عندما تنقطع صلات الرحم وتنهدم جسور المحبة، يصبح كل شيء مباح· فالاعتداء اللفظي أو الجسدي على الوالدين يتحوّل إلى سلوك عادي من قبل بعض الأشخاص الذين يتناسون عمدا قوله تعالى ''وبالوالدين إحسانا''· هي قصة لأم لم تشفع لها سنوات التعب والسهر عند فلذة كبدها الذي بات يتلذذ في إيذائها جسديا بغرض الاستيلاء على راتبها التقاعدي من أجل اقتناء المخدرات· القصة التي يندى لها الجبين عند سماعها عالجتها، أمس الأول محكمة الأربعاء، حيث تعود وقائعها إلى منتصف شهر أكتوبر المنصرم عندما قام شاب بتبليغ المصالح الأمنية عن تعرّض عجوز إلى الضرب والسب بأحد أزقة بلدية تابلاط التابعة إقليميا لدائرة الأربعاء على يد ابنها، وبناء على تلك المعلومات تحركت المصالح الأمنية التي ألقت القبض على الشاب البالغ من العمر 34 سنة، بعد الاستماع إلى الضحية العجوز التي أوضحت بأنها تتعرّض لشتى أنواع الإساءة منذ ثلاث سنوات تقريبا، وهو تاريخ بداية ابنها مع تعاطي المخدرات، حيث دفع سلوكه المنحرف وعصبيته الزائدة إلى تسريحه من العمل من إحدى المؤسسات التربوية بالمنطقة، حيث كان يشتغل بها كبواب بالتعاقد، وأضافت الأم بأن ابنها يتحوّل إلى وحش عندما يعجز عن تزويد نفسه بالمخدرات نتيجه نفاد الأموال، الأمر الذي كان يدفعه إلى مطالبة والدته العجوز بمنحه مبالغ مالية من منحتها التقاعدية، أو يأمرها بالاستيلاف من عند الجيران، وفي حالة رفضها كان يقوم بسبها قبل أن تتطور الإساءة من إهانة لفظية إلى الضرب· وقد تراجعت الأم عن أقوالها أمام هيئة المحكمة قائلة بأن ابنها يتصرف في بعض الأحياء بلا وعي، الأمر الذي يستوجب -حسبها- مراعاة ظروفه لا معاقبته· وانهمرت الأم باكية من أجل استعطاف المحكمة للرأفة بابنها، قائلة بأنها سامحته على جميع ما ارتكبه في حقها، كما التمست من هيئة المحكمة تحويل ابنها إلى أحد المراكز الخاصة بعلاج المدمنين من أجل مساعدته على التخلص من الإدمان بدل زجّه في السجن· ومن جهته، نفى المتهم حسب أقواله جميع التهم المنسوبة إليه، قائلا بأن تربيته وتديّنه يمنعاه من الاعتداء على والدته، مضيفا بأنه في العديد من الأحيان يتشاجر معها على بعض الأمور المنزلية، لكن لم تصل إلى حد الاعتداء عليها بالضرب أو السب · أما النيابة العامة، فطالبت بتسليط عقوبة خمس سنوات سجنا نافذا بسبب فظاعة الجرم الذي ارتكبه في حق والدته· بينما أجلت محكمة الأربعاء النطق بالحكم إلى حين التمعن أكثر في القضية·