وردت في القرآن الكريم آيتان تتعلقان بالاستعاذة من الشيطان الرجيم: - أولهما: قوله تعالى: “وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم" (الأعراف: 200). - ثانيهما: قوله عز وجل: “فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" (النحل: 98). و(الاستعاذة) مصدر طَلَبِ العوذ، ف (السين) و(التاء) فيها للطلب، و(العوذ): الالتجاء إلى شيء يدفع مكروهاً عن الملتجئ، يقال: عاذ بفلان، وأعاذه إذا منعه من الضر الذي عَاذ من أجله. وقد أمر سبحانه بدفع وسوسة الشيطان بالعوذ بالله، والعوذُ بالله هو الالتجاء إليه بالدعاء بالعصمة، واستحضار ما حدده الله له من حدود الشريعة. وتحرير القول في (الاستعاذة) ينتظم وفق العناوين التالية: * موضع الاستعاذة: قال العلماء: ظاهر قوله تعالى: “فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم"، (الجمعة: 10)، يقتضى أن تكون (الاستعاذة) بعد القراءة، كقوله تعالى: “فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض" إلا أن هذا الظاهر غير مراد، إذ قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن السلف الاستعاذة قبل القراءة. فقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ في صلاته قبل القراءة). قال ابن العربي: “هذا نص في الرد على من يرى القراءة قبل الاستعاذة بمطلق ظاهر اللفظ". وروى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل كبر، ثم يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك)، ثم يقول: (لا إله إلا الله) ثلاثاً، ثم يقول: (الله أكبر كبيراً) ثلاثاً، (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه)، وهذا الحديث يدل على أن الاستعاذة في الصلاة قبل القراءة. وروي عن عمر وابن عمر رضي الله عنهما، أن الاستعاذة قبل القراءة في الصلاة. قال الجصاص: “وقول من قال: الاستعاذة بعد الفراغ من القراءة شاذ، وإنما الاستعاذة قبل القراءة، لنفي وساوس الشيطان عند القراءة، قال الله تعالى: “وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان" (الحج: 52)، فإنما أمر الله بتقديم الاستعاذة قبل القراءة لهذه العلة". وقد حمل العلماء قوله سبحانه: “فإذا قرأت القرآن فاستعذ" على معنى: إذا أردت القراءة، قالوا: وقد جرت العادة بإطلاق مثله، كقوله تعالى: “وإذا قلتم فاعدلوا" (الأنعام: 152)، ليس المراد به العدل بعد القول، لكن قبله يعزم على ألا يقول إلا عدلا. ونحوه قوله سبحانه: “وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب" (الأحزاب: 53)، ليس المراد أن تسألها من وراء حجاب بعد سؤال متقدم. وكذلك قوله عز وجل: “فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله" معناه: إذا قرأت فقدِّم الاستعاذة قبل القراءة. والحاصل هنا: إن القول ب (التعوذ) قبل القراءة هو قول عامة الفقهاء. وقال مالك: لا يتعوذ في الفريضة، ويتعوذ في النافلة، وفي رواية: في قيام رمضان. * حكم الاستعاذة: القول المعتمد في هذه المسألة أن الاستعاذة غير واجبة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم الأعرابي الاستعاذة في جملة أعمال الصلاة. قال الجصاص: “الاستعاذة ليست بفرض، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلمها الأعرابي حين علمه الصلاة، ولو كانت فرضا، لم يخله من تعليمها"، والمراد من (الأعرابي) حديث المسيء صلاته، الذي صلى صلاة لم يستوف أركانها، فأمره صلى الله عليه وسلم أن يعيد الصلاة مستوفيا أركانها كاملة، ولم يكن التعوذ من أركانها. وقال الرازي: “التعوذ مستحب قبل القراءة عند الأكثرين"، واستدل الرازي لهذا الاستحباب بقوله تعالى: “فاستعذ" فمع أن الأمر يفيد الوجوب، إلا أن الوجوب هنا غير مراد، لحديث المسيء صلاته. كما استدل الرازي على استحباب التعوذ بفعله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم الذي رواه أبو داود، فكلا الآية والحديث يفيدان الوجوب، فإن لم يثبت الوجوب، فلا أقل من الاستحباب. وعلى القول باستحباب الاستعاذة، فإن المصلي يتعوذ في الركعة الأولى فقط، ولا يُستحب له أن يأتي بها في كل ركعة. وقد روي عن عطاء، أن “الاستعاذة واجبة لكل قراءة، سواء كانت في الصلاة، أو في غيرها". وقال ابن سيرين: “إذا تعوذ الرجل مرة واحدة في عمره، فقد كفى في إسقاط الوجوب". واحتج القائلون بوجوب الاستعاذة بأدلة ثلاثة: - أولها: أنه صلى الله عليه وسلم واظب على الاستعاذة، فيكون فعلها واجبا، لقوله تعالى: “واتبعوه لعلكم تهتدون" (الأعراف: 158). - ثانيها: أن قوله تعالى: “فاستعذ" أَمْرٌ، وهو يفيد الوجوب، فيجب القول بوجوبه عند كل قراءة. - ثالثها: أنه تعالى أمر بالاستعاذة لدفع الشر من الشيطان الرجيم، لأن قوله: “فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم" (النحل: 98) مشعر بذلك، ودفع شر الشيطان واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فوجب أن تكون الاستعاذة واجبة. * الإسرار والجهر بالاستعاذة: روي أن ابن عمر رضي الله عنهما، لما قرأ أسر بالتعوذ. وروي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه جهر به. قال الشافعي في “الأم": “فإن جهر به جاز، وإن أسر به أيضا جاز". وقال في “الإملاء": “ويجهر بالتعوذ، فإن أسرَّ لم يضر"، فبين أن الجهر عنده أولى. وقال الرازي: “الاستعاذة إنما تقرأ بعد الافتتاح وقبل الفاتحة، فإن ألحقناها بما قبلها لزم الإسرار، وإن ألحقناها بالفاتحة لزم الجهر، إلا أن المشابهة بينها وبين الافتتاح أتم، لكون كل واحد منهما نافلة عند الفقهاء"، فبين الرازي أن الإسرار عنده أولى. * صيغ الاستعاذة: ذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أن صيغة الاستعاذة هي: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، قالوا: لأن هذا النظم موافق لقوله تعالى: “فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم"، وموافق أيضا لظاهر الخبر الذي يفيد أنه صلى الله عليه وسلم قرأ دعاء الافتتاح، ثم استعاذ. وقال أحمد: “الأولى أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، إنه هو السميع العليم، جمعا بين الآيتين". وقد روى البيهقي في كتاب “السنن" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل كبر ثلاثاً، وقال: (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم). * التعوذ للقراءة أو للصلاة؟: ذهب أبو حنيفة وتلميذه محمد إلى أن التعوذ لأجل القراءة، وذهب أبو يوسف إلى أنه لأجل الصلاة. ويتفرع على هذين القولين فرعان: - الأول: أن المؤتم هل يتعوذ خلف الإمام أم لا؟ عند أبي حنيفة ومحمد لا يتعوذ، لأنه لا يقرأ، وعند أبي يوسف يتعوذ. - الثاني: إذا افتتح المصلي صلاة العيد، فقال: سبحانك اللهم وبحمدك.. هل يقول: أعوذ بالله، ثم يكبر أم لا؟ عند أبي حنيفة ومحمد يكبر التكبيرات، ثم يتعوذ عند القراءة. وعند أبي يوسف يقدم التعوذ على التكبيرات. * مقاصد الاستعاذة: قال ابن العربي: فائدة (الاستعاذة) امتثال الأمر، وليس للشرعيات فائدة إلا القيام بحق الوفاء في امتثالها أمراً، أو اجتنابها نهيا. وما قاله ابن العربي لا يمنع من القول إن للشارع مقصدا من وراء كل حكم شرعي، ومن ثَمَّ قال العلماء: فائدة (التعوذ) طلب العوذ من وساوس الشيطان عند القراءة، كما قال تعالى: “وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته" (الحج: 52)، يعني: وسوس له الشيطان في تلاوته، والله يقول: “وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله"، فثبت أن التعوذ طريق لدفع وسوسة الشيطان، والحد من كيده. معالم تاريخية.. مقام إبراهيم عليه السلام هو الحجر الذي قام عليه إبراهيم عليه السلام عند بنائه البيت، كما روى البخاري في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قصة إبراهيم عليه السلام وبنائه للبيت، قال: (فعند ذلك رفعا - إبراهيم وإسماعيل- القواعد من البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة، وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه، وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجر، وهما يقولان: ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، قال: فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت، وهما يقولان: (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم). وقد فضل الله عز وجل هذا الحجر وجعله آية من آياته، فقال تعالى: “إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى فيه آيات بينات مقام إبراهيم" (آل عمران: 96-97). وأمر تعالى بأن يصلى عنده، فقال سبحانه: “وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" (البقرة: 125). وروى مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله عنه في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (حتى إذا أتينا البيت معه صلى الله عليه وسلم استلم الركن، فرمل ثلاثا، ومشى أربعا، ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام، فقرأ: “واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى"، فجعل المقام بينه وبين البيت، وكان يقرأ في الركعتين “قل هو الله أحد" و«قل يا أيها الكافرون". القضاء والقدر والعلاقة بينهما وقف على رصيف إحدى الشوارع المزدحمة وهو يتطلّع يمنة ويسرة ليتأكد من خلو الطريق، ثم انطلق مسرعا إلى الرصيف المقابل، فإذا بسيارة مسرعة تصطدم به وتحيله جثة هامدة، ومن بين الجموع التي تقاطرت لمشاهدة المأساة قال أحدهم: وقع عليه قدر الله عز وجل، فرد عليه آخر: بل التعبير الأوفق أن نقول: هذا قضاء الله، ومثله ذلك يرد كثيرا في كلام الناس. وقد وقع الاختلاف في التعبير عن ذلك في كلام السلف رحمهم الله، إذ تباينت أقوالهم في تحديد وجه المفارقة بين قضاء الله وقدره، وقبل بسط القول والشروع في البيان، يحسن التمهيد بإلماحةٍ سريعة تبيّن مفهوم “القضاء" و«القدر"، فإذا استبان كلّ مفهوم واتضح معناه أمكن للمرء أن يعقد المقارنة بينهما. أما القدر، فيعود معناه إلى التقدير، فيُقال: قدّر الله نزول المطر تقديراً، فيكون معنى القدرِ متعلّقاً بتحديد مقادير ما يكون في المخلوقات من الأفعال والأحداث والصفات والهيئات، بمعنى أن يختصّ كل مخلوقٍ بتحديدٍ إلهيّ يتعلّق بصفات خاصّة به تميّزه عن غيره، وبأفعالٍ تكون منه بعد حدوثه. والله سبحانه وتعالى قد جعل لكل شيءٍ قدرا، وهذا القدر متضمن لعلم الله تعالى بما يكون من مخلوقاته قبل وجودها علما مفصلا. ومن طريق الشرع علمنا أن هذا القدر مكتوبٌ في اللوح المحفوظ، فقد صحّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قوله: (كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) رواه مسلم، ثم إن هذا المقدّر جار على مشيئته سبحانه وتعالى: “وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين" (التكوير: 29)، والله خالق كلّ شيء، ويشمل ذلك ما تُحدثه المخلوقات من أفعال: “والله خلقكم وما تعملون" (الصافات: 96)، فهذه أمورٌ أربعة يشتمل عليها مفهوم القدر. قال الإمام ابن القيّم: “والقدر عندهم -أي عند أهل السنة والجماعة-: قدرة الله تعالى وعلمه ومشيئته وخلقه فلا يتحرك ذرة فما فوقها إلا بمشيئته وعلمه وقدرته". أما القضاء فهو إتقان الأمر وإحكامه وإنفاذه، وكل ما أحكم فقد قضي، والعرب تقول: قضيت هذه الدار أي أحكمت عملها، يوضّح الإمام ابن الأثير ذلك: “القضاء في اللغة على وجوه، مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه. وكل ما أحكم عمله، أو أتم، أو ختم، أو أدي، أو أوجب، أو أعلم، أو أنفذ، أو أمضي فقد قضي"، وقد يأتي بمعنى القدر، ومثاله قوله تعالى: “وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع مصبحين" (الحجر: 66)، ومعناه الإعلام المبني على التقدير. ويبقى السؤال بعد ذلك: هل القضاء والقدر أمرٌ واحد لا فرق بينهما، أم أن التباين واقع؟ وإن كان ثمّة فرقٌ فما هي حقيقته؟ للعلماء في ذلك عدّة أقوال، نجملها فيما يلي: * القول الأول: قول أبي حامد الغزالي، ومفاده أن ثلاثة أمور بالنسبة لتدبير الله وخلقه، الحكم: وهو التدبير الأول الكلّي والأمر الأزلي، والقضاء: وهو الوضع الكلي للأسباب الكلية الدائمة -ومقصوده إيجاد الأسباب وتقديرها-، والقدر: وهو توجيه الأسباب الكلية بحركاتها المقدرة المحسوبة إلى مسبباتها المعدودة المحدودة بقدر معلوم لا يزيد ولا ينقص. * القول الثاني: أن القضاء هو الحكم الكلّي الإجمالي في الأزل، والقدر: جزئيات ذلك الحكم وتفاصيله، وهذا القول نسبه الحافظ ابن حجر إلى بعض العلماء. * القول الثالث: أن القدر بمنزلة إعداد المكيال والميزان، والقضاء بمنزلة القيام بالوزن، وهذا كما قال أبو عبيدة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أراد الفرار من الطاعون بالشام: أتفرّ من القضاء؟ قال: أفرّ من قضاء الله إلى قدر الله، تنبيهاً على أن القدر ما لم يكن قضاءً فمرجوٌ أن يدفعه الله، فإذا قضي فلا مدفع له. * القول الرابع: إن القضاء راجع إلى التكوين كخلق الله الإنسان على ما هو عليه طبق الإرادة الأزلية. والقدر هو التقدير، وهو جعل الشيء بالإرادة على مقدار محدد قبل وجوده، ثم يكون وجوده في الواقع بالقضاء على وفق التقدير، كإرادته تعالى في الأزل إيجاد الإنسان على وجه مخصوص وصورة مخصوصة محددة المقادير. * القول الخامس: القضاء هو العلم السابق الذي حكم الله به في الأزل على الموجودات، والقدرُ هو وقوع الخلق على وزن الأمر المقضي السابق. * القول السادس: ما ذكره الراغب الأصفهاني أن القضاء من الله أخص من القدر، لأنه الفصل بين التقدير، فالقدر هو التقدير، والقضاء هو الفصل والقطع. * القول السابع: أن القدر هو وجود الأفعال على مقدار الحاجة إليها والكفاية لما فعلت من أجله، وعلى الوجه المقدّر، والقضاء هو فصل الأمر على التمام. * القول الثامن: أنه لا فرق بين القضاء والقدر، فكل واحد منهما بمعنى الآخر، فإذا أطلق التعريف على أحدهما شمل الآخر، ويعبر عن كل واحد منهما كما يعبر عن الآخر، فهما مترادفان من هذا الاعتبار. وإذا أمعنّا النظر في الأقوال السابقة وفي الأصول اللغوية للمصطلحين، يمكننا القول أن ثمّة فرقا دقيقا بين كلا اللفظتين، فالقدر هو التقدير، والقضاء: هو الخلق، على أن بينهما تلازمٌ وارتباطٌ لا يمكن إغفاله، لأن أحدهما بمنزلة الأساس وهو القدر، والآخر بمنزلة البناء وهو القضاء، فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه كما ذكر العلماء، والأقرب أن يُقال: إن القضاء والقدر من الألفاظ التي إذا اجتمعت افترقت، فدلّ كلٌّ منهما على معناه الخاصّ به، وإذا افترقت اجتمعت، أي شمل كل منهما معنى الآخر، خصوصا ما يتعلق بمراتب القدر الأربعة: العلم والكتابة والمشيئة والخلق. وعليه فإننا نقول للمتخاصمين الذيْن اختصما في أوّل المقالة: “يمكنكما القول إن الحادثة هي من قضاء الله، وأنها من قدره سبحانه، فكلاكما على حق وعلى صواب، والمسألة يسيرة ولا مشاحة في الاصطلاح، ولا يترتّب على هذه المسألة أي ثمرة".