- لم يكن هناك رجل إجماع في الأفلان يوما - لا يوجد ما يمنع الرئيس من العهدة الرابعة إذا أرادها - لم يتغير شيء في علاقتي مع الرئيس - ثلاثة وزراء في المكتب السياسي يُبقون الأفلان في أزمة - الربيع العربي أعاد بعض البلدان إلى مرحلة ما قبل بناء الدولة - لن يكون هناك رجل إجماع في الأفلان - رفضت الاستقالة حتى لا يقال أنني سبب أزمة الأفلان - مطالب الجنوب مشروعة - بوحارة تراجع من مطالبتي بالاستقالة كشف الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد العزيز بلخادم، في هذا الحوار الذي خص به “الجزائر نيوز"، النقاب عن عدة ملفات تخص الحزب وأخرى تتعلق بالوضع العام للبلاد. يعيش الأفلان منذ أكثر من شهرين بدون أمين عام، هل هذا يعني أنه لا يوجد في الحزب من يمكنه خلافتكم؟ لا يمكن أن يَعقم حزب جبهة التحرير الوطني ويعجز عن إنجاب الإطارات، فهم موجودون وبالإمكان استخلاف الأمين العام عن طريق الصندوق، ولكن الإشكال المطروح هو أن أعضاء في اللجنة المركزية لا يريدون الاحتكام إلى الصندوق لتمكين أعضاء اللجنة من الاختيار بين المرشحين لهذا المنصب. وسهل على اللجنة المركزية أن تشكل لجنة الترشيح وأن تحدد تاريخ انعقاد الدورة الطارئة، وأن تبرمج التصويت السري لاختيار الأمين العام للحزب. هل آلية الصندوق كانت من اقتراحكم؟ كلهم يرفضون الصندوق، والقانون الأساسي يتحدث عن الانتخاب، والمادة التاسعة من النظام الداخلي للجنة المركزية تقول إنه في حالة شغور منصب الأمين العام يُدعى أكبر أعضاء المكتب السياسي بمعية أصغرهم سنا، إلى عقد دورة طارئة من أجل انتخاب الأمين العام بتحديد الكيفية، إما بالتزكية أوباللجوء إلى الاقتراع. وأنا مازلت أؤمن أنه ليس هناك رجل إجماع، سواء في السابق أو مستقبلا، فلكل واحد من يسانده ومن يعارضه أو يتحفظ عليه، وهو ما يحصل في الحزب. وحتى نخرج من هذا المأزق يجب أن نترك المجال للترشيحات ثم يختار أعضاء اللجنة المركزية الرجل المناسب من بين المترشحين، وأحسن طريقة هي الاقتراع السري. هل هناك من يدفع الأفلان نحو الانسداد (من داخل الأفلان)؟ الأمر مؤكد، لأنه لا يوجد ما يمنع انتخاب أمين عام جديد. إذا كانت المشكلة هي بلخادم فقد تمت تنحيته ولو بفارق قليل من الأصوات، وهو أربعة أصوات. لماذا تعطل استخلافه؟ بعض التبريرات تذهب إلى استشارة رئيس الحزب، ولكن لا أعتقد أن هذه الخطوة ستستهلك أكثر من شهر. هناك من يعمل على تمديد الأزمة حتى يضمن لنفسه شيئا من التأييد، فكلما ظهر اسم أعقبه ظهور اسم ثانٍ وثالث ورابع، وإذا استمرت هذه العملية لن تعقد دورة اللجنة المركزية، ولهذا لابد من الحسم وفتح المجال لمن يرغب في الترشح، وكل أعضاء اللجنة المركزية لهم الحق في ذلك. هناك من يقول إن طموحكم الشخصي لخوض الرئاسيات كان سببا مباشرا في سحب الثقة منكم، ما تعليقكم؟ طبعا هم لم يتركوا سببا لم يذكروه، وهذا أحد الأسباب. كنت واضحا قبل الدورة وبعدها، وحتى الآن مازلت أؤكد أنه إذا كان الرئيس سيترشح للرئاسيات انتهى الإشكال، لأنه هو رئيس الحزب، وهذا هو التقليد في كل الأحزاب، وإذا كان الرئيس غير مترشح فإن القانون وضع آلية واضحة في مادة من مواده، تقول إن اللجنة المركزية هي من تزكي مرشح الحزب للرئاسة، ومعناه عندما يحين الوقت ويقرر الرئيس عدم الترشح وقتها يطرح الموضوع على اللجنة للمركزية للفصل فيه وتقرر من تزكيه للرئاسيات. ولكن هذا الموضوع أثير لمجرد البحث عن ذريعة لإسقاط بلخادم. هل أنتم ممن يربطون ترشح الرئيس لعهدة رابعة بمشاريع وطنية يستدعي استكمالها بقاؤه في الحكم؟ أنا أقول إن الرئيس عندما ترشح لأول مرة في 1999 وعد بثلاثة أشياء هي: تحقيق المصالحة وإرجاع الجزائر إلى مكانتها بين الأمم وبعث التنمية في البلاد. والوعود الثلاثة تحققت لكن نسبيا، فالحمد لله، نحن ننعم اليوم بالأمن والاستقرار، وعادت الجزائر للمحافل الدولية وأصبحت دبلوماسيتها تُشرك في القضايا الإقليمية والجهوية وتستقبل رؤساء الدول ورئيس الجمهورية يُستقبل في الخارج. وبالنسبة للتنمية فالجزائر مازالت ورشة كبيرة مفتوحة وكل المشاريع بحاجة لاستكمال. المصالحة تستدعي مواصلة الجهد، وبعث التنمية يتطلب كذلك المواصلة لأننا بحاجة إلى مزيد من مناصب الشغل والسكنات لتحقيق توازن جهوي في التنمية. وفيما يخص إعادة الجزائر إلى المحافل الدولية فرغم أن صوت الجزائر أصبح مسموعا إلا أن المستجدات في الساحة الإقليمية والدولية تستدعي حضور أقوى للدبلوماسية الجزائرية دوليا. وبالتالي إذا كان الرئيس يرغب في الاستمرار لتحقيق هذه الأهداف فليترك الأمر له وللشعب. هل تقصدون بهذا الكلام ضرورة استمرار رئيس الجمهورية لعهدة رئاسية رابعة لتحيقق ما تبقى؟ لا، هذه القضية مربوطة بالشخص نفسه وليس بالآخرين، لأن الأمر يتعلق برئيس الجمهورية وإذا رغب في الترشح فهو سيد قراره، وتبقى بعد ذلك قضية الشعب، لأنه أيضا سيد قراره واختياره. هل تعتقدون أن تعديل الدستور هذه المرة لن يكون مرتبطا بتعديل العهدات؟ بالنسبة لي موقفي معروف، فمنذ منتصف العشرية الماضية 2005 - 2010، أطالب بتعديل معمق للدستور، لأن دستور 1996 وضع في ظرف مختلف وتغيّر، لذلك ينبغي أن يواكب الوضع عبر إعادة النظر فيه، ويشمل جوانب عديدة منها منظومة الحكم والصلاحيات والحريات والرقابة.. وبالنسبة إلى منظومة الحكم، وفي انتظار أن تسود ثقافة الانتخاب على أساس حزبي وليس على أساس قبلي أو جهوي، فلا بد من الإبقاء على النظام الرئاسي إلى أن تتجسد الثقافة الديمقراطية التي تسمح للبرلمان بالقيام بصلاحياته وأن تشكل الحكومة على أساس الأغلبية البرلمانية، وتمكين البرلمان من مساءلة الحكومة، وأن يعبر البرلمان حقيقة عن انشغالات المواطن، وتكون له إمكانية خلق لجان التحقيق والاستماع الدوري للمسؤولين من أجل مراقبة نشاطهم. وينبغي أن تسود ثقافة تكليف المسؤول بتحديد الأهداف من أجل التقييم والمراقبة، سواء تعلق الأمر برئيس الدائرة أو الوزير، وهكذا ندخل في التسيير الجاد والممارسة الديمقراطية مع دستور يثبت الرقابة. أما عن قضية الصلاحيات بين رئيس الجمهورية والوزير الأول، فلابد أن تحدد دستوريا، ثم ينبغي التفصيل في الحريات الفردية والجماعية، كحرية التعبير وحرمة المنزل والاجتماع، والاتصالات بالهاتف.. حتى إذا اقتضى الأمر أن يزيد عدد هذه المواد عن 20 أو 30 مادة، ولكن لابد من تحديدها في الدستور. وعن قناعتي حول مسألة التعديل، أعتقد أن التعديل المقبل لن يكون بهذا العمق، بالنظر ربما إلى اقتناع البعض أن الدستور الحالي مازال يغطي كل هذه الاهتمامات، أوبالنظر إلى قصر المدة الزمنية التي لا تسمح باستشارة واسعة للأحزاب والحركة الجمعوية ولكل من يهمه الجانب الدستوري للبلاد، لأننا الآن في شهر أفريل ولم يعد يفصلنا عن موعد الرئاسيات إلا سنة واحدة، وإذا أنقصنا مدة 3 أشهر من السنة التي تخصص للحملة الانتخابية واستدعاء الهيئة الناخبة، فإنه لن يبقى إلا حوالي 8 أشهر، وهي مدة غير كافية لإجراء تعديل معمق وإعادة النظر في الصلاحيات، الذي يتطلب استفتاء شعبيا ويستدعي بدوره استدعاء الهيئة الناخبة وإجراء حملة انتخابية بشأنه، لذلك فأغلب الظن أنه سيتم الاكتفاء بإجراء تعديل خفيف ويكتفى ببلورة صياغة تمهيدية خاصة. وكانت الأحزاب قد أبدت رأيها بهذا الخصوص إلى اللجنة التي ترأسها عبد القادر بن صالح والاستشارات التي أشرف عليها الوزير الأول عبد المالك سلال. ما هي نوايا رئيس الجمهورية بشأن مضمون تعديل الدستور، في رأيكم؟ حسب تصريح الوزير الأول، وأكيد هو يتحدث بإيعاز وتعليمات من رئيس الجمهورية، فهو يقول إنه باستثناء الثوابت الوطنية والقيم، فلا شيء سيحد من التعديلات، ومعناه أن الأمر متروك للجنة للاجتهاد في تقديم اقتراحات التعديل، وبالتالي فإن هذا الأمر إذا أعطي له الوقت الكافي سيتطلب أمرين، الأول هو مصادقة البرلمان والثاني الاستفتاء الشعبي، ومصادقة البرلمان بالتركيبة الموجودة حاليا، ستسمح لنا بإثراء النقاش. أما الاستفتاء الشعبي فيكون مسبوقا بحملة ويخلق حراكا سياسيا ويحق للطبقة السياسية التعبير عن رأيها، فمن حيث المشاركة في التعديل الدستوري مضمونة، بقي فقط التأكد إذا كان الوقت كافيا لذلك أم لا، رغم أننا على يقين أن الحدود الزمنية لا تسمح بتحقيق الأمر. هل الأفلان، بوضعه الحالي، قادر على تزكية مشروع التعديل في البرلمان؟ أنا اقترحت في جدول أعمال دورة اللجنة المركزية التي سحبت فيها مني الثقة، جدول أعمال الاجتماع، من بين بنوده مناقشة تعديلات الدستور التي تحتاج إلى تحيين وميزانية الحزب، ولكن للأسف بمجرد سحب الثقة مني انسحب الذين حققوا أغراضهم من القاعة ورفعت الأشغال في اليوم الثاني من سحب الثقة، وبقي الحزب بدون رأس دون دراسة الموضوع. ولكن من حسن الحظ أنني نصبت لجنة لتعديل الدستور منذ سنوات، والمسودة التي كانت مبرمجة لعرضها على أعضاء اللجنة المركزية في حال تثبيت الثقة في، سلمتها إلى الوزير الأول عندما استقبلنا في إطار استشارته للأحزاب، وقد اطلع عليها رئيس الجمهورية، طبعا باعتباره الرئيس الشرفي للحزب، وهي تحتاج للاستكمال بالنسبة مثلا ل«التجوال السياسي" التي لم تسجل في مسودة الأفلان. ومن وجهة نظري لابد أن يمنع “التجوال السياسي" في الدستور، لابد أن تشمل التعديلات توسيع صلاحيات البرلمان وإعطاء مجلس الأمة التشريع في قضايا تهم الجماعات المحلية وأن توسع الحريات الفردية والجماعية، وتذهب في تفصيل شرح هذه الحريات وتعمل على تحديد توزيع المهام بين رئيس الجمهورية والوزير الأول، وأن تفرض بابا كاملا للرقابة من أجل تمكين الناس من الرقابة سواء سياسية أومؤسساتية أو أمنية أو شعبية، وهذه الأمور يفترض على اللجنة المركزية مناقشتها وتقدم للجنة. هل أنتم مع منصب نائب رئيس الجمهورية؟ طرح عليّ هذا السؤال مرتين وكان جوابي واضحا، إذا أراد الشعب الجزائري أن يعطي مشروعية أكبر لنائب الرئيس ينبغي أن يقترح عند الترشح اسم الرئيس واسم نائبه وهكذا قد يكون تحصل على شرعيته وشعبيته، والطريقة الثانية هي أن يعين رئيس الجمهورية نائبا بصلاحيات موجودة في الدستور، وهذا الأمر غير مطروح الآن. هل تتوقع أن البرلمان بتركيبته الحالية سيزكي التعديلات؟ نعم، أنا على قناعة أن البرلمان سيزكي تعديلات الدستور. قلتم إن وزراء في الحزب “خانوا ثقتكم" برغم أنك أنتم من زكاهم؟ من صوت لسحب الثقة عددهم 160 صوت، ومن صوت على التمديد 156، وفارق الأصوات في الحقيقة صوتان فقط، لأن إثنين لم يصوتا. وأنا عندما قلت إن الوزراء أعضاء المكتب السياسي صوتوا لصالح سحب الثقة مني بالرغم من أننا اشتغلنا مع بعضنا كل هذه الفترة، ولم يتخلف أحد منهم عن مهامه إلى غاية 15 يوما قبل انعقاد دورة اللجنة المركزية، معناه أنه منذ المؤتمر التاسع المنعقد في مارس 2010 ونحن نشتغل مع بعض في كل شيء، بدءا بوضع البيانات المعلنة باسم المكتب السياسي ورسائله إلى غاية قائمة الترشيح التي زكوها ولا شيء تم في غيابهم، ونحن مسؤولون مع بعض عن كل شيء، وأنا على هذا الأساس تحدثت عن الغدر. لماذا يغدرونك؟ لا أعرف، عليكم أن توجهوا إليهم السؤال، ولو كان الأمر فيه خلاف فكري أو بشأن تسييري لكان له مبرر، أما أن نعمل سويا طوال هذه المدة ويخرجوا ببيان أول وثانٍ فيه اتهامات خطيرة لي.. وأني أدخلت الحزب “في حيط" فهو ما لم أفهمه. وإذا كان بلخادم لا يعجبهم فليأتوا بأمين عام جديد ولا يتركوا الجبهة في مأزق. سمعتهم، أمس، يردون علي القول “أنت لست ضمير الحزب"، أنا لا أدعي أنني ضمير الحزب لكن أنا مسؤول باعتباري عضوا في اللجنة المركزية ولا أرضى أن يبقى حزبي غائبا عن الساحة السياسية في وقت تحتاج بلادي لأكبر حزب يملك الغالبية في البرلمان بغرفتيه، وفي الحكومة، وفي المجالس المنتخبة، خاصة أن البلاد تعيش احتجاجات في كل القطاعات الصحة، التربية، التعليم العالي، وفي الإدارة العمومية.. وهناك حراك اجتماعي في الجنوب وحرب في شمال مالي، وهناك وضع في محيطنا الجهوي لا يسمح لأكبر حزب في البلد أن يكون بلا رأس، وبالتالي أنا أقول لهم يا جماعة لم ترضوا ببلخادم فليكن، ولكن الحمد لله هناك 330 عضو باللجنة مركزية اختاروا واحدا منهم ولا تتركوا الجبهة بلا رأس!. هل ترغبون في العودة إلى الترشح من جديد للمنصب؟ ليس لدي حزب آخر ولن أغادر الأفلان، عندما ألتقي بالمناضلين في الشارع لا ينادونني إلا بالأمين العام للأفلان، وأكثر من ذلك ذهبت أمس إلى مستشفى بني مسوس لإجراء فحوصات طبية اعترض طريقي مريض كان فاقدا للصوت، تقدم آليا لمصافحتي وطلب مني بالإشارة العودة إلى رئاسة الأفلان، وعندما تنقلت إلى مستشفى عين النعجة التقيت بسيدة كانت رفقة ابنتها وبمجرد أن اقتربت مني لتصافحني ذرفت الدموع حرصا على الجبهة، وهذا معناه أن هناك من يكنّ الحب للجبهة في أوساط المواطنين، وبالتالي فلا يحق للقياديين أن يبقوا الجبهة في أزمة. هل صحيح ما يقال حول أنكم عقدتم صفقة مع صالح ڤوجيل قبل إعداد قائمة التشريعيات، ما جعله يدير ظهره للتقويميين؟ لا، أنا أحترم السيد ڤوجيل، فهو مناضل ومجاهد وكان مسؤولا في الحزب قبلي، والرجل تهمه مصلحة الحزب، ربما سبب إدارة ظهره للمعارضين لي عندما رأى بعض السلوكات الصادرة عنهم، والتي لا تمت بصلة إلى خدمة الأفلان، وأنا أعترف له بتفضيله لمصلحة الحزب على أي اعتبار آخر. لو بقي السيد بوحارة حيا، هل كنت ستعطيه صوتك للترشح لخلافتكم؟ أنا التقيت بالسيد بوحارة رحمه الله أسبوعا قبل وفاته، وما دار بيني وبينه لابد أن يعرفه الجميع، لأن هناك من يحسنون التقلب في مواقفهم وأقصد بهم ثلاثة أعضاء في المكتب السياسي الموجودين في الحكومة، وهم معروفون، أحدهم قال لي “ولو يفرض علينا بوحارة" ولم يكمل جملته، حتى نطق الثاني “وهل تعطينا ضمانات على أن لا يفرضوه علينا"، قالوها بهذه العبارات، وهم من صوتوا ضدي وأنا سبق وذكرتهم بالاسم، وأجبتهم أن اللجنة المركزية هي السيدة وقلت “أنا اليوم عندي موعد مع السيد بوحارة"، وبالفعل كان عندي موعد معه، حيث كنت أتحدث إلى الوزراء الثلاث في حدود الساعة الحادية عشر والربع، وكان لديّ لقاء مع المرحوم في الساعة الحادية عشر من نفس اليوم، أي الخميس قبل تاريخ دورة اللجنة المركزية بأسبوع، وعندما أنهيت الحديث معهم تنقلت إلى بيت بوحارة وتحدثنا مطولا، حيث طرح علي الرجل أفكاره التي اعتاد عرضها في كل اجتماع للجنة المركزية، وقلت له أنا موافق على كل شيء ماعدا 3 أمور، أولها أنكم تقولون إن الحزب خسر في الاستحقاقات، وهذا غير صحيح، بدليل ما جاء في إحصائيات وزارة الداخلية، حيث فاز الحزب ب 220 مقعد في المجلس الشعبي الوطني، وفاز في 43 مجلسا ولائيا وتحصل على 1031 مجلس بلدي، وبالتالي غير صحيح ما تقولونه. الأمر الثاني طالبتم باستدعاء مؤتمر استثنائي وهذا ليس من صلاحياتي بل من صلاحيات رئيس الجمهورية، وثالثا أعضاء اللجنة المركزية. أما الأمر الثالث الذي طالبتم به، فهو أن أقدم استقالتي في دورة اللجنة المركزية، وهو ما رفضته لأنني أصر على عرض الأمر للتصويت أثناء الدورة. وباستثناء هذه الأمور أنا أوافق على كل ما جاء في الوثيقة التي طلب منه أن يسلمها لي يوم الأحد، وبالفعل أرسلها لي في نفس اليوم مع تغيير بسيط، هو أنه لم يعد يتحدث عن مطلب استدعاء مؤتمر استثنائي، وأصبح يتحدث عن عقد جلسات وطنية. وللأمانة قال لي “هم ما طالبينيش باش نكون أمين عام وما رانيش نحوس نكون على رأس المنصب"، وهذا معناه أن بوحارة كان وقتها لم يقرر الترشح لخلافتي عندما التقيت به قبل سحب الثقة مني بأسبوع، وربما قرر ذلك بعدما سحبت مني الثقة، الله أعلم. أمام إصرار الطرفين على موقفهما واستمرار الأزمة في الأفلان، لماذا لم يتدخل الرئيس الشرفي للحزب في الأمر؟ طبعا رئيس الجمهورية له صلاحيات استدعاء دورة اللجنة المركزية، وعن نفسي أنا أرفض أن يتم إقحام رئيس الجمهورية في قضايا خلافية بين أعضاء اللجنة المركزية، لأنه لا يصح أن أقحمه في الحزب وهو رئيس الجمهورية، لأنه إذا اتخذ موقفا لصالحي فمعناه أنه سيكون ضد مجموعة وإذا أخذ موقفا ضدي فسيكون ضد المجموعة التي تساندني، وأنا جنبت رئيس الجمهورية هذا الأمر. وهو ترك الأمر لأعضاء اللجنة المركزية وسحبوا مني الثقة بأربعة أصوات فقط، وعليهم أن يتموا الأمر بنفس الطريقة لانتخاب أمين عام. هل أثر ما حدث في الأفلان على علاقتكم بالرئيس، وهل أنتم على اتصال به؟ علاقتي برئيس الجمهورية لم تتغير، وهم يقولون أي شيء ولم يكتفوا بهذا، فقد قالوا أكثر من ذلك، وإن كنت على اتصال به فهذا أمر يخص علاقة بيني وبين مؤسسة دستورية وهو رئيس الجمهورية، وهي ليست مجالا للتعامل الإعلامي، لذلك أرفض الحديث عن هذه الأمور والشيء الأكيد أن علاقتي بالرئيس لم يتغير فيها شيء. هناك من يدعوكم للاعتراف بمسؤوليتكم عن الوضع الحالي في الأفلان؟ لا بالعكس، لو قدمت استقالتي سأكون مسؤولا عن الوضع وكل تبعات الاستقالة تقع على مسؤوليتي، لذلك رفضت الاستقالة وذهبت إلى تحميل أعضاء اللجنة المركزية مسؤولية سحب أو تجديد الثقة، وأنا كنت حريصا على تعيين الأمين العام بعد سحب الثقة مني. ما هو موقفكم من الحراك الاجتماعي الدائر في الجنوب؟ مطالبهم ليست جديدة، وكان لابد من العمل على الحد من الاحتقان الموجود بإجراء عملية فحص دقيق لوضعية التشغيل بالجنوب، ولابد من الشروع في تحقيق مطالبهم، لأن مطالبتهم بمشاريع إضافية في السكن مشروعة، ومشكل العقار غير مطروح بالجنوب. وما قامت به الحكومة هي اجتهادات، وهذه الأخيرة لابد لها أن لا تكون متأثرة بالاستعجال الذي يدفع إلى الارتجال، لأن نتائجه دائما وخيمة. كيف تنظرون إلى فضائح الفساد التي تشهدها الجزائر؟ عملية محاربة الفساد يجب أن تتم على مدار السنة، بل على مدار العمر، ولا ينتظر تحريك هذه الملفات قبيل كل انتخابات رئاسية. لاحظوا أنه في 2003 قبيل الرئاسيات بعام خرجت فضيحة الخليفة وفي 2008 خرجت فضيحة سوناطراك 1، وفي 2012 خرجت فضيحة سوناطراك 2، ينبغي محاربة الفساد على مدار أيام السنة، وليست في أوقات معينة. ما تعليقكم على دعوة القرضاوي لشبان الجنوب للانتفاضة؟ لم أسمع بهذا الكلام، وأي دعوة للفتنة مرفوضة سواء جاءت من داعية أومن غيره، والفتنة النائمة لعنة الله على موقدها، مهما كان مصدر صاحب هذا الكلام. يقال إنكم طلبتم من طليقة القرضاوي العودة إلى أرض الوطن مقابل منحها منصبا في السلطة؟ وهل أملك هذه القدرة؟ هذا كلام فارغ ولا أساس له من الصحة، والسيدة مرشحة في ولاية الجزائر العاصمة وتحمل دكتوراه وهي أستاذة جامعية، وبالعكس لابد من العمل على إبراز الكفاءات سواء بالنسبة لها أو لغيرها. كيف وجدتم خرجة عمارة بن يونس التي قيل إنه تراجع من خلالها عن مساندته لرئيس الجمهورية لعهدة رابعة؟ تابعت تصريحات عمارة بن يونس ولا أعتبره تراجعا عن موقفه، وهو محق في رأيه باعتباره رئيس حزب ويعي ما يفعل، وما قاله هو أن هذه القضية تخص رئيس الجمهورية وحده، وكلام الآخرين كلام فارغ. هل تتوقعون إعلان رئيس الجمهورية الترشح لعهدة رابعة؟ حسب معرفتي بالرئيس فإنه لن يقرر شيئا قبل أوانه، أي أنه يفضل أن تصل الآجال القانونية للإعلان عن قراره سواء بالترشح أم لا؟ وقد يكون ذلك في نهاية السنة الجارية، لأن إعلان الترشح سيكون قبل استدعاء الهيئة الناخبة ب 15 يوما. هل صحة الرئيس تسمح له بالترشح، في رأيكم؟ الحمد لله، ما نراه من نشاط لرئيس الجمهورية يجعلنا نطمئن على صحته، والأعمار بيد الله، لا ندري إن كان المعافى هو الذي يسبق أم المريض؟ ما رأيكم في ما يحدث بالدول العربية؟ أنا أرفض كلمة الربيع العربي، لأنه مصطلح مسوق إلينا، مثل ما سوق عنا من مصطلحات في 1990 حول الوصولية والتطرف. فأول ما سمعنا بكلمة “الربيع" في 1968 فيما يسمى “بربيع برانك" بتشيكوسلوفاكيا ضد الاتحاد السوفياتي، ويتحدثون، اليوم عن “الربيع العربي" بإسقاط ذلك الربيع على الدول العربية. والربيع فرح وليس دم ودمار وحصار وقلة أمان، وما نلاحظه في كل الدول التي سميت بدول الربيع العربي أنها لا تعيش حالة وفاق واستقرار، وطبعا نحن نتمنى أن تخرج من محنتها، وما كان يسوق هو إسقاط للديكتاتوريات، وما نلاحظه الآن أنها انتقلت من حالة الدولة إلى ما قبل الدولة، سواء باسم العشيرة أوالدين، وهو ما يجري بمصر وليبيا واليمن وسوريا وقبلها العراق. طبعا الشعوب حرة في اختيار حكامها، لكن البارحة مرت الذكرى العاشرة لتدخل القوات الأمريكية في العراق، وقبل الغزو كان يرفع شعار أن النظام العراقي يملك سلاح دمار شامل واتضح أن كل هذا مجرد افتراء وكذبة من بوش وتوني بلير وبرلسكوني والوزير الأول الإسباني، وهذه الكذبة ولّدت أكاذيب، وقيل إن العراق سيكون نموذجا في الديمقراطية في الشرق الأوسط الجديد، وما نلاحظ، اليوم، لا ديمقراطية ولا حرية، بل تجزئة ودمار. يعاب على مواقف الدبلوماسية الجزائرية عدم الوضوح، ما تعليقكم على الأمر؟ لابد من تثمين الموقف الجزائري الرافض للتدخل العسكري بمالي وسوريا وليبيا، وينبغي أن نثمن تحفظها على عدم إعطاء مقعد سوريا للمعارضة في الجامعة العربية التي تتكون من دول وليس من معارضة، ولو أعطيت المعارضة مقعدا فالباب سيفتح أمام معارضة كل الدول الأعضاء في الجامعة العربية للمطالبة بمقاعد. شخصيا أرى أن موقف الجزائر سليم مائة بالمائة، طبعا أحيانا لا نجد تفسيرا له بالنظر إلى حرج الجزائر، مثل التدخل العسكري الفرنسي بمالي الذي كانت ضده لكن مجلس الأمن أعطى الغطاء لفرنسا للتدخل، والجزائر كعضوة بالأممالمتحدة لا يمكنها إلا أن تلتزم بالشرعية الدولية، وهذا الأمر يستدعي أخذ الحذر والحيطة أكثر من أي وقت مضى، لأن التركيبة البشرية لسكان شمال مالي هي نفسها بالجنوب الجزائري، نفس القبيلة ويجمع بينها صلة قرابة ومصاهرة، وبالتالي فإن سفك الدماء بمالي لا يخدم - على الإطلاق - لا استقرار مالي ولا الجزائر. هل تتوقعون مطالبة السلطات الليبية بليبيين من غير عائلة القذافي؟ ينبغي أن يدرك الناس من خلال تجربة العراق أنها تجربة فاشلة، فاجتثاث البعثيين تراجع، ولا يجب أن تتكرر التجربة في ليبيا أو في غيرها. ثم إن الجزائر بلد سيد وهو يتصرف بحكم ما يراه ضامنا للحرية. ما مصير نادي رجال الأعمال؟ من كان ينشط الأمر هو عضو المكتب السياسي، فيلالي، الذي توفي، وأقول إن إنشاء مثل هذا الأمر ليس خطيئة، لأن الخطيئة تكون عندما يستغل رجل الأعمال ماله للرشوة من أجل الحصول على أمر له أو لعائلته أو لمنع شخص من الحصول على حقه. لذلك إذا كان لديهم ما يثبت ما يتهمونني به فليقدمونه إلى العدالة، وأنا كذلك يمكنني أن أتابعهم قضائيا على القذف والتهم التي وجهوها إلي، حتى أنه سبق لأحدهم أن ذكر في أحد المجالس بأنني عندما كنت رئيس حكومة تنازلت لصهري على فندق! اتهمتم بعدم تقديمكم التقرير المالي للحزب، ما تعليقكم على هذا؟ لمن أقدمه؟ فالحزب في أزمة رغم أنني برمجت في جدول أعمال دورة اللجنة المركزية ميزانية الحزب، ولم يعملوا بالبرنامج، والوثائق المتعلقة بهذا الأمر موجودة في الحزب، حاليا، الخاصة بسنوات 2007 إلى غاية 2012، وكل الوثائق ترسل سنويا نسخة منها إلى وزاراتي الداخلية والمالية. شبان الحزب الذين ينشطون عبر الفايس بوك، يقولون إنك لم تسوي وضعيتهم مع الإدارة؟ كانوا يشتغلون بصفة تطوعية في أوقات فراغهم لخدمة الحزب بمبادرة منهم، لم يكن هناك اتفاق آخر. هل صحيح أنكم ستغادرون البلاد للإقامة بالسعودية؟ هل أنا منفي حتى أغادر بلادي؟! أم أنه حتى وجودي في الجزائر أصبح ثقيلا على البعض، ليست لدي جنسية أخرى غير الجنسية الجزائرية عكس البعض، وليس لي بلد آخر غير الجزائر وأنا باقٍ في بلادي، وإذا كانوا يريدون منصب الأمين العام فقد أخذوه. كيف يقضي بلخادم يومياته بعد مغادرة منصبه؟ ألتقي مع الأصدقاء والأحباب، وعدت إلى المطالعة والقراءة. وهل تعتزمون كتابة مذكرتكم؟ إذا كتب ربي سأقوم بذلك، لكن الآن لا أنوي شيئا، مازلت مشغولا بما يجري حولي سواء داخل الحزب أو خارجه. ما رد فعل عائلتكم بعد تنحيكم من على رأس الأفلان؟ قلت إنني عندما رجعت إلى البيت بعد سحب الثقة مني سمعت وأنا في الخارج زغاريد بناتي وزوجتي، وذلك فرحا بعودة الأب والزوج إليهم.