وبغض النظر عن التباين الكبير في مستوى الأندية التي غادرت المنافسة أو التي ضمنت تواجدها في المربع الأخير، فإن اللافت للإنتباه في هوية الأندية التي ستنشط الدور نصف النهائي أيام 18 ,17 و19 أفريل الحالي هو هيمنة الكرة الإسبانية على المنافستين، إذ في الوقت الذي سيكون كل من ريال مدريد وبرشلونة على موعد للتنافس على ورقة المرور إلى النهائي أمام بايرن ميونيخ الألماني وتشيلسي الإنجليزي على التوالي، ستعرف منافسة ''أوروبا ليغ'' نكهة خاصة بتواجد ثلاثة أندية إسبانية في المربع الأخير وهي أتلتيكو مدريد، أتلتيك بلباو وفالنسيا، مما يعني مبدئيا أن حضور نادي إسباني في النهائي مؤكد تماما مع احتمال أن تكون إسبانية خالصة، في حالة ما إذا تمكن أتلتيك بلباو من اجتياز الفريق الوحيد غير الإسباني وهو لشبونة البرتغالي. الإنطلاقة كانت في 2008 إن النتائج التي حققتها الفرق الإسبانية هذا الموسم لم تكن مفاجئة أو وليدة الصدفة في نظر المتتبعين لتطور اللعبة في هذا البلد، ويكفي في هذا المجال الإشارة إلى بعض الأمثلة والحقائق حول تألق الكرة الإسبانية في الأربع سنوات الأخيرة وبالضبط منذ أن تمكن المنتخب الإسباني من التربع على العرش القاري والعالمي بمناسبة إحرازه لقب كأس أوروبا للأمم 2008 وكأس العالم الأخيرة ,2010 بفضل رعيل من اللاعبين الموهوبين الذين أظهروا مهارات كبيرة ومستويات عالية في الدوري الإسباني، ورغم أن الإنجازات التي حققها المنتخب الإسباني كانت نتاج عطاءات لاعبين إسبان، إلا أن خزان فريقي برشلونة وريال مدريد كان بارزا في تألق الإسبان، وهو ما اعتبره البعض كامتداد لسيطرة هذين الناديين على المستوى الأوروبي، خاصة نادي برشلونة صاحب اللقب الأخير لكأس رابطة الأبطال ولقب كأس العالم للأندية، ويكفي في هذا الصدد الإشارة إلى أن نادي برشلونة تمكن في أربع سنوات من حصد 13 لقبا محليا وقاريا وعالميا، وهو إنجاز لم يسبق لأي ناد أن حققه. التحدي الكبير قادم ما تجدر الإشارة ?إليه ونحن نتحدث عن التفوق الواضح الذي سجلته الكرة الإسبانية في السنوات الأخيرة هو أن ذلك جاء في سياق منطقي، حيث استطاعت كرة القدم في هذا البلد أن تستعيد مجد الانتصارات والتألق الذي غاب عن خزائنها لعشرية كاملة من الزمن، الأمر الذي استغلته بعض المدارس الكروية الأوروبية الأخرى على منوال إيطاليا وإنجلترا التي حصدت العديد من الانتصارات في المسابقات الخاصة بالأندية والمنتخبات، وبدرجة أقل يمكن الاشارة إلى بعض النتائج الجيدة التي سجلتها الكرة الألمانية على مستوى منتخبها وفرقها. وحسب بعض المتتبعين لمشوار الكرة الإسبانية، فإن احتمال مواصلة تألقها في السنوات القادمة أمر وارد جدا لعدة اعتبارات، منها أن البطولة في هذا البلد تعد اليوم الأكثر إثارة وتشويقا، وتتوفر على أحسن المدربين من إسبانيا أو خارجها، وتملك من الفرديات الشابة ما يؤهلها لمواصلة الهيمنة والسيطرة على المشهد الكروي الأوروبي والعالمي خلال السنوات القادمة. وإذا كان الأمر بالنسبة لنادٍ مثل برشلونة أو ريال مدريد يبدو سهلا نظرا للتفوق الكبير الذي سجله لحد الآن أمام منافسيه وكذا المستوى الطيب الذي قدمه منذ سنوات، فإن التحدي الكبير الذي ينتظر هذه الكرة هو مدى قدرتها المحافظة على تاجها القاري والعالمي بدءا من صائفة هذا الموسم بمناسبة إجراء نهائيات كأس أوروبا للأمم خلال شهر جوان القادم، ويليه بعد عامين الموعد العالمي ممثلا في مونديال البرازيل ,2014 وهي التحديات الكبيرة التي تضع مصداقية عودة الكرة الإسبانية على المحك، خاصة بالنسبة لرعيل اللاعبين القادم ومدى قدرته على مواصلة المسيرة التي بدأتها فرديات مخضرمة على منوال تشابي، أنيستا، بويل، وكاسياس.. إلخ، وهي المهمة التي لا يمكن التكهن بمدى إمكانية الإسبان على تجسيدها خلال الأشهر والسنوات القليلة القادمة. غير أن المؤكد حاليا هو أن سمفونية الكرة الإسبانية ما تزال مستمرة، ما دامت أقدام رعيل هؤلاء اللاعبين محافظة على عطاءاتها الميدانية.