يركبون الأمواج ليس للمتعة أولهواية ما، إنما رغبة في الالتحاق بالضفة الأخرى، وفي مقدمتها الأرض الخضراء إسبانيا وإيطاليا اللتان لم تعدا الحلم الأزلي للشباب الجزائري فقط بل تعدى ذلك إلى النساء الحوامل والشيوخ والعجائز، أضف إلى ذلك أسر بأكملها، معوقون وأطفال دون أن نستثني الفتيات· الكل أصبح يدرك أن رحلات ''الحرفة'' أصبحت أكثر تنظيما، ولم تعد تقتصر على الشباب بدليل ما يذكر في إحصائيات وتقارير حراس السواحل، وما يورد إلينا من أخبار يومية عن اعتراض قوافل من القوارب على متنها 40 ثم 70 و15 حرافا من بينهم نساء وفتيات أطفال وحوامل، فمن أين يعرف هؤلاء بمخادع بارونات ''الحرفة'' لو لم تشرف عليها وكالات سياحة موازية منتشرة في العديد من المناطق التي يعرفها القاصي قبل الداني بدليل نيلها شهرة قد لا تعرفها حتى بعض كبريات وكالات السفر العالمية، فمناطق نفوذ بائعي التأشيرات الجنونية أصبحت معروفة، ورغم عدم توفر مكتب محدد العنوان لهذه الوكالات، إلا أنها تلقى رواجا منقطع النظير عند مشاريع الهجرة أو الانتحاريين الجدد· نساء حوامل يتلهفن على بطاقات الإقامة من خلال وضع مواليدهن هناك لم تصبح ظاهرة ''الحرفة'' مقتصرة على جنس الذكور فقط، هذا ما تؤكده العمليات الأخيرة التي أفشلها حراس السواحل، 10 نساء ضمن مجموعة تم إحالتها على العدالة والمتكونة من أكثر من 845 حراف تم رصدهم ومتابعتهم قضائيا منذ بداية السنة الجارية إلى غاية نهاية شهر جويلية الفارط بالجهة الغربية للوطن ابتداء من سواحل كل من أرزيو ووهران، حيث أمر قاضي التحقيق بمحكمة الصديقية بإيداع 630 منهم الحبس الاحتياطي، وأفرج عن المتبقين الذين كان بينهم 113 قاصر، و3 سيدات حوامل في شهورهن الأخيرة، وذلك بغرض وضع حملهن بالبلدان الأوروبية للحصول على بطاقة الإقامة· عائلات وأزواج في قوارب الموت ومخاطرة من نوع آخر ظاهرة القرن ال 21 من السواحل الجزائرية أبطالها أزواج وعائلات الكل يطمح إلى نعيم أوروبا بشتى الطرق مقابل دفع أموال طائلة كانت كفيلة بتأمين حياة كريمة في الوطن، هذه المرة ''حرفة'' من نوع آخر، المغامرة بلغت حد المجازفة بعائلة كاملة كان يمكن أن تهلك في البحر، تشير أحد تقارير حراس السواحل إلى ضبط زوجين تتراوح أعمارهما بين 35 و33 سنة كانا في عرض البحر متجهين إلى الأراضي الإسبانية، والمدهش في الأمر أن الزوجة كانت حاملا وفي شهرها التاسع· وأثناء الاستجواب الذي خضعت له أمام قاضي التحقيق، قالت إن دوافعها كانت الحصول على إقامة في إسبانيا لها ولزوجها بسبب المولود المنتظر الذي سيكون بمثابة التأشيرة والمانع من أي قرار ترحيل· معوقون وأطفال يلتحقون بدرب قوارب الموت ظاهرة ''الحرفة'' لم تقتصر على الشباب العاديين فقط الذين يتمتعون بصحة جيدة، حيث تعدتهم إلى المعوقين، فقد تم توقيف 3 منهم خلال رحلة جوان الفارط في عرض البحر على مسافة 20 ميلا من السواحل الوهرانية، ليضاف هؤلاء إلى جحافل ومجلدات تاريخ ''الحرفة'' بالأرقام· الأطفال لم يكونوا في منأى من ما سلف ذكره، فأعدادهم في تزايد خاصة مع تحسن الأحوال الجوية المتزامنة مع فصل الصيف، فقد سجل فقط من سواحل عنابة والطارف محاولة خروج أزيد من 1500 فرد تم توقيف 444 منهم وهم على متن قوارب في عرض البحر من بينهم 16 قاصرا لم يتجاوز سن أكبرهم 16 سنة عند توقيفهم بعرض البحر، إضافة إلى أربع فتيات· العجزة والمسنون يزاحمون ويتعجلون أوروبا تمكنت عجوز في ال 63 من عمرها السنة الماضية من ''الحرفة'' على قارب مع مجموعة من الشباب، وأكدت مصادر صحفية أن العجوز ورفقاءها من الشباب ''الحرافة'' من حيها الشعبي ببوزفيل بولاية وهران، وصلوا بسلام إلى الضفة الأخرى وبالضبط إلى ألميريا الإسبانية، بالرغم من مخاطر الرحلة، غير أن العجوز لم تفرط ورفعت هي الأخرى التحدي في العبور إلى الجهة الأخرى دون أن يتم رصدها لا من قبل حراس السواحل الجزائريين ولا الإسبانيين، كما تمكن حراس السواحل مؤخرا بولاية عنابة، التي احتلت الريادة الوطنية في قوافل ''الحرافة''، من توقيف الشيخ الطاهر الذي بلغ من السن عتيا بتجاوزه سن ال 70 كان برفقة 21 شابا في سن أحفاده عندما أوقف بعرض البحر، وهو يهم بالرحيل نحو إيطاليا· يحدث هذا رغم كل تلك الإجراءات القانونية لتعزيز الرقابة على الهجرة غير الشرعية عبر البحر والبر، بمصادقة البرلمان على قانون جديد يتضمن تجريم ظاهرة الهجرة غير الشرعية من وإلى الجزائر· ويتضمن القانون الذي دخل حيز التطبيق منذ أشهر قليلة عقوبات بالسجن من شهرين إلى ستة أشهر على كل جزائري أو أجنبي مقيم يحاول مغادرة البلاد بطريقة غير شرعية، وعقوبات بالسجن ما بين ثلاث إلى خمس سنوات للمتورطين في تدبير وتسهيل خروج المهاجرين السريين·