تعتبر الدكتورة والمفكرة والروائية والطبيبة “نوال السعداوي" من أبرز الشخصيات النسائية في الفلسفة النسوية العربية، التي تدافع عن قضايا المرأة، وتناضل من أجل حقوقها المدنية والسياسية، وهي تؤمن بأن (الحرية تنتزع ولا تعطى). فالخطاب الذكوري مرهون برؤية المرأة لنفسها، وأنها بواسطة مجهوداتها ونضالاتها المتواصلة تستطيع نيل حقوقها كاملة مثلها مثل الرجل. إن الدكتورة “نوال السعداوي"، تتناول قضية المرأة العربية في علاقتها بقضايا المجتمع منها: الدين والأخلاق والسياسة والتاريخ والاقتصاد... وهي ترى (أن تخلف المرأة وتكبيلها لا يضر النساء فقط، ولكنه ينعكس على الرجال والأطفال، وبالتالي يقود إلى تخلف المجتمع كله). وبجرأة وشجاعة مسؤولة منقطعة النظير -والتي لم تكن دون عواقب- تتحدث الدكتورة عن الجنس لتنقيته من الفساد الأخلاقي، ولترفع من شأن المرأة لتكون إنسانة لها عقل وليس مجرد جسد يعرى من أجل ترويج السلع في الإعلانات أو يغطى تحت النقاب لترويج شعارات سياسية أو دينية معينة. كما دعت إلى ضرورة تحطيم الأنا العليا المزيفة التي فهمت الدين على غير حقيقته وأوّلت آياته لتبرر هيمنة الرجال على النساء (لأن الدين الحقيقي لا يفرق بين إنسان وإنسان ولا بين رجل وامرأة ولا بين فقير وغني ولا أسود ولا أبيض). هذه الأنا العليا المزيفة، طمست إمكانيات المرأة وكفاءاتها الطبيعية (فالنساء لم تولد نساء بل أصبحت نساء) وهي التي تقوم على ازدواجية أخلاقية (المقاييس الأخلاقية التي يصنعها المجتمع لا بد أن تسري على جميع أفراده بصرف النظر عن الجنس أو اللون أو الطبقة الاجتماعية، فإذا كان المجتمع يؤمن بالعفة في الجنس فلابد أن تسري هذه القيمة على جميع أفراده، أما أن تسري على جنس دون الجنس آخر أو على طبقة دون الطبقة الأخرى، فهذا يعني أن العفة ليست قيمة أخلاقية إنما هي قانون فرضه النظام الاجتماعي القائم). كما دعت الدكتورة إلى ضرورة الثورة على النظام السياسي الذي يقاوم الأفكار الجديدة ويقمع الحريات، ويكمم الأفواه ويبطش بالمتمردين ورافعي راية العصيان ضد الظلم والاستبداد. لأن قضية المرأة في ظل خطاب الدكتورة قضية سياسية في الأصل، تثير مسألة الحرية والحق والمساواة والعدل والمواطنة والتسامح في الوطن العربي. إنها صراع من أجل حقوق الإنسان. إنّ الدكتورة “نوال السعداوي" من خلال تعرضها إلى قضية المرأة، تخضع الواقع العربي إلى قراءة تحليلية نقدية لبنيته النفسية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، للجانب المفكر واللامفكر، تهدف بأساليب علمية إلى الكشف عن أمراض هذا المجتمع وتشخيصها ووصف العلاج المناسب ليستعيد عافيته، بعيدا عن التحيز الذي تتميز به النزعة الأنثوية المنغلقة والمتشددة، وهي وإن كانت تركز على المرأة في بحثها فإنها ومن خلالها تصف واقع الرجل العربي الذي تستبد به أوهام وأغاليط الأنا العليا المزيفة والتي جردته من صفات الأنوثة، وأفهمته أن الرجل بعضلات قوية وبقلب قاس وعواطف جافة وأن الدموع والرقة والرحمة كلها صفات ناقصة. الرجل العربي يتحدث عن عشيقاته وخليلاته ويستحي أن يتحدث عن زوجته التي يرى أن تفوقها يضعفه، وأن ذكاءها يهين كرامته وأن شجاعتها مذلة له. إن وضع الرجل لا يختلف عن وضع المرأة فكلاهما يقع عليه الظلم والاستغلال والاستعباد. لقد شعرت الباحثة بالمشكلة مبكرا، منذ دخلت المدرسة الابتدائية وشطب المدرسون على اسم أمها الذي كتبته إلى جوار اسمها، وكتبوا اسم أبيها. منذ فرّق المدرسون بينها وبين زميلتها في الفصل لأنها قبطية وهي مسلمة، ومنذ فصلوا بينها وبين أخيها لأنه ولد وهي بنت، ومنذ ميزوا ابنة المأمور عن بقية التلميذات لأن أباها يملك السلطة.