دخلت القنوات الفضائية العربية مرحلة متقدمة من فصول المعركة الرمضانية التي تدور رحاها - فضائيا - حول اقتناص كل الفرص الممكنة للانفراد بعرض أجود الأعمال الدرامية التي أُعدت خصيصا لهذه المناسبة· إلى هنا الأمر اعتيادي، ويتكرر في كل موسم رمضاني نظرا لحرص القنوات على الظفر بأكبر نسبة مشاهدة جماهيرية من خلال بث أجود الأعمال المنتجة، وعرضها في ساعات ''ذروة المشاهدة''، فضلا عن السعي للوصول إلى صيغة شراء ''حصري'' لحقوق الأعمال الدرامية والكوميدية· وبالرغم من أن مثل هذه الطريقة تكلف أموالا طائلة، فإنها في الآن نفسه تضمن فرص ''إشهار أكبر'' للقناة التي تنجح في الحصول على ماركة ''الحصري''· لكن الجديد هو أن تتجاوز قناة فضائية واقع الطلب والعرض الذي يفرضه السوق، نحو تخصيص جائزة مالية قدرها مليون درهم (إماراتي) لأفضل عمل درامي يعرض على شاشتها! كما هو الأمر بالنسبة لمؤسسة دبي للإعلام التي أعلنت عن هذه الجائزة التي تكرم بها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي· وباتخاذ هذه الوسيلة في التقدير تكون ''دبي'' قد رسخت تقليدا جديدا يتجاوز شراء حق العرض / البث، أو المشاركة في الإنتاج، حيث نشطت بعض القنوات مؤخرا إلى إنتاج مسلسلات وأعمال درامية على مقاسها أو المساهمة فيه ماليا· ولا شك أن هذا الإجراء لن يكون التطور الأخير في ''الحرب الباردة'' الدائرة بين القنوات من أجل حصد مزيدا من الأعمال التي تستهوي المشاهدين والتي ليست بالضرورة أن تكون الأكثر جودة بقدر ما هي الأكثر جماهيرية، إما نتيجة ''جماهيرية النجوم؛ المشاركين فيها أو لنجاعة الحملات الإعلامية والدعائية التي غالبا ما تساهم في تغليب كفة عمل على آخر· ففي حين تؤكد مصادر إعلامية نجاح ال MBC في شراء حقوق أكثر من 14 مسلسلا مصريا وخليجيا خلال الفترة الماضية (بعضها حصري البث)، لم تتجاوز حصيلة قناة ''الرأي'' الكويتية الخمسة مسلسلات (وإن كان بعضها حصريا ومن إنتاجها)· بينما دخلت قناة ''الحياة'' المصرية في حملة دعائية لصالح الأعمال التي ستعرضها في رمضان المعظم، والمتمثلة في مسلسل يجسد سيرة حياة الممثل الراحل إسماعيل ياسين بعنوان ''أبو ضحكة جنان'' وهو من بطولة أشرف عبد الباقي· ومسلسل ''تاجر السعادة'' الذي تدور أحداثه حول الشيخ مصباح (خالد صالح) الذي يعمل عواد يعتمد عليه أهل حارته في حل مشاكلهم برغم أنه كفيف· مسلسل ''حرب الجواسيس'' وهو من بطولة منة شلبي وتدور أحداثه حول محاولة تجنيد فتاة تدعى سامية فهمي (منة شلبي) لصالح المخابرات الإسرائيلية، ولكن يحدث العكس وتبلّغ المخابرات المصرية وتقوم بالتعاون معهم· مسلسل ''عبودة ماركة مسجلة'' تدور أحداثه حول شاب يدعى عبود الذي يتعرض للعديد من الصعوبات في الحياة، ويكتشف فجأة أن لديه ثروة كبيرة· وأخيرا مسلسل ''ماتخافوش'' بطولة نور الشريف، وتدور أحداث المسلسل حول مذيع (نور الشريف) صاحب محطة الشعلة المصرية وجريدة، صاحب مبادئ يقدم برنامجا سياسيا يكشف فية أوضاع سلبية في المجتمع المصري والعربي· من جهته، قال مدير قناة دبي الفضائية عبداللطيف القرقاوي، إن تقديم وجبة متكاملة من الأعمال الدرامية والبرامج المتنوعة المتميزة لمشاهدي القناة خلال شهر رمضان المقبل، سوف يكون أهم ملامح تفرد قناته· وأضاف القرقاوي في حوار مع جريدة''الإمارات اليوم'': ''في ظل مؤسسة تسعى دائما للنهوض بمسؤولياتها الاجتماعية جنبا إلى جنب مع مسؤولياتها الإعلامية، فإن المشاهد يظل دائما هو محور الإبداع الإعلامي''، مؤكدا ''أن العمل تحت مظلة ربحية لا يعني بالضرورة أن تكون اتجاهات المعلن هي الحاكمة لخيارات القناة''· وكشف المتحدث أن القناة تمكنت من ضمان ''التنوع في مسلسلات رمضان ما بين الأعمال الاجتماعية الحصرية، والكوميدية الخليجية والعربية، إلى جانب الأعمال البدوية والتاريخية''، وأكد أن دبي ستتمكن من ضمان إطلالة حصرية للنجمة المصرية يسرا التي تعتبر (درة الأعمال الرمضانية) على شاشة قناة دبي منذ سنوات عديدة، والتي تقدم في هذا الشهر مسلسلها الاجتماعي النفسي ''خاص جدا'' الذي سيكون مفاجأة الموسم الرمضاني· كما أن هناك المسلسل التاريخي ''بلقيس'' الذي يقدم سيرة ملكة ''سبأ''، والذي لم يتم ترشيحه للعرض لمجرد كونه جرعة دراما تاريخية، بل من المتوقع أن ينال العمل ''متابعة استثنائية، خصوصا أنها المرة الأولى التي يتم فيها تقديم سيرة ملكة عربية استطاعت أن تخلد اسمها في ذاكرة الأجيال العربية''، كما أن هناك توليفة خاصة من حكايات البداوة والثأر والشهامة والمآثر العربية التي لا تنتهي، يمكن مشاهدتها في المسلسل البدوي ''الجمر والرمال'' على الشاشة ذاتها· كما لم تغب الأعمال الكوميدية المصرية عن الواجهة، حيث هناك مسلسل ''حقي برقبتي'' للفنانين ماجدة زكي وحسن حسني اللذين يتوقع لهما نسبة مشاهدة عربية عالية، بالإضافة إلى العمل الكوميدي السعودي ''غشمشم'' في جزئه الرابع· الحرب، إذن، لا تزال قائمة على خلفية السعي للانفراد بحصة الأسد من مسلسلات رمضان ,2009 ولن يكون حكمها سوى المشاهد الذي يحلم بأن يستمتع بمشاهد راقية وهامة بعد يوم صوم طويل·