من هي الشخصية التي تملك هذه الرؤية لمعالجة مشكلة الشعب المصري الشقيق؟ إن الشخصية القادرة على إيجاد حل لأزمة مصر الشقيقة، وتحقيق منجزات جديدة للشعب المصري الشقيق، والقادرة على تبني استراتيجية واضحة ودقيقة، يجب أن تكون لها القدرة على التأثير في الرأي العام المصري والعالمي، هذا من جهة· ومن جهة ثانية، لابد أن تتمتع بقوة الإرادة والنزاهة والشجاعة الأدبية والعلمية والحسم في الأمور والثقافة والصراحة مع التحفظ عند الاقتضاء· كما لابد أن تكون قادرة على تفهم نفسية الشرائح الشعبية وأن تكون محترمة للعادات والتقاليد المصرية الإيجابية ومنصفة وبعيدة عن الظلم ومواطن الشبه، وترفع عن الصغائر من الأمور وتسعى إلى معاليها، كما لابد أن تكون واقعية في نظرتها للأمور وتحترم اتجاهات الرأي العام، وأن تكون فعالة وليست قوالة، بالإضافة إلى بعدها عن الحسد وامتلاكها القدرة على حسن استغلال المواهب المختلفة· إن هذه الشخصية وحدها القادرة على إيجاد حل لمشاكل الشعب المصري الشقيق وجعل مصر خلال سنوات معدودة تتخطى أسوار المشاكل وفجوات التخلف وعقبات الصراع والتنافس الدولي في واحدة من أكثر مناطق العالم أهمية، وتتمكن من عرينها في منطقة الشرق الأوسط أن تشكل عناصر قوة لدولة عصرية فاعلة تنهض على سواعد أبنائها ويساهم فيها المواطن المصري بدوره في البناء الوطني من ناحية وثيقة في يومه وغده ومستقبل أبنائه من ناحية ثانية، فضلا عن استعادة مكانة مصر في المحافل الدولية وبين الأمم والشعوب، وهذا مما يوجب على هذه الشخصية أن ترتكز على رؤية استراتيجية متكاملة تنصهر فيها عناصر القوة الكامنة في الشخصية المصرية مع عوامل القوة بالغة الأهمية في التاريخ والحضارة والتراث المصري، وفي هذا الإطار تتفاعل الجهود وتلتقي الأيدي وحدة وطنية قوية وصلبة يشد عودها ويشد بنيانها رجال مخلصون ليس فقط في المساهمة والمشاركة والعطاء والإبداع، وتحمّل المسؤولية الوطنية، ولكن أيضا في إرساء قواعد المشاركة الوطنية المستمرة والواسعة النطاق في مسؤولية البناء، حيث تصبح الدولة والشعب كالجسد الواحد إذا اختل منه عضو اختل الجسد كله، لذا يجب أن تكون هذه الشخصية تهدف إلى أن تكون خطتها في الداخل معالجة مشكلة هذه المنطقة من العالم العربي من جهة، وبناء مصر وتوفير لجميع أهلها الحياة المرفهة والعيش الكريم، وهذه غاية لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق مشاركة كل أبناء مصر في تحمّل المسؤولية ومهمة البناء، أقول هذا لماذا؟ لأن إرساء نهج الديمقراطية في مصر الشقيقة على أساس مبدأ المشاركة من جانب كل المواطنين والعمل على توسيع هذا المبدأ ليشمل كل المحافظات في البلاد، وليتيح فرص تمثيل متوازنة لمختلف ولايات الوطن، يتطلب اليوم بذل جهد واهتمام كبيرين من الآن، وهذا لإعداد المواطن وتهيئة بصورة متكاملة لما فيه صلاح لشعبه وبصيرة نافذة وتقدير سليم للأمور ليتمكن من خدمة بلده ومن المشاركة في صنع القرار الصحيح على كل المستويات التي تختلف باختلاف موقعه في البيان الإجتماعي، وهذا ما يتطلب قبل كل شيء ديمقراطية متكاملة الجوانب التنظيمية والمؤسساتية، فهذه الديمقراطية المتكاملة الجوانب هي وحدها التي تساعد وتوفر مشاركة فاعلة وواسعة للمواطن في الحاضر وصياغة المستقبل في مختلف المجالات، وطبعا من مجلس وطني تمثل فيه كل المحافظات، يضم خبرات مصرية متميزة وعلى نحو يفسح المجال للشباب للإطلاع بدور حيوي، وعلى أساس هذا التقدير الرفيع للمواطن يجب على المسؤولين في الهيئة التنفيذية، يعني أعضاء الحكومة، وكذا المسؤول الأول في البلاد، الانتقال إلى كل المحافظات في جولات، وجعل هذه الجولات سمة من السمات المتميزة والمنفردة بين المسؤول والمواطن في هذه المحافظات، فخلال هذه الجولات التي ينتظرها المواطن المصري في كل محافظة يعبر عن تقديره وولائه وعرفانه لمسؤوليه وتجرى المناقشات حول العديد من الموضوعات والمشاكل التي يعاني منها المواطن في هذه المحافظات وكذلك حول العديد من الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافة وبرامج الحكومة وأولوياتها في هذه المحافظات، وكذلك العمل على تنويع مصادر الدخل الوطني وتشجيع الصناعة والتجارة والسياحة وإيضاح الإنعكاسات الدولية وآثار العولمة على الاقتصاد المصري، وكيفية التعامل مع ذلك كله، وكذلك حول الاقتصاد المصري السليم وكيفية تحقيقه من خلال التعاون، والتنسيق بين القطاع العام والقطاع الخاص والركائز التي ينبغي الاستناد عليها لتحقيق ذلك، والبحث عن رؤية استراتيجية تحرك القوة الكامنة في الشخصية المصرية مع عوامل القوة بالغة الأهمية في التاريخ وفي الحضارة والتراث المصري، وهذا في إطار تتفاعل فيه كل الجهود دون نسيان أو تهميش، وتلتقي فيه وتتضافر الأيدي المصرية في وحدة مصرية قوية وصلبة، وإرساء قواعد المشاركة الوطنية المستمرة واسعة النطاق في ظل مسؤولية البناء وبعث روح التضامن والتكافل والشعور بالمسؤولية والهوية الوطنية من جهة، وإرساء واستكمال أسس الدولة المصرية العصرية ودعائم الاقتصاد المصري ليصبح قادرا على النمو الذاتي واستكمال البنية التحتية في مختلف المجالات وفي كل المحافظات من جهة ثانية، هذا مع فتح الأبواب لجميع المصريين في سبيل الوصول إلى هذه الغاية بالعمل على تثبيت حكم ديمقراطي عادل في بلادهم وفي إطار واقعهم المصري وحسب تقاليد مجتمعهم· وإذا كان اليوم تحديد الأهداف هو الخطوة الأولى على الطريق الطويل للتنمية في مصر، فإن العمل من أجل تحقيق الأهداف والوصول إليها يحتاج بالضرورة إلى جهود ضخمة ودؤوبة، وإلى قدرة هائلة على حشد طاقات هذا البلد العريق في كل المجالات، وهذا من خلال استجماع القوى المصرية وترتيب وحدتها وتماسكها، ولكن أيضا من خلال الثقة العميقة التي يجب أن تكون بين المواطن والمسؤول في هذا البلد العريق، حيث هذه الثقة تزيد من قدرات المواطن المصري وتوفر له كل السبل للإطلاع بدوره والمشاركة الفعالة في بناء حاضره وصياغة مستقبله بما يواكب كل مراحل التنمية في هذا البلد العربي العريق في إطار رؤية واضحة ومتكاملة لمتطلبات الحاضر واستشراف المستقبل واختيار أنسب السبل لتحقيق الأهداف المصرية، وهذا كله لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال نهج متكامل والاستناد إلى إدراك عميق لمصادر القوة المصرية المتمثلة في الكوادر المصرية من ناحية، ومصادر الثروة للاقتصاد المصري من ناحية ثانية، والخبرة التاريخية وما يمثله التراث المصري من رصيد إيجابي من ناحية ثالثة، حيث يتفاعل كل ذلك في ظل مسؤولية مخلصة وحكيمة تمكن خلال سنوات معدودة تجاوز الأزمة التي تعيشها مصر بما فيها مشكلة الأقباط·