في كلمته الختامية لهذا الحدث الثقافي الدولي، أوضح محافظ المهرجان فريد إيغيل أحريز، أن المهرجان الدولي الثاني لفنون الأهار يمثل ''مكسبا كبيرا لولاية تمنراست وللجزائر عموما لاسيما وأنه يصب في إطار جهود المحافظة على التراث غير المادي الوطني وتثمينه''. وأعرب عن ارتياحه لتنظيم هذه التظاهرة الثقافية والفنية في تمنراست، التي ستبقى تنظم كل سنة في مسعى يرمي إلى حماية الثقافة والتاريخ والحضارة''. وقد تميزت هذه السهرة الختامية التي تواصلت إلى وقت متأخر من الليل بتقديم عروض فنية للعديد من الفرق الموسيقية والفنية التي تعاقبت على ركح مخيم ''أقنار''، حيث عرفت السهرة الأولى قراءة مجموعة من القصص والأساطير من طرف كل من الوال والحكواتي مسلم ماحي صديق من سيدي بلعباس، والفنان موسى كويتا والفنانة صابين باكورا من بوركينافاسو، وكذا العازف التري أغريب محمد، وقد أمتعوا الجمهور بحكايات وأساطير عديدة، حيث جسد الرباعي الفني فوق الركح مزج بين الطريقة الجزائرية الحرة واللغة الشعبية في إلقاء الحكاية مع الطريقة الإفريقية المملوءة بالعادات والدلالات التي نقلت الجمهور الحاضر إلى عمق القارة السمراء، حيث نجحت الفنانة صابين باكورا في عرضها الذي رافقها قرع الطبول على آلة الجامبي وموسيقى آلة ''الوني'' من طرف الفنان والموسيقي موسى كويتا. كما أبدع الوال مسلم ماحي صديق، وكعادته، في طريقة العرض تحت وقع الموسيقى النابعة من آلة الناي التي تفنن فيها العازف التري أغريب محمد. أما الجزء الثاني من السهرة الأخيرة، فوقعته فرقة ''طبل'' من عين صالح التي قدمت مقاطع غنائية تراثية أصيلة ورقصات فنية تقليدية تترجم تعلق المجتمع التري والصحراوي بثقافته وعاداته وتقاليده الأصيلة، حيث اكتفت هذه الفرقة باستعمال الآلات الموسيقية التقليدية المعروفة في عين صالح على غرار آلة التندي، الطبل، الدف بنوعيه الصغير والكبير، البندير والدربوكة. وفيما بعد تلتها فرقة ''قانقا'' من إيليزي التي فضّلت هي الأخرى عدم الخروج عن التقاليد، حيث قام أعضاء هذه الفرقة المتكونة من النساء بالقيام بحلقة فوق الركح والجلوس على الأرض مشكلين نصف الدائرة، التي تنقل طريقة غناء المرأة الترية في الأعراس، وقد استنطقت رئيسة الفرقة آلة التندي بعد تفننها بأصابعها السحرية في القرع والضرب عليها، رافقتها تلك الأغاني العذبة التي أبحرت الجماهير في ثقافة وتقاليد ولاية إيليزي العريقة. ووقع الجزء الأخير من هذه السهرة، ومن الطبعة الثانية للمهرجان الدولي الثاني لفنون الأهار بتمنراست، عدة فرق غنائية وموسيقية ترية، وهي فرقة ''جاكمي'' من أباليسا، وفرقة ''ضيف تازروق'' و''تيندي أمسال'' و''قانقا'' من إيليزي وفرقة ''أهليل بنات المغرة'' من تيميمون، التي اعتلت ركح مخيم ''أقنار'' وغنت ورقصت جميعا، حيث صنعت هذه الفرق صورة فنية مميزة تنقل الوحدة والأخوة والتعاون الذي يسود المجتمع التري، ما يثبت تحقيق المهرجان لأهدافه المرجوة، وتم تجسيد ذلك بفضل الإبداع الفني في الغناء والرقص فوق الركح، حيث تجاوب الجمهور بامتياز مع هذا الخلط الفني والغنائي بالطابع التري، وصفقوا بحفاوة وحماس رافقتها صراخاتهم الصاخبة وزغاريد النساء التي دوّت سماء مخيم ''أقنار'' مثبتين من خلالها على رضاهم الكبير بنجاح هذا المهرجان. تكريم الفائزين في مسابقة حكايات وأساطير أعلن، أول أمس، على هامش حفل اختتام فعاليات الطبعة الثانية من المهرجان الدولي لفنون الأهار بمخيم ''أقنار'' بتمنراست، عن قائمة الفائزين بمسابقة ''حكايات وأساطير'' التي تتناول الموروث الصحراوي، حيث منحت الجائزة الأولى لفئة الكبار للفنان والكاتب بلاوي بوجمعة بن غالي الذي شارك بحكاية باللغة الأمازيغية عنوانها ''أداباني''، وتحصلت على الجائزة الثانية الكاتبة عمور فضيلة التي شاركت بحكاية تحمل عنوان ''Aflaws et la gerboise''الناطقة باللغة الفرنسية. أما الجائزة الثالثة فقد عادت للكاتب إيغيبا لحبيب الذي شارك بحكاية تحمل عنوان ''نس أذ وانس'' الناطقة باللغة العربية. أما بالنسبة لفئة الشباب، فقد فازت الكاتبة الشابة عبدي وسيلة بالجائزة الأولى التي شاركت بحكاية ناطقة باللغة العربية تحمل عنوان ''الشاب والنخلة العملاقة''، وتحصلت على الجائزة الثانية الكاتبة الشابة إيفتيني آنيا التي شاركت بحكاية باللغة الفرنسية تحمل عنوان ''Le fils de la lune''. هذا، وقد قررت لجنة التحكيم التي يترأسها كمال سعدو إلغاء الجائزة الثالثة وعدم منحها بسبب ضعف نصوص الحكايات والأساطير المقدم التي لم تتناول بصفة أكثر حكايات وأساطير منطقة الصحراء، علما أن شروط المسابقة ركزت على ضرورة عدم الخروج من الموروث الصحراوي. وقد أكد المنظمون على تجديد هذه المسابقة خلال الطبعة الثالثة القادمة للمهرجان الدولي لفنون الأهار التي -حسبهم- تهدف إلى تشجيع الكتّاب والفنانين والمبدعين على تناول حكايات وأساطير على منطقة الصحراء قصد الحفاظ وحماية الموروث الثقافي والطبيعية والتاريخي غير المادي الذي تزخر به الصحراء. الكلمة للجمهور: ما هو تقييمكم للمهرجان الدولي الثاني لفنون ''الأهار''؟ بن عبيد فيروز (طالبة بجامعة الجزائر): ''صراحة لم أندم أبدا على مجيئي إلى ولاية تمنراست لمتابعة فعاليات الطبعة الثانية من المهرجان الدولي الثاني لفنون الأهار، لأنني اكتشفت -ولأول مرة- ثقافة وتقاليد المجتمع الصحراوي والتري، وأنا أعتبر هذه التظاهرة الثقافية بالناجحة من كل الجوانب، لاسيما من حيث التنظيم والتكفل الفعلي بالمشاركين والزوار، وحسن تسيير الجمهور والتعامل معه بلباقة واحترام كبير، كما أن هذا المهرجان حقق هدف تبادل الثقافات بين مختلف الفرق الغنائية والموسيقية المشاركة المحلية منها والأجنبية، وهذا من خلال التنوع والاختلاف الفني، حيث استطاعت عدة فرق وفنانين أن يجسدوا فوق المنصة موسيقى واحدة بالرغم من اختلاف طابعهم الغنائي، وأتمنى أن يتكرر مثل هذا المهرجان بالجنوب الجزائري قصد الحفاظ وحماية الموروث غير المادي الذي تزخر به هذه المنطقة''. إمناغن جلول (عامل بفندق): ''صدقني، لا أستطيع أن أعبّر عن فرحتي لأن هذا المهرجان جعل ولايتنا تمنراست فضاء للتبادل الثقافي بين فرق غنائية محلية وأجنبية، إضافة إلى العديد من الفنانين الذين يؤدون الأغنية الترية، وأعتبره ناجحا لأنه نقل الصورة الحقيقية للمتجمع الصحراوي والتري، حيث ساهم في التعريف بثقافتنا وتقاليدنا وعاداتنا الترية التراثية المادية منها وغير المادية، وكذا التعريف بالطابع الغنائي والموسيقي التري، وصراحة الشيء الذي يجعلني أعتبره بالناجح هو نجاح الفنانين الجزائريين والإفريقيين بمزج الغناء والموسيقى الترية الجزائرية والأغنية الإفريقية فوق الركح بامتياز، وهذا يدل على أن الثقافة الترية ليس لها حدود، وما شد انتباهي أكثر تلك الورشات التي تخللت المهرجان بمخيم ''أقنار''، حيث سمحت لسكان وشباب تمنراست التعرّف على الفنون والتقاليد التي لم يكن يعرفها، كما أتمنى أن تتكاثر مثل هذه المهرجانات بتمنراست''. منصوري لامين (مرشد سياحي): ''الحمد لله، اليوم تأكدنا أن ثقافة المجتمع التري لن تزول وستبقى دائما موجودة وقائمة، لأن المهرجان الدولي لفنون الأهار أخرجها من موقعها المحلي وقدم لها طابع العالمية لاسيما أن هناك العديد من الفرق الغنائية والموسيقية الإفريقية بمن فيهم فنانين مشهورين أمثال بامبينو وحميد إيكاوال من النيجر والثنائي أمادو ومرياما من مالي... وغيرهم ممن شاركوا في هذا المهرجان، وكذا مشاركة فرق محلية من مختلف مناطق الجنوب، وصراحة هذا المهرجان لقي نجاحا كبيرا لأنه استطاع أن يخلق جوا فنيا ساده الفرح والسرور والبهجة في نفوس سكان التريين الذين استرجعوا الثقة في ثقافتهم وتقاليدهم التي ظلت لقرون حبيسة منطقة الصحراء، لأن اليوم نرى الكل يتحدث عنها ويتعرف علها، وما أتمناه فقط هو أن نرى خلال الطبعات المقبلة مشاركة أكبر للدول الأجنبية والفرق المحلية الترية بهدف دفع الحركة الفنية والغنائية الترية إلى الأمام ومنحها فرصة تحقيق التنمية والتطور''. صابين باكورا (فنانة من بوركينافاسو): ''لا أحد يمكن أن يقول إن هذا المهرجان لم يحقق النجاح، بل حقق ليس فقط النتائج المسطرة من طرف المنظمين بل حتى النتائج التي لم تكن منتظرة، فهو خلق تبادلا ثقافيا بين المشاركين، ومنح الفرصة لسكان تمنراست من خلال الورشات التي نظمت بمخيم ''أقنار'' لاكتشاف أشياء كثيرة لم يكونوا يعرفونها من قبل، وإقبال الجمهور بكثافة طيلة أيام المهرجان، كما سمح المهرجان بالتعريف بتقاليد وثقافة المجتمع التري، وأنا كفنانة من بوركينافاسو أشهد بأنني تعلمت أشياء كثيرة عن المواطن التري والصحراوي الجزائري، لم أكن أعرفها من قبل، وسأبقى وفية للجزائر، لأنني اكتشفت أن شعبها مضياف وكريم ومحترم وتعلقت كثيرا بتقاليد وثقافة المنطقة، وأنا أعترف بأن الجزائر قادرة على تحقيق هدف الحفاظ على التراث غير المادي، لأن نجاح هذا المهرجان في طبعته الثانية يؤكد رغبة البلد الجزائري والمنظمين على الاهتمام بتراثهم الثقافي والتاريخي والطبيعي''. جو باتوري (فنان جزائري في طابع الناوي): ''هذا المهرجان فريد من نوعه، فبالرغم من أنه في طبعته الثانية إلا أنه نجح في الترويج والتعريف بالثقافة الترية الأصيلة، وكشف كذلك التطور الكبير الذي يشهده المجتمع التري لاسيما التطور الكبير الذي حققته الأغنية الترية، فمن حيث المضمون والأهداف أعتبره بالناجح تقنيا وثقافيا، لأن المنظمين سطروا في البداية أهداف التبادل الثقافي والحفاظ على الموروث غير المادي، وهذا ما تحقق فعلا، لأن حاليا ولاية تمنراست أصبحت فضاء ثقافيا عالميا بعد أن كان فضاء سياحيا فقط، أكيد سيكون هذا المهرجان في المستوى في طبعاته القادمة لأننا لمسنا اختلاف، كما لا ننسى أن التنظيم كان رائعا، والتكفل بالمشاركين كان في القمة، حيث حقق نجاحا في جميع المستويات، وهذا من الصعب أن تجده في أي مهرجان، وما شد انتباهي أكثر خلال هذا المهرجان هو إظهاره للصورة الحقيقة للمواطن التري الذي أثبت أنه متفتح جدا لاسيما فقط على المستوى الاجتماعي بل حتى في مجال الموسيقى والغناء، لأن اكتشفنا فرق غنائية ترية محلية في أعلى مستوى، كما اكتشفنا أيضا تمسك المواطن التري بتقاليده الأصيلة''