تتوق العديد من العائلات الجزائرية والعاصمية إلى الاستمتاع بشاطئ البحر ونسماته المنعشة في عز الحر دون أن تلامس مياهه وتبتل بها، وهو حال النساء الماكثات بالبيت والأطفال الصغار والعجائز اللاتي لا يجدن السباحة، ولهذا السبب فإنهن يقصدن شاطئ طرفاية بعين طاية الذي ينفر منه الشباب والشابات بسبب عمق شواطئه رغم كون السباحة به مسموحة. ويتساءل المرتادون الجدد الذين يكتشفون شاطئ طرفاية لأول مرة والذي يتوسط كلا من شاطئ القادوس"1" وشاطئ ديكا بعين طاية عن سر التواجد المكثف للنساء بمختلف أعمارهن، وغياب إن لم نقل انعدام فئة معينة من الشباب المتهورين والمغامرين والمزعجين أحيانا، ولكن سرعان ما يتضح لك الجواب بعد مكوثك بضع ساعات بالشاطئ الذي يكون عمقه السبب الرئيسي وراء عزوف المصطافين عن الإقبال عليه، تاركين المجال لعشاق الرمال والنسمات العذبة وأمواج البحر، وكذا النساء والفتيات المحجبات للسباحة به دون حرج أو إزعاج. ومع حلول موسم الصيف وأمام غياب أماكن وشواطئ خاصة بالعائلات الجزائرية التي تتوق إلى الحشمة بعيدا عن عروض "المايوهات" والتبانات التي يرتديها الشباب والشابات أمام مرأى العائلات التي تستحيي لمثل هذه المناظر والمشاهد التي يصعب التأقلم معها، يتحول شاطئ طرفاية وبشكل عفوي ودون ترسيم إداري إلى شاطئ محتشم تستمتع فيه النساء بالسباحة بعيدا عن أعين الفضوليين من الرجال. وهروبا من الانقطاع المتكرر للكهرباء ومن حرارة الصيف اللاهبة تلجأ أفواج ودفعات من النساء خاصة المقيمات بالبلديات القريبة من المنطقة نحو شاطئ طرفاية، الذي وبمجرد دخولك إليه تلمح من بعيد نساء محجبات انتشرن على طول الشاطئ، ومنهن من غامرن لمجابهة أمواج البحر بخمرهن، وأحيانا بأثواب منزلية عادية كالجبة والعباية، غير مبالين بنظرات المحيط ولا تعليقاتهم، فالمهم عندهن المتعة وملامسة مياه البحر وكسر الروتين الذي يلاحقهن طيلة العام. وبينما تجلس فتيات شبه عاريات على رمال الشاطئ، حيث يكشفن عن أجسادهن للحصول على جرعات من الشمس الحارقة لاكتساب سمرة تعوض اللون الأبيض الذي سئمن منه، تلمح من بعيد كتلاً سوداء في البحر تداعب المياه بحركات ليست رشيقة، وهن نساء لا يجدن السباحة غالبا، في مشهد غير متجانس يضم نساء "بمايوهات" السباحة الغربية، ومحجبات أو منقبات يجابهن موجات البحر بسواد الحجاب والنقاب. وصرحت إحدى المصطافات التي اقتربنا منها أنه ليس ثمة أي إشكال في ممارسة السباحة دون ارتداء ثياب خاصة (أي المايوه)، فالمهم أننا "نبرد أجسادنا بمياه البحر وفي زاوية بعيدة بعض الشيء عن الأعين وعن نظرات الرجال الشهوانية، مضيفة أن الشيء الوحيد الذي يعيقنا هو كميات الرمال الكبيرة التي تعلق بثيابنا، والتي نضطر إلى حملها معنا لبيوتنا. وقد عبرت العديد من النسوة عن آمالهن في أن تقرر السلطات يوما تحويل هذا الشاطئ وبعض الشواطئ الأخرى إلى أماكن خاصة بالنساء فقط، مع تعليق لافتات مشار عليها "للنساء فقط"، وذلك بعد أن "أصبحنا نجد صعوبة في قضاء أوقات ممتعة بعيدا عن المشاكل والمعاكسات التي تنغص أوقاتنا" كما أن إقناع الأزواج والأولياء بوجود أماكن محتشمة أصبح صعبا للغاية.