مع تواصل المعارك في قلب العاصمة السورية تكون الأزمة السورية قد نحت منحى مختلفا قد تنتج عنه نتائج مفاجئة، حيث باتت نيران الثورة السورية عند أطراف ثوب طاغية دمشق! فحصيلة منتصف يوم أمس من الأخبار تظهر أن قبضة الأسد باتت تهتز، فالأسد لا يفقد السيطرة على كل سوريا وحسب، بل حتى على دمشق. ففي يوم أمس قال قائد وحدة الاستخبارات بالجيش الإسرائيلي، الجنرال افيف كوخافي، لأعضاء الكنيست، إن الأسد قد قام بنقل قوات من جيشه من هضبة الجولان باتجاه دمشق ومناطق أخرى بسوريا، كما قال وزير الخارجية البريطاني، من الأردن أن ''الوضع (في سوريا) خطير جدا ولا يمكن التنبؤ به، لدرجة أنني أعتقد أنه لا ينبغي استبعاد أي خيار في المستقبل''. وصدرت تحذيرات فرنسية وأمريكية من نقل الأسد لأسلحة كيماوية بمواقع مختلفة داخل سوريا، فضلا عن مطالبة بغداد لرعاياها بالخروج من سوريا! كل هذه المعلومات، أو التصريحات، والأحداث، توحي بأن الأوضاع بسوريا تتجه إلى منعطف جديد، قد ينطوي على كثير من المفاجآت المرتقبة، ولذا فإن السؤال المنطقي هو: كيف يفكر الأسد الآن؟ وللإجابة على هذا السؤال فلا بد من التنبه إلى أمر حيوي، وهو أن من التقوا الأسد مؤخرا يقولون بأن الرجل يعيش في عالمه الخاص، ومنفصل عن الواقع تماما، وهذا ما تثبته حواراته الثلاثة الأخيرة، حيث تظهر أنه لا يكترث لما يدور حوله، ولا يرى أي خطر، وهو ما أكده أيضا السفير السوري المنشق بالعراق، حيث قال بمقابلته الأخيرة مع ''صنداي تلغراف'' إن الأسد منفصل عن الواقع، لكن تطورات الأوضاع، وما يحدث على الأرض في سوريا، ودمشق تحديدا، من معارك، وانشقاقات حقيقية، ومتوالية، تقول إن الأسد قد حسم أمره، وبتنا نكتشف ترتيب أولوياته الحقيقي، فسحب الأسد لقوات من هضبة الجولان يعني أنه يعتبر العدو الحقيقي له، ولنظامه، ليس إسرائيل، وإنما السوريين، علما بأن طاغية دمشق، وحلفاءه مثل حسن نصر الله، ما زالوا يتحدثون عن الممانعة، ومواجهة ''العدو الإسرائيلي''، وهذا الأمر يقول لنا إن الأسد لا يغرق وحده، بل ومعه كل حلفائه، وعلى رأسهم حسن نصر الله! ومن هنا فإن تفكير الأسد الآن ينحصر فقط في ممارسة المزيد من القتل، والدمار، إذ باتت تتلاشى كل الحلول السياسية أمامه، ولم يعد هناك مجال لمزيد من الحيل، والتسويف، بل إن خيارات الأسد بالنجاة باتت محدودة أيضا، فقد انحسر مصيره اليوم بين الهروب إلى طهران، أو مواجهة مصير القذافي، حيث لم يعد من الممكن أن ينال الأسد مصير صالح، أو بن علي، أو حتى مبارك! ولذا، فليس أمام الأسد الآن إلا نهاية القذافي، أو مواجهة الانهيار المفاجئ، والهروب، وربما الانقلاب العسكري، وهو أمر تأخر، لكنه غير مستبعد مع استمرار المعارك بدمشق، فجلب الأسد لمزيد من القوات من هضبة الجولان يعني أنه بات أسير قواته، وليس قائدها كما كان سابقا، خصوصا مع تزايد وتيرة الانشقاقات العسكرية.