يبدو أن مصالح القنصلية الألمانية قررت تغيير طريقة منح التأشيرات للجزائريين، وعلى ما يبدو، فإنها الطريقة التي تعامل بها كل طالبي التأشيرة في الدول التي تشكل -حسبها- تهديدا إسلاميا·القنصلية الألمانية استحدثت تدابير جديدة، من ضمنها استجواب معمق لطالبي التأشيرة منذ فترة، وهو استجواب من شأنه أن يفضي لبعض الممارسات الغريبة، إذ تشير الشهادات التي وردتنا أن السفارة الألمانية باتت تضع شروطا جد صعبة بل تعجيزية لكل من يرغب في الحصول على التأشيرة· ويؤكد أحد الجزائريين وجد نفسه أمام هذه المعاملة أن ''جلسات الاستجواب تدوم فترة من الزمن أكثر مما يتطلب الأمر والرفض يكون مصير من يتردد في الخضوع للأمر''، مع الإشارة إلى أن أعوان استلام الملفات على مستوى الشبابيك لا يبدون أية مرونة فيما يتعلق بالمواطنين الذين تعد ملفاتهم غير كاملة، إذ لا يقبل استكمال الملف إلى حين موعد لاحق، في إشارة إلى استغلال مصالح القنصلية هذا الأمر لإبداء رفض مباشر لمنح التأشيرة، فأي ملف ناقص يعني رفض منح التأشيرة، مثلما يؤكده أحد الذين تعرضوا لهذه المعاملة، مضيفا أن ''جلسات الاستجواب هذه تتحول في غالب الأحيان إلى تجسس اقتصادي وصناعي''، حسب ما صرح به مستورد جزائري موثوق لدى الممولين الألمان، ''في السابق كان يطلب منا أكثر من قائمة المشتريات، وقائمة الممولين الألمان والدعاوات، إلى جانب وثائق إثبات الأرصدة البنكية وحسابي البنكي، أما اليوم فيطالبون حتى بحسابي البنكي بالدينار في البنوك الجزائرية، أعتقد أنهم تمادوا في الأمر كثيرا''· الأكثر غرابة في أمر هذه التدابير الجديدة التي قيل إنها ''أمنية'' بالنسبة إلى الألمان، تظل بكل تأكيد تلك الوثيقة التي يضطر طالب التأشيرة لتوقيعها، وهي وثيقة يسهل إدراجها ضمن خريطة المخاطر، طريقة كاريكاتورية في تقسيم الأمم والجنسيات باسم مكافحة الارهاب· هذه الوثيقة التي تحولت إلى وسيلة استجواب ''ذات طابع قانوني وأمني'' لها تأثيرها المباشر على طريقة التعامل مع المسافرين· الاستمارة الشهيرة إجبارية وأي تصريح كاذب يعرض صاحبه إلى رفض طلب التأشيرة وحتى ترحيل من طرف السلطات في حال الحصول على التأشيرة· أما بخصوص الأسئلة، فنترك للقراء شرف التمتع حتى لو كانت الاستمارة تشير بوضوح ''إلى أنها لا تبدي أي شكوك حول الشخص الذي يملؤها أو البلد القادم منه''· فبعد أسئلة حول الفترة التي تقضيها في ألمانيا أو في بلدان أخرى من الاتحاد الأوروبي، على المترشح لطلب التأشيرة أن يوضح ما إذا سبق له وأن زار كل من أفغانستان، ألبانيا، أذربيجان، البحرين، البوسنة، العراق، إيران، أندونيسيا، اليمن، كشمير، قطر، الكويت، لبنان، عمان، باكستان، الفلبين، العربية السعودية، الصومال، السودان، سوريا، الشيشان، أوزبكستان، الإمارات العربية· القائمة كاملة للدول التي تمثل محور الشر، وهنا إشارة إلى الاحترازات التي تفوق كافة الاتفاقيات والمعاهدات الدبلوماسية· وتجبرك الاستمارة على الإجابة أيضا على احتمال تدربك في معسكرات خاصة غير عمومية لأهداف عسكرية أو شبه عسكرية أو مشاركة في أعمال إرهابية· وعلى طالب التأشيرة تبرير دخوله عن طريق الحجز في الفندق أو ختم الدخول إلى الأراضي الألمانية على جواز السفر أو أشياء أخرى كالصور الفوتوغرافية مثلا· هذا التضييق البيروقراطي يكون مرفوقا بحملة تحسيس إعلامية اعتيادية من أجل تنميط الرأي العام المحلي أسبوعية ''دير شبيغل'' نشرت مؤخرا تهديدات القاعدة في المغرب الإسلامي التي تستهدف فيها البرلمان الألمان، بالإضافة إلى تهديدات حقيقية بخصوص اعتداء ضخم في مارس مع خطف رهائن وحمام دم في منطقة ''رايشتاق''· وخلص محدثنا إلى القول إنه ''إذا نوى أن يقوم بمناسك الحج في العام المقبل، فإنه سيجازف بعدم الحصول على تأشيرة لدخول ألمانيا لقضاء مسائله التجارية، حسب شروط هذه القائمة''· من جهتنا، حاولنا بكل ما في وسعنا أن نتصل مع السفارة بالجزائر العاصمة لكن دون جدوى·