يستقبل نادي الإعلاميين بدار الصحافة طاهر جاووت، منذ مطلع الشهر الجاري وإلى غاية الثلاثين، معرضا مميزا خصص لعميد الكاريكاتوريين الجزائريين محمد مزاري المشهور بتوقيعه ''ماز''· 24 لوحة اختيرت لتحكي مسيرة 45 عاما من العمل المستقل بريشة رسمت الحياة السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية للجزائر· يقدم فضاء ''ميديا كلوب'' بدار الصحافة طاهر جاووت، لزائريه فرصة للتجوال عبر رسومات كاريكاتورية بتوقيع ''ماز''. وقد اختار مسير النادي عبد الوهاب هابت أن يكون أول نشاط ينظمه هو وقفة عند ريشة ''ماز'' باعتباره من أوائل الرسامين الجزائريين الذين برزوا على الساحة في الستينيات، وظلوا يبدعون ويدوّنون تطور البلاد، عبر مختلف فصولها الأربعة، وتقلباتها السياسية والأمنية. في أقصى يسار القاعة، وتحت أضواء خافتة حميمة، علقت أول لوحة من اللوحات الأربعة والعشرين، عنوانها ''حاجز مزيف''، تعيدك إلى سنوات التسعينيات عندما كان الجزائري يهاب المرور على مثلث الموت، حيث الطريق الرابط بين العفرون، عين الدفلى والشلف. بكلمات قليلة ورسم وفير في الدلالة والمعنى، يختصر ''ماز'' تلك المرحلة الدامية، في شبح الموت الأسود ينتظر المارة ليقبض على أرواحهم. بضع سنتيمترات تفصلك عن لوحة ''العفو'' وأخرى تختصر حال الجمارك بين مقاومة المهربين والإرهابيين. مع ''ماز'' الرحلة إلى جبال ''زكار'' و''الشريعة'' و''البويرة'' و''عمور'' و''الورشنيس'' محفوفة بالمخاطر، لكنها في رسمته مغامرة فنية أيضا، لا تكتفي بنقل الواقع. عند اللوحة الثامنة مازال ''الفساد'' ينخر جسد البلد، تماما مثل حال ''الاستثمار والبيروقراطية'' و''أموال سوناطراك'' وحكايتها مع مغارة علي بابا واللصوص الأربعين. فريشة ''ماز'' هي فصل من حكايا الزمن الحالي، لكنها تحمل لمسة أسطورية حينما تتأكد أن مشاكل الأمس ما زالت قيد الحاضر. تضحك كثيرا مع ''ماز'' وأنت تنتبه معه إلى المأزق الذي يوجد فيه وزير سياحة ''إسلامي'' وهو واقف أمام لائحة أحد الفنادق تعرض على الزبائن سهرات فنية، مأكولات ومشروبات وعروض أزياء. وفي الرياضة يسخر الرسام من الاحتراف في الكرة الجزائرية، لكنه سجل فرحته ككل الجزائريين بصعود ''الخضرة'' إلى مونديال .2010 لا تنتهي زيارتك ل ''ميديا كلوب'' دون الوقوف عند ''ملفات الرئيس'' وكم المشاكل والمطالب الموضوعة على مكتبه. بعد ''التزوير الانتخابي''، لا يترك ''ماز'' فرصة لينتقد التلفزيون الجزائري، ليختم المعرض ب ''الديموقراطية-الإسلاميين''، حيث يظهر على الصورة رجلان يتبارزان، أحدهم بالقلم والثاني بالسيف. محمد مزاري بدأ الرسم سنة 1966 في الرسوم المتحركة، ثم في الأشرطة المرسومة، حيث كان عنصرا فاعلا في مجلة ''مقيدش'' الشهيرة، التي كانت تصدر عن الشركة الوطنية للكتاب والتوزيع ''سناد''، بعدها انتقل إلى العمل في صحيفة ''المجاهد'' ثم ''الوطن'' بصفته رسما صحفيا، وقد كان أول كاريكاتور جزائري في 1990 نشر رسوماته على الصفحات الأولى ليومية ''الوطن''. فيما يخص الكاريكاتور، يرى ''ماز'' أنها تتطلب من صاحبها تعميق تقنيات السرد المرسوم، ولن يتأتى ذلك إلا بالتكوين في ورشات مستمرة.