سمحت فضيلة عسوس، لثلاثة عشر ممثلا مبتدئا، باحتلال خشبة عز الدين مجوبي بعنابة، بينما فضّلت هي البقاء خلف الستار لا يبين منها سوى صوتها وتصميمها الإخراجي لمسرحية ''دموع القمر'' التي ألفت لوحاتها انطلاقا من مجموع نصوص كاتب ياسين الشعرية. 45 دقيقة كان زمن العرض، اختصرت فيه المخرجة حياة ياسين الفكرية والنضالية بكثير من التحفظ في ما يخص البعد النضالي للرجل المبدع. قالت عسوس، إن وقوعها على كتاب كاتب ياسين الخاص بنصوصه الشعرية غير المنشورة، كان صدفة محضة، ولم يكن عن سبق إصرار منها، لتركيب لوحات مسرحية، يؤديها طلبة جامعة سيدي بلعباس، الذين يقفون لأول مرة على ركح محترف، وأمام لجنة تحكيم ضمن فعاليات مهرجان الإنتاج المسرحي النسوي (25-31 جانفي 2012). المستوى المبتدئ للممثلين، ظهر جليا في أدائهم للأدوار خاصة في طريقة إلقائهم للنص، حيث ظهر جليا تركيزهم على ترديد النص، وابتعادهم عن جوهره وروحه، وبالتالي الابتعاد عن روح كاتب ياسين، الذي أرادت عسوس أن تكرّمه في التفاتتها هذه: ''وجدت في هؤلاء الممثلين الصاعدين حضورا جسديا جميلا، لكن ينقصهم الصوت، وهم بحاجة إلى تمرين في المجال''، تفسر المخرجة. في المقابل، احترمت الفرقة الخطة الإخراجية المرسومة لهم، والتزموا بالكوريغرافيا المعهودة لكل واحد منهم، وأوشكوا على تحقيق الانسجام بين حركتهم، لولا هفوات أفقدتهم الإيقاع اللازم. كان صوت فضيلة عسوس يصدح من وراء الستار، ما جعل حضورها أقوى من العناصر كلها، كانت سيدة العرض بإخراجها وبنظرتها للفكرة. حضرت نجمة طيلة العرض، وحضر معها ياسين الطفل والشاب الخارج من برنوس الجد الهلالي، وظهر أمامنا كاتب مفكر يتمسك بعكاز الأجداد، يلبس قميصا احمرا، وسروالا أزرقا. ياسين خرج من القرية: ''اخترت الدوار لأن كاتب هو ابن الدوار''، توضح المخرجة، وتضيف: ''وجدت أن روح ياسين كانت حاضرة في هذه النصوص أكثر من أخرى، فقررت أن أعمل عليها''. ونفت في السياق ذاته، أن تكون فكرت في استغلال شهرة الروائي، لتصنع مجدا لنفسها. مردفة لاحقا: ''لم أكن حذرة في استغلال نصوص ياسين، لم أراقب ذاتي ولم أتجنب ناحية معينة في مساره''. كان العرض الشاعري ل ''دموع القمر''، فرصة استعادت فيها عسوس الطريقة القديمة في استعمال الديكور، إذ عاودت استخدام حامل الملابس، الذي وعته في الجهة الخلفية للخشبة، وعلقت عليه مجموع ملابس وقباعات استعملت دواليك من قبل الشبان والفتيات: ''كان ياسين يحب العمل بالمشجب، الذي يدل على الذاكرة''. استبعدت عسوس أن تعيد تركيب المسرحية مع عناصر محترفة، بقولها: ''من هم المحترفون أولا؟ هل هم الذين يطالبون بالأجر العالي فقط؟ زمن العمالقة ولى ورحل معه الإحساس الصادق، لهذا أفضّل مواصلة العمل مع هؤلاء الأبرياء، لأن فيهم زبدة صافية تعد بنتاج راقٍ مستقبلا''.