زيارة هولاند للجزائر يومي الأربعاء والخميس الفارطين، مثلما تخللتهما عشرات المحطات والزيارات في كل من العاصمة وتلمسان، حملت في طياتها عديد الرسائل المشفرة والكلمات المنتقاة في الخطابات التي ألقاها بنادي الصنوبر أمام النواب وبجامعة أبوبكر بلقايد بتلمسان، وكذلك بالندوتين الصحفيتين التي نشطهما في كلا الولايتين، وبدا من فرانسوا هولاند حرصٌ كبير على إيجاد الكلمات المناسبة في الوقت والمكان المناسبين سواء تعلق الموضوع بملفات الذاكرة، مستقبل العلاقات، التعاون البيني والمسائل الدولية ذات الاهتمام المشترك، كما قام هولاند بتمرير رسائل أخرى حملت دعوات تنازل الجزائريين عن مطلب الاعتذار وتقديم تنازلات فيما يتعلق بكل الأشخاص الذين يريدون دخول الجزائر من جنسية فرنسية مهما كانت معتقداتهم ومذاهبهم وعلاقة تاريخهم بالجزائر. هولاند يعتبر المصالحة مكسبا لكن غير كافٍ إعتبر فرانسوا هولاند ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي أطلقه عبد العزيز بوتفليقة في أولى عهداته الرئاسية مكسبا تاريخيا للجزائر، حيث لخصها من العشرية السوداء التي عاشتها خلال سنوات التسعينيات، لكنه أكد في خطابه الذي ألقاه بجامعة أبوبكر بلقايد بتلمسان، أول أمس، أن الاتحاد والتآزر في إشارة إلى المصالحة، لا تكفي وحدها لتحقيق نقلة نوعية والرقي بمستقبل الجزائر وشبابها الذي عاش الويلات ولم يتمتع بطفولته. هولاند يستفسر بوتفليقة عن سبب غلق الحدود أنهى فرانسوا هولاند الجدل الدائر حول زيارته إلى الجزائر ووضع حد لكل المزاعم التي سوّق لها المخزن من خلال الحملة الإعلامية الشرسة التي سوّق لها المغاربة، حيث أكد أن زيارته لا تحمل أي رسائل مشفرة، وأكد هولاند أن هذه الزيارة للجزائر، والتي ستتبعها زيارة أخرى إلى المغرب ليست من أجل القيام بدور الوساطة. وفيما يتعلق بقضية الصحراء الغربية، قال إن فرنسا مع تطبيق قرارات الأممالمتحدة بخصوص مسألة الصحراء الغربية تؤكد تأييد كل قرارات الأممالمتحدة ولا شيء غير قرارات الأممالمتحدة، مضيفا إنه يتعين العمل على تنفيذ جميع قراراتها، ولم ينف الرئيس الفرنسي في الندوة الصحفية التي نشطها، ليلة أول أمس، تطرقه مع بوتفليقة إلى مسألة غلق الحدود البرية بين الجزائر والمغرب لمعرفة الأسباب. وكان ملف الصحراء الغربية من بين صلب الثلاثة مواضيع التي تطرق لها الرئيسان وتقدمتها كذلك أزمة مالي التي قال بشأنها هولاند أن الجانب الجزائري والفرنسي يتطابقان في الرؤى المتمثلة في المفاوضات لتحقيق المصالحة في هذا البلد الإفريقي مع جميع الأطراف التي قطعت كل العلاقات مع الإرهاب مع مواصلة الضغط الدولي وجعل الحل العسكري كآخر الخيارات. وفيما يتعلق بسوريا، أشار فرانسوا هولاند إلى أن فرنسا تواصل دعم جهود الأخضر الإبراهيمي. هولاند يعد بتسهيلات في الفيزا ويطالب الجزائر بالمثل أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن بلاده ستمنح مزيدا من التسهيلات للجزائريين فيما يتعلق بالتأشيرة، إلى جانب حصولهم على معاملة أفضل، في حين ألزم هولاند كذلك الطرف الجزائري بتقديم تسهيلات مماثلة للرعايا الفرنسيين الراغبين في القدوم إلى الجزائر في إشارة الى التعقيدات الإدارية وقصر مدة التأشيرة التي تمنحها الجزائر للفرنسيين، ناهيك عن التعقيدات والبيروقراطية في تسيير الملفات خاصة الاستثمارية. وذكر الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أن الشراكة المبرمة مع الرئيس بوتفليقة تعد عقدا للشبيبة، وأوضح الرئيس الفرنسي خلال كلمة ألقاها بمناسبة مراسم تسليمه الدكتوراه الفخرية من طرف جامعة أبو بكر بلقايد لتلمسان، أن الشراكة التي عقدها مع الرئيس بوتفليقة وحكومتي بلادينا هي قبل كل شيء عقد للشباب، وهو ما سيتم عبر التكوين من خلال المساهمة في إعطاء لكل الجامعات والمراكز التكنولوجية والتكوينية الفرصة للتبادل والاستفادة من تجربة فرنسا، وكشف هولاند بأن 30 ألف جزائري يزاولون دراساتهم بفرنسا، مؤكدا على ضرورة تحسين أوضاعهم الدراسية. وأبرز أن فرنسا ستواصل استقبال الشباب الجزائري على أراضيها، إلا أن مستقبلهم هو بالجزائر، وقد حضر مراسم تسليم الدكتوراه الفخرية للرئيس هولاند رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وأعضاء وفدي البلدين وكبار مسؤولي الدولة وممثلين عن السلك الدبلوماسي والأسرة الجامعية. هولاند يدعو الشباب الجزائري إلى الاعتزاز بالماضي وعدم الالتفاتة إلى الاعتذار هذا، ودعا الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند من جامعة أبوبكر بلقايد الشباب الجزائري، إلى الثقة في مصيره والإيمان بنجاحه. وأوضح الرئيس الفرنسي في كلمة ألقاها خلال حفل منحه الدكتوراه الفخرية من قبل جامعة أبو بكر بلقايد لتلمسان أن جيل الأقل من 35 عاما الذي عرف الجزائر المستقلة ويفتخر بنضال آبائه من أجل الحرية، يجب أن تكون لديه الثقة في مصيره والإيمان بنجاحه، لكن دون العودة إلى الوراء في إشارة إلى عدم وضع العلاقات الجزائرية الفرنسية على محك الاعتذار، ودعا فرانسوا هولاند شباب البلدين إلى الثقة في المستقبل الذي نتقاسمه ويتعين علينا بناؤه معا وإعطاء فرصة أخرى للصداقة بين فرنساوالجزائر. الإسلام دين ينبذ العنف ويدعو إلى التسامح صرح الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بتلمسان، أن أحسن الأسلحة لمحاربة العنف تتواجد في الإسلام ذاته مقدما كمثال على ذلك العلامة الصوفي سيدي بومدين الذي يجسد إسلام الأنوار، وتطرق هولاند في كلمته خلال مراسم تسليمه الدكتوراه الفخرية بجامعة أبو بكر بلقايد بتلمسان إلى الإسهام البارز للإسلام في التراث الإنساني المشترك، مشيرا إلى ما يعكسه قسم الفنون الإسلامية بمتحف “اللوفر" بباريس الذي دشنه، مؤخرا. وأبرز أن هذا القسم يشهد على ثراء هذه الثقافات والاختلافات التي لا علاقة لها بالتعصب الذي عانت منه الجزائر خلال السنوات الأليمة، وأردف فرانسوا هولاند قائلا “لا زلت مقتنعا بأن الأسلحة لمكافحة اللاتسامح تتواجد داخل الإسلام ذاته، مضيفا إن تلمسان عبر ماضيها التاريخي الغني تبين هذا البعد العالمي الذي يجسده الإسلام، وقد جرت مراسم تسليم الدكتوراه الفخرية للرئيس الفرنسي بحضور رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وأعضاء وفدي البلدين وكبار مسؤولي الدولة وممثلين عن السلك الدبلوماسي، إضافة إلى الأسرة الجامعية. خيار تلمسان يرجع إلى مكانتها عند بوتفليقة أكد فرانسوا هولاند أن زيارته لتلمسان لم تكن بخلفيات مسبقة، بل جاءت بناء على طلب تقدم به إلى رئيس الجمهورية يتمثل في زيارته، بالإضافة إلى العاصمة ولاية أخرى، وكانت من بين الخيارات المطروحة أمامه ولاية تلمسان عاصمة الزيانيين التي تعتبر ولاية تاريخية تجمع الديانات الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلامية، والتي تعايش فيها سكان المنطقة دون أي منغصات، هولاند لم يتوقف عند هذه الأسباب بل اعتبر أن الزيارة راجعة بالدرجة الأولى إلى معزة ومكانة هذه الولاية عند عبد العزيز بوتفليقة، معتبرا أن خياره كان صائبا واستمتع كثيرا بزيارة هذه المدينة العريقة.