافذة.
وقد رحلنا والدنا من بيتنا القديم في الجنوب لنسكن بيتا جديدا في الشمال فقط من أجل أن نلتقط صورا نظيفة غير مشوشة.
كان سني أحد عشرة سنة حينما إشترى لنا الوالد تلفازا، وقد صادف أن شاهدنا صور أرمسرونغ أول إنسان تطأ قدماه القمر.ئ
ولم يصدق حينها الكثير من سكان القرية هذه الرحلة بل رأى فيها الكثير بدعة وعلامة من علامات قيام الساعة
لقد تعودت رجلي المشي على تراب وحجر القرية حافيا... لم أكن الطفل الوحيد الحافي القدمينح كنا نفضل أن نمشي بهذه الطريقة وكنا نشعر بارتياح خاص.
حينما لا ننتعل أحذية على خلاف الكبار أو على سكان البوادي الذين كانوا يضعون قطعا من المطاط الطبيعي ويحزمونها بخيوط على أرجلهم ويغلفونها بإطار داخلي
لعجلات السيارات ''الشامبرايرب.
وأنا الطفل الصغير كنت أقضي جل أوقاتي في الدكاكين، أجلس على خيش السميد والكراتين في حوانيت وأستمع إلى حكايات الناس وأقضي وقتا كبيرا.
أيضا عند سكرتير قسمة جبهة التحرير الوطني سي حفيظة، لأنه كان يسمح لي باستخدام الآلة الراقنة لكنني حينما أسمع إلى صوت غايطة الشولي يتغير كل وجهي وأذهب في البحث عن هذه الحالة الاستثنائية.
أذهب في البحث عن رقص الخيل وبارود الخيالة.
ما زالت تلك الأيام التي عشتها تشكل مادة خام لتشكيل الكثير من القصص الجميلة والأعمال المسرحية وتؤثر في كتابتي من ذلك العالم السحري الذي تجوب فيه بنت ثامر بيوتا عديدة في القرية وتعرض عليهم كل أنواع الفساتين الزاهية إلى رقصات الشمع على جدار بيتنا إلى تلك اللحظات مع وقت المغرب لنصطاد الخفافيش بالقصب
هذه الليلة ، أنا أشعر بوحدة فظيعة وبالكثير من الإشتياق إلى أجمل قرية مقدسة عندي زنينة المسماة حاليا بالإدريسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.