في دشرة نائية بأعالي جبال جرجرة، وبينما كان الجميع ينتظر فك الحصار، بفتح الطريق حيث الثلوج تجاوزت الأمتار في بعض الحالات، يتلقى أحدهم رسالة نصية قصيرة ''أس أم أس''، إنه من وزارة الداخلية التي يبدو أنها منشغلة بموضوع مختلف تماما، ويبدو أخطر مما يهدد ذلك المواطن في تلك الدشرة النائية· وبلغة فرنسية أنيقة تحاول الوزارة بتلك الرسالة دغدغة روح المواطنة والمسؤولية للمواطن، وهو مدعو لأن يتدافع مع جيرانه وأبناء عمومته لأن يعطي العالم ''درسا في الديمقراطية''· هو الخطاب القديم والهاجس الرئيسي لوزراء الداخلية المتعاقبين، الذين فشلوا تباعا في إبعاد هاجس مقاطعة الانتخابات المتوالية، إلى درجة أن بعضهم لجأ إلى تبريرات مضحكة للنسب المرتفعة للامتناع عن التصويت· والمواطن الذي يتلقى تلك الرسالة في ذلك الظرف الزمني والنفسي سيلجأ في أبسط الأحوال إلى شطب تلك الرسالة من هاتفه النقال حتى لا تمتلئ المساحة المخصصة للرسائل النصية بأمور يراها لا تعنيه في شيء، وربما يدعو الأمر ببعض المترددين إلى التصرف بطريقة عكسية تكون أبسطها مقاطعة الدعوة إلى عرس، وهو في عز مأتمه الشخصي· لا ندري من هو صاحب فكرة ''الأساماسات'' هذه، ومن هو صاحب الشعارات التي تلقاها المواطنون والأجانب المقيمين في الجزائر ولا الميزانية التي خصصت لذلك، لكن المهمّ هو أن رسالة الداخلية قد وصلت بالفعل، لكنها رسالة فارغة من المحتوى، كمن يبعث أس أم أس ''أبيض'' في يوم أسود بفعل موجة البرد الأخيرة·