على غرار وثائق ''ويكيليكس'' الأمريكية المسربة، والتي ضربت الدبلوماسية الدولية ضربة لم تُشف منها بعد، وقدمت للمتابعين نافذة نادرة للإطلاع على تفكير بعض الدول وساستها، وكذلك ما يقال خلف الأبواب المغلقة، تخرج لنا الرسائل الإلكترونية المسربة من بريد بشار الأسد، والمقربين له، لتقدم نفس هذه النافذة النادرة للإطلاع على بعض من جوانب التفكير، والحياة لدى الأسد، وبالطبع كيف يدير عملياته ضد الثورة السورية. قصة البريد الإلكتروني الخاص ببشار الأسد أسميها ''أسدليكس''، لأنها ستكون على غرار ''ويكيليكس''، سواء في سوريا أو لبنان، وحتى في بريطانيا وأمريكا، لأن بعضا من تلك الرسائل يبين الدائرة الخاصة بالأسد والمنتشرة في تلك البقع الجغرافية، مما حدا ببعض الصحف البريطانية إلى أن تطالب بضرورة التخلص ممن وصفتهم ب''الطابور الخامس'' للنظام الأسدي في لندن. وبالطبع من شأن ''أسدليكس'' أن تكشف عن قضايا أخرى، فالواضح أنه لا تزال هناك مجموعة أخرى من تلك الرسائل لم تخرج بعد، خصوصا أن عدد تلك الرسائل كبير جدا، وبالطبع فهي تنقسم لعدة أقسام، فمنها العائلي، والفضائحي، وكذلك السياسي، وما يُظهر أمورا أكثر تعقيدا مثل كيفية التهرب من الحصار الإقتصادي حتى على المستوى الفردي! كما أن ''أسدليكس'' تُذكّر بمفارقة عجيبة ومهمة، وهي أنه يبدو أن قدر كل طاغية أن يرى فضائحه بعينيه قبل أن يرحل، حيث تسقط عنه الهيبة المصطنعة، وذلك جراء انفصال الطغاة عن الواقع، وتوقعهم بأنهم أكثر ذكاء من كل العالم المحيط بهم، فها هو النظام الأسدي، على كافة المستويات، يرى ما لم يكن يتوقعه من أسرار، وفضائح، فمن يجرء في سوريا، مثلا، على التفكير في الحياة الخاصة لمن يحكم دمشق؟ وهذا الأمر حدث لصدام حسين من قبل، حيث رأى الجنود الأمريكيين يجلسون على كرسيه بالقصر، ورأى معمر القذافي بعينيه الصور تبث من منازل أولاده، والثوار الليبيين يسبحون بأحد قصور أبنائه، واليوم تأتي قصة ''أسدليكس''، وعلى نفس المنوال، وقد تكون أكثر إثارة! ما يهمنا بالطبع هنا من ''أسدليكس'' هو الشق السياسي، فمع التحذير الأمريكي للعراق بسبب استخدام إيران للعراق لتقديم مساعدة لطاغية دمشق، تأتي إحدى الرسائل المسربة من البريد الإلكتروني الأسدي لتبين تقريرا يتحدث عن اجتماع عقد بدمشق بين مسؤولين من النظام الأسدي، وإيرانيين، وعراقيين، وذلك لمناقشة كيفية تقديم مساعدات إيرانية عبر العراق للنظام الأسدي، ومساعدته على تجاوز العقوبات الإقتصادية، وذلك عبر العراق، ومن ضمن المقترحات المطروحة أن تشرع شركات إيرانية، وبشكل عاجل، في تعبيد شبكة الطرق بين العراق وسوريا من أجل تسهيل توصيل المساعدات الإيرانية للنظام الأسدي. والمذهل في تلك الرسالة أنها تكشف أن الاجتماع العراقي - السوري - الإيراني كان يعقد في الوقت نفسه الذي يزور فيه رئيس الوزراء العراقي واشنطن، أواخر العام الماضي، والتقى فيه الرئيس أوباما! وعليه يبدو أن ''أسدليكس'' ستقدم لنا المزيد من الفضائح لنعرف من الذي يتآمر على الشعب السوري فعليا.