غرق حماري التعيس في كومة من الأوراق وقضى معها وقتا طويلا دون أن يعرف رأسه من قدميه·· قلت له ضاحكا·· أراك أصبحت حمارا مهما بهذه الأوراق الكثيرة أمامك وتلك النظارة الضخمة؟ قال غاضبا·· أحاول أن أرتب نفسي·· وأبحث عن الشهادات والوثائق الثبوتية حتى أكوّن ملفات عديدة أحاول أن أودع بعضها هنا وهناك·· مادامت الدولة ''راهي تحلل'' وتقول إنها ستتكفل بهمومنا ومشاكلنا·· قلت·· آه إذن أنت تريد الاستفادة من التدابير التي تقوم بها الدولة حتى ''تسكت الغاشي''؟ نهق عاليا وقال·· ''واش راحلي فيهم'' المهم أن أستفد يوما من شيء في هذا البلد وهاهم يصرخون من على المنابر ويبدون استعداداهم لإعطائنا حقنا·· لماذا إذن لا أفعل وسنرى·· قلت·· يا حماري ''مازالك نية'' تريد أن تستفيد من قروض ومن امتيازات دون ''عريفة''؟ قال·· لم يقولوا ''المعريفة'' كشرط من الشروط·· بل كل ما قالوه هي مجموعة من ''الكواغط'' التي تثبت أنك بطالا واستفحلت فيك البطالة إلى حد يمكنك فيه أن تصبح مجنونا وتحرق نفيك بالبنزين·· ضحكت عاليا وقلت·· وهنا بيت القصيد يا حماري التعيس·· بطال جاهز للاحتراق·· وكل الخطوات التي سيقوم بها هي لتأجيل الحرق فقط·· بمعنى مجرد أماني لا أكثر·· نهق حماري وقال·· أنت تكذب·· أنا سمعت بأذني أن حتى المرأة الماكثة بالبيت خصصت لها قروض تستفيد منها·· ضحكت عاليا وقلت له·· وهنا السر·· المرأة يا حماري أقرب إلى النار من الرجل·· هي دائما تتواجد في ''الكوزينة'' بمعنى أنها قريبة من الحرق والاحتراق، لذلك فكر هؤلاء فيها أيضا·· مخافة أن يجن جنونها وتستعمل الأساليب السياسية التي تشتعل بالكبريت·· نهق ونهق وقال·· فشلتني الله يفشلك ومزّق كل الأوراق المكومة أمامه وهو يلعن···